٭ سألتني ابنتي الصحافية الشابة «سحر» عندما وجدتني في حيرة من امري.. قلت لها اني ابحث عن كلمات في اللغة العربية تعبر عما احسه هذه الايام.. قالت غريبة انك دائماً تتحدثين عن امانة الكلمة وتتحدثين عن دور المعلمين في رعاية تلاميذهم.. فكيف اليوم تبحثين عن الكلمات وقبل ايام قلائل تتحدثين عن التلاميذ ومعلميهم.. ضحكت في اسى.. حتى الضحك هذه الايام يأتي في أسى.. ضحكت وقلت لها: اريد ان اعبر عما احسه وانا ارى انشطار الوطن اصبح حقيقة.. حلم اهل الاسلام السياسي في انفصال الجنوب يسعى بيننا.. بالرغم من دموعهم هم فرحون.. نعم فرحون وهذا ما يضاعف المي وحسرتي.. قالت لي: لم اجدك في مثل هذه الحالة من قبل.. قلت لها لم أمر بمثل هذه الحالة.. في أمر العام الا هذه الايام.. هذه الحالة تعتريني عندما افقد عزيزاً.. بفعل الموت.. عشتها عندما ذهب الموت بأبي وأختي آسيا وزوجي وحبوبتي عائشة وابن اختي أحمد وأمي وأختي سعاد.. كنت امر بهذه الحالة وتهرب مني الكلمات واحس بان قطعة من قلبي ذهبت ايضاً. ً ٭ خارطة السودان تغيرت تقسمت كما تقسم قلبي.. ثلث مساحته الجغرافية وخمس سكانه.. ذهبت بها افاعيل السياسة العرجاء والاهداف الاستراتيجية لاصحاب الاطماع الانشطارية من هنا وهناك.. من اصحاب المشروع الحضاري واصحاب الرؤى المحدودة. ٭ انا حزينة.. حزينة قلت لها ولكن سأحاول ان أكتب.. أكتب.. اكتب عن الكلمة وعن المعلمين ولا اكتب عن الجنوب الذي ذهب ولكني اتمنى ان لا ارحل عن هذه الفانية قبل ان تأتي الوحدة.. نعم الوحدة.. وترجع الخارطة كما هي.. بلا شرتمة.. ولا هلهلة ونرجع القطر القاري الساحة نرجع بلد المليون ميل مربع.. ونتعانق ميري وتريزا وملوال ودينق.. ٭ انا في صف المخلص من أية ديانة يتعبد في الجامع او في الشارع فكلا الاثنين تعذبه الكلمة.. والكلمة حمل وامانة انا في صف المخلص مهما اخطأ فالكلمة بحر يركب سبعين مساء حتى بلد اللؤلؤ انا في صف التائب مهما كان الذنب عظيما فطريق الكلمة محفوف بالشهوات والقابض في هذا العصر على كلمته كالممسك بالجمره... ٭ هذا المقطع من قصيدة أحمد عبد المعطي حجازي «دفاعا عن الكلمة» حفظته عن ظهر قلب حين وقعت عيناى على ديوان حجازي «مدينة بلا قلب» في صباي الباكر اعاني حيرة في كثير من ظاهرات الحياة من حولي وكانت الاسئلة تزدحم في ذهني ازدحاما مضطرباً وكنت احاصر نفسي ليل نهار باسئلة كثيرة متدفقة.. ماذا افعل؟ واين اجد الاجابة؟ ٭ وفي الصباح انقل تساؤلاتي ومشاغلي الى المدرسة.. الى الفصل اسأل الاساتذة واسأل الاستاذ ولا اتعب من الاسئلة ولا من هضم الاجابة.. كنت تلميذة كثيرة الاسئلة والمناقشة والالحاح في تفسير ما يدور حولي. ٭ واستمرت علاقتي مع الكلمة وجنة الكلمة هي الصدق والوضوح والتجرد في معالجة كل شيء، قال توفيق الحكيم: «إني لا اطيق احدا يحقر الافكار والكلمات.. ان الكلمات هي التي شيدت العالم.. الكلمات الصادقة والافكار العالية والمبادئ العظيمة هي وحدها التي قادت الانسان في كل اطوار وجوده وبنت الامم والشعوب في كل مراحل تاريخها. هذا مع تحياتي وشكري