٭ صديقي الأستاذ سعد الدين ابراهيم الصحفي المعتَّق والشاعر المرهف وجد نفسه بعد «مقدمات» كان لابد أن تُفضي إلى المحاكمة كنتيجة منطقية وهي «الادانة» أمام المحكمة، ومع وافر احترامنا للقضاء السوداني الحر النزيه، إلا أن رئيس تحرير جريدة الجريدة لا يستاهل تلك العقوبة.. فالادانة وحدها كانت كافية لأن عبء الاثبات قد وقع على الصحيفة وبعيداً عن المتاهات القانونية فانَّ الحق حق.. وجهاز الأمن والمخابرات الوطني ليس فوق القانون لكنه غير مجبر كذلك على تحمُّل الاهانات والافتراءات التي تصُّب عليه بغير دليل.. والقضاء هو الفيصل.. لكن إرثنا «الذي أصبح مادة تدرَّس في أعرق الجامعات الامريكية وأولها جامعة هارفاد» في الجوديَّة وحل النزاعات خارج قاعات المحاكم هو الأولى بالاتِّباع.. السجن عقوبة مهينة «ولا حق الرجال ولا حاجة!! دي كلام همباتة ساكت، لكن محكمة سعد الدين جعلته عقوبة بديلة للغرامة والتي هي العقوبة الأصلية وقد اختارت «صحيفتنا هذه» عنواناً مثيراً في صفحتها الأولى يُقرأ «السجن لفاطمة غزالي!!» وفي متن الخبر نقرأ «.... وقضت المحكمة على رئيسة القسم السياسي بالصحيفة بالغرامة مبلغ «2000ج» وبالعدم السجن لمدة شهر.. ويقول بقية الخبر عن لسان محامي الدفاع «ان موكلته خُيِّرت بين الغرامة والسجن وأنها قررت دخول السجن!!» إذن فالأمانة الصحفية وأمانة النقل كانت تقتضي بأن يُقال في العنوان فاطمة غزالي.. تقرر أو تفضل أو تختار دخول السجن شهراً فالمحكمة حكمت عليها بالغرامة وليس بالسجن بغير التباس أو جمع بين العقوبتين.. فإذا ما دُفعت الغرامة بواسطة المدانة أو أي شخص طبيعي أو اعتباري فان ادارة السجن لن تقبل بفاطمة غزالي نزيلة لديها.. وان رغبت أو قررت أو فضَّلت. أن تقبع في السجن «جلباً للزِّيط» أو تنفيذاً لحيثيات لا نعلمها!! أو إحراجاً للنظام الذي لا يتحرج من تطبيق القوانين السارية وإن شابتها العيوب حتى تعدَّل أو تلغى.. ولست سعيداً بإدانة «الصحفية فاطمة» ليس لكونها زميلة ولكن لكونها «امرأة» تحتم علينا قيمنا وأخلاقنا أن نتجاوز عنها ونعفو ونصفح، ألا تحبون أن يغفر الله لكم.. خاصة العفو عند المقدرة.. وقد قدرتم بالقانون والخطاب لجهاز الأمن والمخابرات.. ٭ ولا يحتاج المرء «لتشغيل مُخُّو» لكي يدرك «المزايدات» المقصودة من إبراز الخبر بهذه الطريقة المجافية للحقيقة بقصد الاثارة وخلق بطولات زائفة.. فالمرء مخبوءٌ تحت لسانه.. ومن يتصدى للعمل العام عليه أن يستعد لتحمل الضريبة.. ومن يتهم الناس عليه يقع عبء الاثبات فالبيِّنة على من إدعى... وغير بعيد عن الأذهان والآذان كلام السيد الرئيس عن الصحافي الذي تحدث كثيراً عن الفساد في دولاب الدولة وصوَّب سهام إتهامه لجهة محددة وباصرار شديد فأعتبرته نيابة المال العام «محتسباً» واستدعته لتقديم ما لديه من وثائق تستعين بها النيابة المختصة في توجيه الاتهام لتلك الجهة فاعترف بعدم وجود وثائق لديه.. وانه يستقي معلوماته من الشبكة العنكبوتية!! وصحيفة أخرى ظلَّت تكتب وباصرار عن «فضيحة مسؤول رفيع وفتاتين» فاتضح أن المسؤول الرفيع «موظف صغير» وان القضية التي سمَّتها الصحيفة فضيحة هي «جُنحة» لم تصمد حيثياتها ولا قرائن أحوالها ولا شهودها ولا اجراءاتها الفنية أمام النيابة لتقدمها للمحكمة.. ولم ترقب الصحيفة في المدَّعى عليهم ولا في الجهة الاعتبارية التي يتبعون لها إلاً ولا ذمة.. مع أن القاعدة الذهبية في القانون تقول إن المتهم برئ حتى تثبت إدانته.. وأن الهدى النبوي الكريم يقول «أدرأوا الحدود بالشبهات».. أي شبهات!! لكن الصحيفة تصر على ان المتهم مدان ولو ثبتت براءته.. وأن الشبهات تعضد الادانة بدلاً من أن تدرأها!! ما لكم كيف تحكمون!! ٭ لقد كتبت في هذا الحيز وطرحت سؤالاً «أين فضيلة الستر؟» ولا انتظر جواباً لكني نبَّهت إلى مواطن الخلل في بعض القوانين وتحديداً في قانون النظام العام وربما قانون الصحافة والمطبوعات الذي وقع تحت طائلته الزميل الصديق سعد الدين ابراهيم والزميلة فاطمة غزالي.. فالقوانين من وضع البشر فهي إذن قوانين وضعية وإن تدثر بعضها بثوب الشريعة الإسلامية والإسلام منها براء.. فلا يمكن أن يكون قانون النظام العام مستمداً من الشريعة الإسلامية الغراء التي أفنينا زهرة عمرنا في الدفاع عنها باستماتة.. فهذا قانون معيب نصاً وممارسة فلا ينبغي لنا أن نتوانى في إلغائه كليةً لا تعديل مواده فحسب حتى لا تحشرنا «لبنى» في سراويلها مرة أخرى وأمثال لبنى كُثُر. ٭ حفيت أقدام الرجل حتى يحصل على لقمة عيش شريفة من كدِّه وجهده حتى قبض جنيهاً كاملاً «زمن الشيك أب جمل» فما ان وضعه في جيب الساعة فرحاً.. حتى دخل في مشاجرة مع شخص آخر.. فقدمته الشرطة إلى المحكمة فقال القاضي «حكمت عليك المحكمة بالغرامة واحد جنيه وبالعدم شهر سجن، فردَّ الرجل «خلاص يا مولانا شُفّتَّ أب جمل ده... وأشار إلى جيبه.. على الطلاق ما تضوقه.. شهر سجن. وهذا هو المفروض