* في مثل هذا اليوم قبل 57 عاما.. كان ذاك الحدث الذي وقف عنده التاريخ.. حدث ترك دائرة تفاعل كبيرة شملت المجتمع المصري وتعدته الى كل مجتمعات العالم الثالث.. لا لأنه حدث في مصر أم الدنيا ولكن لعمق تأثيره على العالم الثالث بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. * الثالث والعشرون من يوليو عام 1952م وبقيادة الضباط الاحرار يوم شهد غياب نجم الملكية المسنودة بالاستعمار البريطاني واهتزاز اركان الاقطاع في مصر الحبيبة. * في هذه الذكرى ومع ما ينتظم العالم اليوم.. عالم القطب الواحد وعالم تمدد غول الرأسمالية وزحف العولمة المرعب وفوق هذا ما ينتظم حياة الشعب المصري بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير.. وبعد التحية لكل شعوب العالم الثالث والتحية والتهنئة للانسان المصري.. اقول ما احوجنا لقراءة تجاربنا.. تجارب ثورات العالم الثالث في الدول النامية.. ما أحوجنا للتأمل في مصائرنا وفي ما نحن مساقون اليه تحت شعارات الحرية والديمقراطية والتعددية التي ترفعها امريكا.. وترفع معها عصا الوصاية وهي تفرض مفاهيمها للاصلاح وحرية السوق وسيادة الخصخصة. * لا أريد التحدث عن مسيرة ثورة يوليو مع ما اكتنفها خلال كل هذه السنوات الطويلة.. ولكن أسوق التالي وأدعو ان يشكل نقطة تأمل مكثفة لثوار الخامس والعشرين من يناير.. القرارات الستة التي بدأت في تغيير حياة الانسان المصري.. هي تحديد الملكية الزراعية وانا لا انسى ما قالته لي "شغالة" بسيطة ام عطيات عندما سألتها عام 1967م لماذا تهتمين بسماع خطب جمال عبد الناصر عندما وجدتها تحتضن الراديو في حنان وكانت اجابتها سريعة وبعفوية بالغة جمال عبد الناصر نقلنا من النوم على الحصير للنوم على السرير.. والنهار ده انا ولدي في الجامعة. * زار سارتر الفيلسوف الوجودي القاهرة في مارس عام 1967م وسأل جمال عبد الناصر عن متاعب التغيير وعن الحملة التي شنت من قبل رجال الدين بالتحديد حول تحديد ملكية الارض الزراعية بمائتي فدان كانت اجابته كالآتي: * التطبيق كان صعباً جداً لأن المعارضة لم تكن من الاقطاعيين وحدهم وانما من فئات كثيرة قد تكون معدمة وذلك لأن شعبنا محافظ بالطبيعة وعاطفته فياضة ويصرف النظر عن ان الناس كانت مرحبة بالثورة ومؤيدة لها لكن العاطفة الانسانية كان لها دورها وتأثيرها.. ويضحك عبد الناصر وهو يقول انا فعلا عندي والدي وهو لا يملك حاجة أبداً بس مش موافق على أي حاجة من اللي انا باعملو ولما طبقنا قانون الاصلاح الزراعي جالي وقال الناس انزلقت كده وان ده هو اللي لقيناه ودي هي الطبيعة وبعدين يردحوا الاقطاعيين يعيطوا له وهو يستجيب لهم وازاي تنخدع بدموعهم وانهم بيجوا مثلا يشتكوا لك علما بان احنا لم نأخذ أي اجراءات شديدة مع الاقطاعيين. * ولكن الامر لم يقتصر على اعتراض مثل هذه الاصوات التي حركتها العاطفة الانسانية تلقائياً ضد قانون الاصلاح الزراعي فقد بدأت اصوات ترتفع بانتظام في مواقع متعددة من البلاد ومن بعض المشائخ في خطب الجمع بأن الاعتداء على الملكية الخاصة امر تحرمه الشرائع السماوية. * يقولوا حرام.. طب حرام بالنسبة للشخص اللي عنده الف فدان وحنسيب له منها مائتين طيب مش حرام بالنسبة للملايين اللي ما عندهمش لقمة العيش ما حدش يفكر في دول.. يقولوا ربنا قال "ويرزق من يشاء بغير حساب" يفتكروا الآية دي وما يفتكروش الآية اللي بتقول "واذا قيل لهم انفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو شاء الله أطعمه أن انتم الا في ضلال مبين" صدق الله العظيم. * أكرر التهنئة للشعب المصري وأقول لهم اقرأوا تجربة 23 يوليو قبل الانفتاح وقبل رحيل قائدها البطل.. الهرم الرابع وأقول لهم ان العولمة ليست هي المحطة النهائية وان امريكا لم ولن تمتلك مفاتيح المستقبل وان الشعوب هي ملح الأرض.. ملح الأرض. هذا مع تحياتي وشكري.