السير ديريك بلمبلي ديبلوماسي بريطاني عمل سفيراً لبلاده في عدد من الدول العربية، من بينها القاهرة والرياض، قبل أن يتسلم مهامه قبل ثلاث سنوات، برئاسة مفوضية التقويم والتقدير، والمختصة بمراقبة انفاذ اتفاق نيفاشا، خلفا للنرويجي توم اريك فرالسن. وبعد أن أعلن بلمبلي أمس الأول في مؤتمر صحفي انتهاء مهام المفوضية لتنتقل اختصاصاتها الى منظمة «ايقاد» واللجنة الرفيعة المستوى للاتحاد الافريقي برئاسة ثامبو امبيكي، طلبنا منه، حواراً على انفراد، ووافق على الفور، لكنه طلب وبأدب رفيع الا تطول فترة الحوار نظراً لانشغالاته واستعداده للسفر الى جوبا للمشاركة في احتفالات إعلان الدولة الجديدة اليوم. ٭ بوصفك رئيساً للجنة التي راقبت اتفاق السلام، هل انت راض عن انفاذ الاتفاق بعد ست سنوات؟ - كما تعلم انا تسلمت مهام المفوضية عقب ثلاث سنوات ونصف السنة من بدء تنفيذ الاتفاق بما فيها الفترة الانتقالية الاولى، وحينما تنظر الى سير انفاذ الاتفاقية فإنها استمرت «6» سنوات، وهي فترة ليست قصيرة، كما ان انفاذ الاتفاق مر على عدة مراحل، وكانت هناك قضايا كثيرة، والانجاز فيها كان كبيرا في بنود اتفاق السلطة والثروة والترتيبات الامنية، ونفذ جزء كبير منها باحترافية عالية مثل الاستفتاء، كما أن حكومات وبرلمانات ومجالس تشريعية تشكلت بموجب الاتفاق في الشمال والجنوب، كما اننا يمكن ان نقول ان حكومة كاملة تشكلت في الجنوب سيرت دفة الحكم وفق الاتفاق، واشير هنا الى ان قبول نتجية الاستفتاء في حد ذاته يؤكد ان هناك قيادات رشيدة من الطرفين، واهم انجاز للاتفاق انه انهى حرباً ضروساً امتدت لسنوات، لذا يمكن ان نقول بشكل عام ان هناك رضاءً، والفضل في ذلك يعود لحكمة الرئيسين البشير وسلفا كير. ٭ ولكن ما هي أكبر التحديات التي واجهت المفوضية خلال فترة عملكم؟ - نحن كنا في المفوضية محظوظين، فالمانحون والداعمون الرئيسيون للاتفاق الى جانب الاتحاد الافريقي قدموا نموذجاً في التعاون والتنسيق، كما أن المفوضية بحكم مهامها وتفويضها ليست على عاتقها سوى مراقبة الأطراف وتقديم النصح، لذلك لم تكن هناك صعوبات أو تحديات واجهتنا، وأضيف ان المفوضية نجحت بامتياز في مراقبة إنفاذ الاتفاق والعمليات الكبيرة مثل التعداد، أبيي والاستفتاء، بل اصبحت لدينا خبرة وباع طويل. ٭ ألم تراودك لحظة «زهجة» قررت فيها ترك العمل للمناكفات التي تقع بين الشريكين؟ -«يضحك» لالا أبداً، فكما قلت لك ليس هناك ما يفرض ضغوطا علينا، فنحن فقط نراقب ونقدم النصح، كما أنني لم اواجه أية مشاكل او صعوبات، فالرئاسة كانت متعاونة بصفة لصيقة معنا، ونحن في النهاية نرفع تقاريرنا للرئاسة وللطرفين مع ملاحظاتنا التي كانت تجد في معظمها الأذن الصاغية. ٭ هل ترى أن اتفاق نيفاشا قد أغفل اشياءً كانت ضرورية ولم تتطرق اليها؟ اتفاق نيفاشا بالمناسبة من أكبر واحسن الاتفاقيات ان لم يكن في التاريخ ككل، في القارة، وهو مصدر فخر، وهذه مناسبة نرفع فيها القبعة للوسيط الكيني لازروس سيمبويو الذي سهر كثيراً على انجاز الاتفاق، كما ان الفضل فيه ايضاً يعود للراحل الدكتور قرنق وعلي عثمان محمد طه والمفاوضين من الطرفين، ولكن إن كانت هناك ملاحظة، واعتبرها صغيرة، فهي بعض الغموض الذي اكتنف بروتكول ابيي، فهناك بعض البنود التي كان يجب التركيز فيها. ٭ برأيك القضايا العالقة التي مازالت تحتاج الى حل.. هل يمكن أن تعيد الأطراف الى مربع الحرب؟ - في رأيي لا، فهناك الكثير من القضايا التي تصعبت بين الطرفين من قبل ونجحا في تجاوزها، كما أن الكثير من القضايا المتبقية تم التوصل فيها الى تفاهمات، مثل أبيي والمشورة الشعبية والحدود، ولكن اقول إن الوفاق والارادة السياسية مهمة لتجاوز المتبقي من القضايا الخلافية. ٭ ما هي بنظرك أهم التحديات أمام دولة الجنوب الوليدة؟ أولى التحديات هي قضايا التنمية، فالمنطقة شهدت حروباً ولفترات طويلة، الى جانب القضايا الامنية، فالجنوب يحتاج الى بنيات تحتية ومشاريع تنموية كبيرة لتعوض سنين الحرب، وهذا امر ممكن لانه خلال الست سنوات الماضية تم بناء كافة اجهزة الدولة والحكم، كما ان استقبال واستيعاب العائدين من الشمال يشكل احد التحديات، الى جانب مجابهة الاوضاع الاقتصادية. ٭ ما هي رسالتك للطرفين وأنت تغادر منصبك؟ وصيتي الأولى والأخيرة هي الاستمرار في المحادثات والركون للحوار لتجاوز اي خلاف، فكلكم سودانيون رغم الانفصال، ويجب ان تكون هناك خاصية نموذجية بين الطرفين، فقد تعايشتم لفترات طويلة، ويمكن المحافظة على الايجابيات في العلاقة لتطويرها. ٭ سير ديريك الى اين ستكون وجهتك الاخيرة؟ - إلى لندن وطني، ولكن لي كلمة للشعب السوداني، اقولها بصدقك: انت شعب طيب وواعٍ وأشعر بحزن عميق لفراقكم.. ولكن عزائي أنني ساهمت مع الجميع في اقرار السلام والامن في هذا البلد الطيب، وشكراً لجميع السودانيين.