ما ان يبدأ الشهر الفضيل رمضان والا وتبدأ القنوات الفضائية المختلفة في التنافس في كسب اكبر عددية من المشاهدين، الا المسارح حيث تشكو قلة الجمهور رغم ان الجمهور او المتلقين ركن اساسي من اركان العرض المسرحي. فبدون جمهور يشارك ويتفاعل مع العرض المسرحي لا يكون هنالك مسرح لان المسرح هو المكان الذي تفكر فيه الجماهير بصوت عال، حيث يتفاعلون مع ممثلين من لحم ودم، خلاف وسائل الاتصال الاخرى من تلفزيون وسينما حيث يكون هنالك وسيط بين الممثلين والمتلقين وهو الكاميرا. وهذا يقودنا الى سؤال اساسي لماذا انعزل الجمهور عن المسرح بعد ان كانت المسارح تمتلئ بجمهور كبير حيث تشاهد عروضا لممثلين كبار لهم بصمتهم في تاريخ المسرح من امثال الراحل الفاضل سعيد ومكي سنادة وغيرهما. ولماذا أفضل العروض المسرحية لا يستمر عرضها اكثر من شهر على خشبة المسرح؟ ولماذا قاطعت الجماهير المسرح؟ كل هذه التساؤلات لابد من الاجابة عليها. فهل المشكلة في التمثيل؟ ام الاخراج؟ ام النص المسرحي الذي لا يرى فيه الجمهور آماله وتطلعاته واحلامه ومشكلاته. يرى الاستاذ طارق مختار ان المسرح اصبح غير جذاب وان المسرح السوداني مات بموت الاستاذ الفاضل سعيد عليه الرحمة والمغفرة، الذي كان يستطيع ان يجذب الجماهير. فموضوعات المسرحيات غير جذابة وفرقة الاصدقاء المسرحية اصبحت تكرر نفسها ولا تأتي بجديد. اما سوسن طه فترى ان العرض المسرحي ليس بالمستوى الذي يجعل الشخص يأتي من بعيد كالكلاكلة مثلا فمستوى العروض الضعيفة جعل الجمهور يهرب من المسرح. اما حاتم ميرغني امين رابطة الفرق والجماعات المسرحية فيرى ان العمل المسرحي ليس مرتبطا بالتراث السوداني وقضايا المجتمع. كما انه اشار الى خلافات الدراميين مع بعضهم بعضا وعدم وجود اتحاد فاعل اضر بالعملية المسرحية ككل ودعا الى تجاوز كل الصعاب وكل الاختلافات لتعود للمسرح عافيته ورونقه في عصره الذهبي في سبعينات القرن الماضي. اما ادريس حسن فيرى ان العروض المسرحية تفتقر الى الاهتمام بالموضوعات السودانية العامة ولا يجد المتلقي فيها نفسه ولا تبرز تاريخه وقضاياه الآنية. ويرى احمد ابراهيم ان المسرح يمكن ان يسترد عافيته اذا وجد الاهتمام الكافي من الدولة عبر سن تشريعات تعمل على ايجاد بيئة معافاة للمسرحيين تمكنهم من الابداع بحرية. حتى يعود المسرح ملتقى للاسر اذاً لابد للمسرحيين من وقفة مع انفسهم وان يفكروا في المتلقين الذين يقوم العرض المسرحي من اجلهم قبل ان يفكروا في انفسهم.