أطلعنا على مقالة للكاتبة كوثر قسم السيد بصحيفتكم الغراء «الصحافة» العدد «6468» بتاريخ الجمعة 21 شعبان 1432ه 22 يوليو 2011م تحت عنوان «خيبة المرأة وضعف أبي ذر الغفاري في حزب التحرير»، أثارت من خلالها موضوعي تولي المرأة الحكم، والتنازع وطلب الخلافة. طالبت الكاتبة في نهاية مقالتها اجابة عن الأسئلة والاستفهامات التي طرحتها. وها نحن عبر هذا الرد نجيب عن أسئلتها واستفهاماتها ان شاء الله. ولكن قبل الدخول في الرد لابد من التأكيد على مسألة مهمة، وهي ان الأصل في المسلم ان يتقيد بالاسلام في أفعاله وأقواله وآرائه، ومن هذا المنطلق فان حزب التحرير، وهو حزب مبدئي اسلامي ليس فيه مشرعون او منظرون كما ذكرت الكاتبة في صدر وختام رسالتها، وانما حزب التحرير ملتزم تماما بالاسلام حيث لا يصدر رأياً أو يتبنى فكرة إلا اذا كانت منبثقة عن العقيدة الاسلامية أو مبنية عليها، ويعلم جيداً معنى قول الله عز وجل: «ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا». والآن ندخل الى موضوع الرد مستعينين بالله عز وجل ونقول: أولاً: ان حرمة تولية المرأة الحكم ليس رأيا لحزب التحرير، وانما هو حكم شرعي قال به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الصحابي الجليل أبو بكرة رضي الله عنه، وهو حديث صحيح لم يرده احد من اصحاب السنن أو رجال الحديث. هذا من جهة، ومن أخرى فان حرمة تولية المرأة الحكم لم يكن في يوم من الايام طوال عهد الدولة الاسلامية محل خلاف بين المسلمين، بل كان من المعلوم من الدين بالضرورة، حتى جاء عصرنا هذا الذي افتتن فيه الناس بالغرب الكافر وأفكاره ومفاهيمه عن الحياة فبدأ الحديث عن تولية المرأة الحكم في سياق مساواة المرأة بالرجل «الجندرة» وغيرها. أما الفرق بين ادارة الدولة وادارة مدرسة او غيرها فهو ان الامر في الاول حكم وفي غيره إدارة، وشتان ما بين الحكم والادارة. أما الحديث عن أن راوي الحديث قد جلد في قضية المغيرة حد القذف، فيجب ان يُعلم انه لم يجلد لأنه فاسق، وانما جُلد لأن الشاهد الرابع رفض الشهادة وأصر الصحابي ابو بكرة على شهادته فجلد، ومع ذلك فان الصحابة كلهم عدول لا تجرح عدالة أي واحد منهم، وهذا معلوم لأهل العلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: «أصحابي كالنجوم، فبأيهم اقتديتم اهتديتم» كما قال للذين يحاولون الطعن فيهم: «الله الله في أصحابي، لا تتخذوا أصحابي غرضاً». أما أن الحديث يرد لأن الطبري ذكر ان بنت كسرى عدلت وأحسنت رعاية رعيتها، فهو قول يرده الحديث ولا يرد الحديث بمثل هذه الأقوال لأنه من معلوم بداهة ان لا عدل الا في الاسلام وبنت كسرى كانت تحكم بالكفر كما انه ليس بالضرورة أن يكون عدم الفلاح هو ان تحكمهم بالظلم. ثانياً: إن حزب التحرير لا يروج للتنازع كما ذكرت الكاتبة، وإنما ذكر حكماً شرعياً، فان التنازع في طلب الخلافة اما ان يكون حراما فلا يجوز أو يكون مباحاً، والصحابة كما ذكرنا عدول لا يجمعون على أمر حرام ولا يسكتون عليه، بل أنهم لا يجمعون على فعل المكروه، وقد أجمعوا على التنازع ولم ينكره منكر سواء في السقيفة أو بعد مقتل عمر رضي الله عنه، فبالتالي فان الحكم الشرعي في التنازع في طلب الخلافة أمر جائز وليس حراماً ولا مكروها، ولم يقل حزب التحرير غير ذلك ولا دخل هنا للترويج أو عدمه، وانما هو الالتزام بالحكم الشرعي كما هو. أما قضية ضعف أبي ذر عن تولي الامارة فهذا لم يقل به حزب التحرير، بل قاله الحبيب صلى الله عليه وسلم، وروى الحديث وبطرق مختلفة صاحب القضية نفسه فحاشا لحزب التحرير أن يتجرأ ويصف أياً من الصحابة الكرام بأي وصف فيه منقصة له خاص اذا كان الصحابي هو الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري الذي ذكرت الكاتبة مناقبه التي نتفق فيها معها تماماً، ولكن نقول ان هذه الصفات الحميدة التي اتصف بها هذا الصحابي الجليل لا تنقص من قدره اذا كان به ضعف في تحمل مسؤولية الامارة. اما الحديث، فقد ذكر الامام مسلم في صحيحه عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال: «يا أبا ذر انك ضعيف وانها أمانة يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها». ختاماً نشكر للكاتبة اهتمامها بما يطرحه حزب التحرير. ونسأل الله لنا ولها الهدى والوقوف على الحق والثبات عليه. إنه ولي ذلك والقادر عليه.. إبراهيم عثمان «أبو خليل» الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان