(1) في هذا البلد المشروم ثلثه أو أقل، إذا كنت معجبا بشخصية عامة بارزة في مجال مبهر أيّاً كان هذا المجال، فلا تحرص على أن تلتقي به وجها لوجه وتبادله أطراف الحديث، وإذا فعلت فحتما سيغادرك ذلك الإعجاب دون رجعة. (2) الفعل الكتابي ابن شرعي للقراءة، والقراءة تراكم، وشباب اليوم يحمل أربع وقيات من التجربة الفطيرة ويحلم باصدار كتابه الأول، فلِمَ لا يتمعن في مقولة الروائي عبدالستار ناصر عندما قال: أنا أخطأت بحق نفسي يوم أعطيت الكتابة مساحة أكبر من قراءاتي. (3) إياك وإدمان الإنتباه لمجمل تفاصيل سلوكنا اليومي، غض الطرف حتى تكون آمنا من ارتفاع الضغط وهبوط السكر، ولا تندهش عن كيفية تعاملنا مع الأشياء، ولا تعير اهتماما لمن يقول لك أن السلوك المتحضر للبشر ينطلق من الأشياء الصغيرة وكيفية تعاملنا مع التفاصيل. (4) لا تحاول أن تكون خفيف الدم، فبعض الظُرفاء يعني لهم الظرف وخفة الدم هو رمي الكلام على عواهنه، وقد يفسد أحدهم يومك بكلمة يقذفها في وجهك كقذيفة فسفورية، دون أن يفكر أو يبذل قليلا من الجهد فيما تفعله تلك الكلمة أو الجملة فيك. (5) إذا كنت تعتبر نفسك من قبيلة المثقفاتية، رجاءً لا تجعل من نفسك حكما وقاضيا يحمل في جيبه الخلفي بطاقات الإدانة، فهذه القبيلة ليست بجزيرة معزولة عما يدور حولها، وليست نبيلة نبلا مطلقا، ولا يقيم لسانها في دائرة الخير إقامة مطلقة. (6) «إذا كنت لا تستطيع أن تكتب فلا تكتب» هكذا لخص الكاتب رسول حمزاتوف الأمر تفاديا لكتابات هشة قد تكون خصما على المعرفة الإنسانية، ولكن إذا كنت لا تستطيع أن تقرأ فحاول بقدر الإمكان أن تقرأ، وإذا لم تستطع فحاول أن تكون مستمعا جيدا. (7) تأكد أيها الشاب الطموح بأن الكتابة الابداعية ليست هدفا في حد ذاتها، بقدر ما هي توازن نفسي شديد الخصوصية وتفريغ وتنفيس، خاصة في بلد الكتابة فيه لا تطعم فماَ ولا تروي ظمآنا. (8) وتذكر أن أديب اليوم لا يقف مع الخاسر دائما كما ينسب إلى الشاعر الأسباني المعروف «لوركا» هذه المقولة، والخاسر دوما هو الأديب نفسه كوجه آخر للمواطن البسيط في مبارياته اليومية مع السلطة الفوقية التي تتحكم حتى في ذوقه العام. (9) لا يضللك أحدهم ويقول لك بأن في جعبته كل ما نحتاجه للوصول لواقع أدبي كامل، وثق بأن ما نحتاجه كي نجعل من الموت المجاني الذي نستقبله يوميا لا مجاني هو نفسه الذي نحتاجه للوصول لمشهد ثقافي وأدبي كامل ومعافى. (10) كثيرة هي الأشياء التي تجعل من الشاب متعجلا في مضمون وشكل كتاباته، هكذا تقول كثرة القنوات وسهولة المطبوعات وهوايات القفز بالزانة والتطلع لما في يد الغير، ولكنها قطعا لن تنطلي عليك أنت أيها القارئ الكريم.