وهكذا انتهى مسلسل الانفصال اخيرا، بيد ان الحلقة الاخيرة لم تنته بعد.. «الصحافة» تجولت في عدد من الاحياء للقاء بعض الاخوة الجنوبيين والشماليين.. والتقينا أولاً بسارة جون دينق وهي تتحامل علي نفسها والدموع تغرق عينيها والعبرة تغلق حلقها. وقالت لنا « أنا اسكن الحارة 45 بامدرمان، ولم اتوقع ان يأتي علي يوم أكون فيه في مكان غريب لم اتاقلم معه، واعيش في الجنوب». وتواصل سارة حديثها قائلة: «قضية الانفصال باتت حقيقة، وهو محزن جدا للجميع» واكدت سارة انها عاشت في الشمال وترعرعت فيه، وقضت كل عمرها فيه، ولم تسافر الي الجنوب ابدا ولا تعرف عنه أي شيء سواء أكان جميلا ام قبيحا، رغم ان والدها حكي لها قصصا عن الجنوب وطبيعته. وأفادت سارة انها لم تشتق للجنوب يوما، ولا تود الرحيل اليه، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. وقالت: «انا في حيرة من امري بسبب المشكلات التي ستواجهني في مواصلة التعليم، وعلمت ان الجنوب يفتقد للمدارس الثانوية». وختمت سارة حديثها قائلة: «لن ننس« اياما مضت فرحا قضيناها مع اهلنا الشماليين، ولن تتغير معاملتنا» واوضحت انهم لا يفكرون في الرحيل وسينتظرون الى نهاية الامور فقد تحدث معجزة. تركناها خلفنا والتقينا باحد المواطنين الشماليين لمعرفة رأيه تجاه مسألة فصل الجنوب عن الشمال، ألا وهو المواطن محمد عبد المحمود الذي قال: «اختار الجنوبيون الانفصال، ونحن بوصفنا شماليين لا نعترض على قراراتهم التي اتخذوها لتنظيم حياتهم الخاصة ومحاولة بناء وتكوين دولة قائمة بذاتها»، واعاد عبد المحمود التأكيد على انهم لهم قرارات مثلما للجنوبيين. ويواصل عبد المحمود حديثه متمنيا لهم الاستقرار في حياتهم الجديدة التي اختاروها، ويوضح ان الانفصال مؤسف ويسبب كثيرً من المشكلات والتأثيرات السالبة في عدة نواحٍ. وقال جيمس جوزيف بصوت هادئ وحزين: «الشمال منحنا كل الاشياء الجميلة، ولا يمكننا الاستغناء عنها، ولن ننسى تعاونهم معنا، والشماليون يعتبروننا اخوة لهم، ونحن كذلك لا نعتبرهم اعداء لنا». وكشف جيمس انهم لا يريدون الانفصال، لكنهم مجبورون وخدعوا في الانفصال، واضاف قائلا: «تربينا في الشمال منذ الصغر، وتعودنا على الحياة في كنفه، وتعامل معنا أهله بصفاء النفوس والمعاملة الحسنة»، بيد انه اوضح انهم محتارون في اتخاذ قرار الرحيل. وابان جيمس ان قرار العودة غير منطقي لكنهم مسيرون وليسوا مخيرين، وتمني لو ان الجنوب تراجع عن قرار الانفصال. وتحدثنا إلى مصطفى علي محمد الذي قال ان قرار الانفصال هز مشاعره لمفارقة اخوته الجنوبيين، لكن هذا قرارهم ولا بد من احترامه، وتمنى مصطفى ان ينعم الجنوب بدولته الجديدة. واكد ان مشاعر الاخوة والاحترام التي اتصف بها الجنوبيون لا تعوض ابدا، وانهم بوصفهم شماليين يكنون لهم كل الخير فهم إخوتنا. واكد مصطفى أن هناك إحساساً غريباً ينتابهم بفقدان جزء عزيز عليهم، وهم لم يتعودوا على مفارقة اخوانهم الجنوبيين، متمنياً في الوقت نفسه ازدهار دولة الجنوب الجديدة.