ولاية شمال كردفان الحبيبة هي ولاية متفردة بكل المقاييس، وهى ولاية متجانسة لا تعاني من مشاكل قبلية أو جهوية أو عنصرية وإنسانها طيب وسهل وقليل المطالب، وهى ولاية الخلاوي ودور القرآن وولاية الصالحين والعلماء. وللولاية دور اقتصادي كبير إذ أن بها ثروة حيوانية تساهم بقدر كبير في إقتصاد الوطن وللزراعة إنتاج وفير في معظم أنحائها وبها مصفاة الأبيض للبترول وكانت حاضرتها - مدينة الابيض- اكبر سوق للصمغ العربي ولا زال الصمغ إذا وجد الإهتمام الكافي - مصدراً مهماً من مصادر دخلها، كما أن بها إمكانيات طبيعية ضخمة لإنتاج الخضر والفاكهة وتاريخياً فقد كان لها القح المعلى في كثير من الأحداث ، فالإمام المهدي إنطلق منها وفتح الخرطوم بعد معارك شرسة مع الحاميات التركية في بارا والأبيض وفى شيكان هزم المهدي حملة هكس باشا وعموماً فقد كان الكردفانيون أعواناً حقيقيين للثورة المهدية بإعتبارها ثورة إسلامية وثورة ضد الظلم والطغيان . وكان لشمال كردفان في منظومة كردفان الكبرى دور كبير في الحركة الوطنية وشارك رجالها ونساؤها في استقلال السودان وقدموا قيادات ونماذج رائعة وهى الولاية التي تشرفت بتثنية اقتراح الاستقلال.وعندما جاءت ثورة الإنقاذ هبت الولاية هبة رجل واحد مؤيدة لها ومدافعة عنها وقدمت خيرة بنيها شهداء من اجل العقيدة والوطن كما أنها لم تتمرد ولم تحمل السلاح ولا أظنها تفعل ذلك البتة . ولكنها الآن تعاني الأمرين وحالها لا يسر وما عادت هي كردفان الغرة أم خيرأ بره، وهي تتأخر في مجالات عديدة مع عدم الإنكار بوجود بعض الاشراقات ولكنها لا تساوى شيئاً مقارنة برصيفاتها الأخريات ولا نقول هذا من باب الغيرة ولا الحسد أو الغبن ولكننا نريد مساواةً في الحقوق والواجبات. ومشكلة شمال كردفان الكبرى هي المياه فعاصمتها مدينة الأبيض تعاني من العطش في أشهر الصيف وتقريباً معظم محلياتها ويجد الناس مشقةً بالغةً وعنتاً كبيراً في الحصول على المياه في بعض مناطقها ولم يجد قطاع الزراعة والثروة الحيوانية الاهتمام الكافي ولا الإمكانات المعقولة فتدهورت الماشية وتراجع إنتاج الغلال والحبوب وتعاني بعض محلياتها من فجوة غذائية «اسم الدلع للمجاعة» أما ما يرشح من أخبار التعليم فإنه قد تدهور كثيراً فالمدارس تعاني من نقص ِ في الكتب والأدوات المدرسية والإجلاس كما تعاني من نقص في تدريب المعلمين ومما يحسب للتعليم التوسع في مدارس الأساس والثانوي ولكن يرى الكثيرون أنه توسع سالب المردود للأسباب التي ذكرناها يضاف إليها ضعف ميزانية التعليم نفسه. أما جامعتي القرآن وكردفان فهما منارتان سامقتان وصرحان علميان لا يستهان بهما. أما الخدمات الأخرى كالطرق والصحة فهي دون المستوى ، فطريق الخرطومكوستي سابق لثورة الإنقاذ الوطني وطريق الأبيض النهود جزء من طريق الإنقاذ الغربي ولا يوجد طريق واحد بمحليات شمال الولاية «غرب بارا سودرى وجبرة» ويتطلع الناس كثيراً لطريق أم درمان -جبرة بارا.أما المرافق الصحية فتشكوا للخالق سوء حالها وهي تقول «وقت الروح تروح طعن الإبار ما بشفي. وتبقى مسألة الحكم المحلي وهياكله إحدى المعضلات الكبرى ، فتفريخ المحليات دون جدوى حقيقية ودراسة أضاف للميزانية عبئا جديداً، ولم يقدم لمواطنيها ما كانوا يجدونه في السابق ولا بد من إعادة النظر في هذه المحليات مع التركيز على تقوية الحكم المحلي وتفعيل دور الإدارة الأهلية والمحافظة على المكتسبات التي تحققت ويبقى ضرورياً تقليص عدد الوزارات ودمج بعضها ترشيداً للإنفاق وتجويداً للأداء . وحجر الزاوية في تنفيذ أهداف وبرامج الحكومة يكمن في إصلاح المؤتمر الوطني من الداخل إذ أنه لا بد من ثورة داخل المؤتمر الوطني بالولاية . ثورة تبدأ من القواعد وحتى المكتب القيادي بالمناصحة وضخ دماء جديدة في القيادة والتداول السلمي للسلطة ولا أكون شاطحاً إن قلت إنه لا بد من جرعات إيمانية وروحية كبيرة لقادة المؤتمر وشاغلي المناصب الدستورية والتشريعية حتى لا تنسيهم السلطة دينهم وحتى لا يغرقوا في الدنيا وملذاتها، وعلى حكومة الولاية طالما أنها نالت ثقة المواطنين أن تتفقدهم وتشركهم في الأمر وأن تنفتح على مختلف مكوناتهم الحزبية والقبلية وغيرها وأن توسع مواعين الشورى فالشورى لا تأتي إلا بخير . أما ما يخص التنمية فأنا أقترح على المسؤولين إنشاء جسم يختص بها تخطيطاً وتمويلاً وتنفيذاً، ويُعهد إليه بمهامها في جميع محليات الولاية وأن يخُتار له القوى الأمين ويتبع للوالي وأن تتم محاسبته ومراجعته دوماً وأن يُبعد عنه «الهتيفة وحارقو البخور وناس تُلُب ومجموعات دعوني أعيش» وأن يكون له كامل التنسيق مع الوزارات والمحليات المختلفة. ولا أظن أن حكومة الولاية والمؤتمر الوطني يغفلان أهمية دور الشباب والمرأة في المجتمع وإن أنسى لا أنسى شريحة مغتربي الولاية العريضة ودورها المهم في التنمية وهذه الشريحة لابد من التواصل معها والإستفادة من أفكارها ومقدراتها. وأخيراً وليس آخراً، فإن أبناء الولاية بالمركز يتعاظم دورهم في هذه المرحلة لمساعدة حكومة الولاية في الدخول على مراكز القرار وتلبية إحتياجاتهم لتنفيذ الأهداف والمشاريع الكبرى خاصة وأن بعضهم «يده طويلة «مع الحكومة وطُرقه سالكة مع الرئيس ونائبه» مع خالص تحياتي لصديقنا الأستاذ»معتصم ميرغنى حسين زاكي الدين. محمد الأمين النيل جمعة سهل المملكة العربية السعودية