عبر الدكتور حسن الترابي , زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض عن تخوفه من الفوضى في البلاد، متوقعاً قيام ثورة سودانية على غرار ما حدث في مصر ودول عربية أخرى، وأكد متانة العلاقات التي تجمع بين الشعبين المصري والسوداني على الأصعدة التاريخية والثقافية، واصفا إياها ب»العضوية المصيرية» داعيا إلى تحقيق «الوحدة والتكاملية» في تلك العلاقات. وقام الترابي بزيارة ميدانية لميدان التحرير حيث التقى ببعض أعضاء إئتلافات شباب الثورة الذين هتفوا له «مصر والسودان إيد واحدة» ،فيما هتف بعض شباب الثورة ضده وحملوه بعض المسؤولية عن إنفصال الجنوب عن الشمال. وقال الترابي خلال ندوة عقدها مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية في «الأهرام» أمس وحضرها عدد كبير من رموز الفكر والثقافة والسياسة في مصر إن العلاقة بين مصر والسودان يربطها ميثاق واحد ومصالح مشتركة، وإن كل الظروف الراهنة تصب لتكاملهما شعبا وحكومة، وأثبتت التجارب إن ذهاب الأنظمة الديكتاتورية في المنطقة سيحقق وحدة الشعوب في التصالح والمصالح ، ودعا للتكامل بين المنطقة العربية بشكل عام وبين مصر والسودان بشكل خاص خاصة في وقت تتجه الدول فيه للإتحاد . وأثنى على ثورة 25 يناير والانفتاح السياسي الذي شهده الشارع المصري في أعقابها، قائلا «إن هذا الانفتاح فتح الباب تلقائيا أمامي لزيارة مصر بعد أكثر من 20 عاما». واعتبر أن الثورة ستساهم في إعادة تشكيل الوعي السياسي ، لتكوين وبلورة فلسفة النظام التعددي الذي يعمل على نشر السلطة السياسية بحيث لا يتحكم فيها فرد واحد (رئيس الدولة) ، مثمنا في ذات الوقت الدور المصري وتأثير نموذج الحكم السياسي الذي سيطرح عقب المرحلة الانتقالية والتي ستهتدي به باقي دول المنطقة كما تحدث الترابي - خلال اللقاء - عن تجربة الحكم الإسلامي في السودان وما حملته من مميزات وأخطاء ، وذهب الترابي إلى أن المناقشة حول التجارب الإسلامية في دول مثل السودان وإيران وأفغانستان ليست من باب «التوجيه» ولكن من باب التعرف على العوامل التي أدت إلى إخفاق بعض هذه التجارب ، منوها في الوقت ذاته باللقاءات التي أجراها في هذا الإطار مع كافة الحركات السياسية والفكرية والدينية والشبابية في مصر . وانتقد الترابي سياسيات حزب المؤتمر الحاكم التي قال إنها أدت لانفصال الجنوب واندلاع أشكال أخرى من التمرد في دارفور وجبال النوبة وجنوب كردفان مما دفع البعض بالمطالبة بالاستقلال على غرار ما حدث في جنوب السودان. ورأى الترابي أن الشعب السوداني مثل الشعوب العربية التي خرجت إلى الشوارع من أجل إسقاط أنظمة حكمها المستبدة ، وأكد أن النظام الفيدرالي هو الأمثل لحكم السودان نظراً لأن لكل ولاية نظامها الخاص وتكوينها السكاني لهذا فإن حكم المركز مرفوض وفاشل في السودان . كما انتقد النظام الحاكم في الخرطوم وإنتهاكه الصريح للمواثيق الدولية في الحرية والتعبير والمشاركة والحق في التظاهر السلمي، ورأى ان ذلك سيؤدى إلى تفجر الأوضاع برمتها، قائلا إن الثورات لايمكن التنبؤ بها، ولكنها تأتى بغتة مثل الموت ويمكن إستلهامها ولأيمكن إستنساخها. وحول مفاوضات الدوحة لسلام دارفور أكد أنها ظلت مستمرة أكثر من عامين بدون تقدم ملحوظ حيث إن الإتفاق تجاهل القوات الفعلية على الأرض. وأضاف الترابي انه جاء لمصر يعرض خلاصة تجربة حكمهم الإسلامى فى السودان وماوقعوا فيه من أخطاء، مؤكدا أن معظم الحركات الإسلامية ليست لديها برامج وسياسات ثابتة . وعبر عن إمتنانة بلقاء رموز وقيادات القوى السياسة والإجتماعية المصرية، وطالب المصريين بوصل ما انقطع فى علاقاتهم مع السودان، وإلى التعرف عليه عن قرب معرفة حقيقية وذلك من خلال الموروث الثقافي . وقد أكتظت قاعة توفيق الحكيم في مبني الأهرام برموز الفكر السياسي المصري والسوداني،وكذلك المهتمين بالشأن السوداني في مصر، وهم الدكتورعبد المنعم السعيد، والدكتور جمال عبد الجواد، والدكتور مصطفي الفقي، والمحامي منتصر الزيات، والناشط السياسي جورج إسحاق، والسفير أحمد حجاج، والسفيرمحمد الشاذليٍٍ،وهانئ رسلان. وقد حضر اللقاء عدد من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي - الذين يرافقون الترابي في زيارته للقاهرة - من بينهم الدكتور على الحاج والدكتور بشير آدم رحمة والدكتورة نجوى عبد اللطيف والمحبوب عبد السلام. ومن جانبه، قال الدكتور جمال عبد الجواد، مدير مركز الدراسات بالأهرام، إن الترابي هو ضيف مهم في ظروف مهمة وبالغة الحساسية في مصر والسودان على السواء. أما الدكتور عبد المنعم سعيد، فقال إن إشكالية الترابي أنه مفكر وسياسي في آن واحد، وأن العلاقة بين مصر والسودان مرت بمرحلة اغتراب طويلة. من جانبه، وصف الدكتور مصطفى الفقي، الترابي بأنه شخصية جدلية، وقال إن السنهوري باشا شهد بقيمته الفكرية منذ وقت مبكر حينما نصح بالرجوع إليه دون بقية تلاميذه في مصر. وقال الناشط السياسي جورج إسحاق، إن الترابي يعد جزءا من المشكلة الحالية في السودان، وإن البعد الديني الذي طرحه أخاف الجنوبيين، معربا عن أمله أن يلتقي الترابي بالإسلاميين في مصر ويقدم لهم خلاصة تجاربه. أما منتصر الزيات فقال إن الترابي قيمة وقامة فكرية، وسأله حول إمكانية توحد الإسلاميين في السودان من جديد لمواجهة الأخطار القائمة والشرور التي تحيط بالسودان.