قد تبدو الاتصالات التي كشفت عنها الادارة الامريكية مع الإخوان المسلمين في مصر ما هي الا اعتراف ضمني من امريكا بقوة الإخوان في مصر من الناحية التنظيمية، وانها القوة السياسية الوحيدة في مصر لها القدرة على تنظيم الشعب والدفع به الى المشاركة السياسية، وأن النتائج قبل الاخيرة للانتخابات في مصر كشفت قوة الجماعة داخل المجتمع المصري، الامر الذي جعل النظام المصري يجتهد اكثر ويقلل من قوة الإخوان المسلمين التي دخلت البرلمان في تلك الانتخابات التي بلغت حوالي «80» نائبا برلمانيا، وشكلت قوة تشريعية كبيرة ظهر اداؤها داخل البرلمان، وبوصفها قوة داخل المجتمع المصري من خلال العمل الاجتماعي والخيري، ومن خلال العمل الاقتصادي والاستثماري الذي مكن الجماعة من اداء عملها بتلك الصورة التي أزعجت النظام وامريكا من خلفه من هذا الخطر الذي يتهدد السياسات المصرية والامريكية في المنطقة. إن امريكا تعرف قوة الاسلاميين اينما كانوا، واتعبوا الادارات الامريكية المتعاقبة، وشكلوا هاجسا لها لم ينته بعد، ففي السودان عطلوا المخططات الغربية في القارة الأفريقية ومن خلفها المخططات الصهيونية المرتبطة بالمياه، وفي أفغانستان كلفوا الخزينة الامريكية الكثير من الأموال دون يحققوا الهدف المطلوب في معركة امتدت عشر سنوات، وفي الصومال لاحقوا حكومة المحاكم الاسلامية بقوات إثيوبية، ونقلوا المعارك الى خانة اخرى، اما في ايران ولبنان فقد كان الاسلاميون هم الخطر الداهم الذي لم تستطع الادارات الامريكية المتعاقبة اضعافه فضلاً عن القضاء عليه. وهكذا رأت الإدارة الامريكية أن الاتصال بجماعة الاخوان المسلمين في مصر امر تحتمه التطورات الاخيرة التي شهدتها المنطقة العربية، ومن بينها مصر التي ستشهد وضعا سياسيا مختلفا بعد رحيل الرئيس حسني مبارك أكبر حليف للغرب في المنطقة، وأن أمريكا تعلم أن الانتخابات لو جرت في مصر مبكراً فإن الجماعة ستكتسحها باكثر من «60%»، وان هذه القوة التشريعية يمكن أن تغير كثيراً من القوانين والتشريعات التي تصب في غير مصلحة الولاياتالمتحدة واسرائيل. ولهذه الاسباب وغيرها تجيء هذه الاتصالات مع جماعة الإخوان المسلمين لمعرفة افضل الطرق للحد من خطرها والسيطرة عليها، خاصة ان جماعة الاخوان في مصر لها تأثير على كل الحركات الاسلامية في المنطقة العربية الإسلامية. فاذا كان الإخوان يرفعون شعار «الإسلام هو الحل» فإن أمريكا ترفع شعار «إبعاد الإسلاميين هو الحل».