الولايات المتحدة تدين هجمات المسيرات على بورتسودان وعلى جميع أنحاء السودان    صلاح-الدين-والقدس-5-18    المضادات الأرضية التابعة للجيش تصدّت لهجوم بالطيران المسيّر على مواقع في مدينة بورتسودان    ما حقيقة وجود خلية الميليشيا في مستشفى الأمير عثمان دقنة؟    محمد وداعة يكتب: عدوان الامارات .. الحق فى استخدام المادة 51    التضامن يصالح أنصاره عبر بوابة الجزيرة بالدامر    اتحاد بورتسودان يزور بعثة نادي السهم الدامر    "آمل أن يتوقف القتال سريعا جدا" أول تعليق من ترامب على ضربات الهند على باكستان    شاهد بالفيديو.. قائد كتائب البراء بن مالك في تصريحات جديدة: (مافي راجل عنده علينا كلمة وأرجل مننا ما شايفين)    بالفيديو.. "جرتق" إبنة الفنان كمال ترباس بالقاهرة يتصدر "الترند".. شاهد تفاعل ورقصات العروس مع فنانة الحفل هدى عربي    بالفيديو.. "جرتق" إبنة الفنان كمال ترباس بالقاهرة يتصدر "الترند".. شاهد تفاعل ورقصات العروس مع فنانة الحفل هدى عربي    شاهد بالفيديو.. شيبة ضرار يردد نشيد الروضة الشهير أمام جمع غفير من الحاضرين: (ماما لبستني الجزمة والشراب مشيت للأفندي أديني كراس) وساخرون: (البلد دي الجاتها تختاها)    شاهد بالصورة.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل تسابيح خاطر تنشر صورة حديثة وتسير على درب زوجها وتغلق باب التعليقات: (لا أرىَ كأسك إلا مِن نصيبي)    إنتر ميلان يطيح ببرشلونة ويصل نهائي دوري أبطال أوروبا    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    برئاسة الفريق أول الركن البرهان – مجلس الأمن والدفاع يعقد اجتماعا طارئاً    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    ترمب: الحوثيون «استسلموا» والضربات الأميركية على اليمن ستتوقف    الأهلي كوستي يعلن دعمه الكامل لمريخ كوستي ممثل المدينة في التأهيلي    من هم هدافو دوري أبطال أوروبا في كل موسم منذ 1992-1993؟    "أبل" تستأنف على قرار يلزمها بتغييرات جذرية في متجرها للتطبيقات    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    أموال طائلة تحفز إنتر ميلان لإقصاء برشلونة    بعقد قصير.. رونالدو قد ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مع دانا جيويا
الأدب في أمريكا (12)
نشر في الصحافة يوم 23 - 03 - 2010


أجراه/ ميشيل باندلر
ليس هناك من وزارة مركزية للثقافة والتي توكل إليها مهمة وضع السياسة العامة للآداب والفنون الوطنية بحكومة الولايات المتحدة، حيث توجد مؤسستان خيريتان تقومان بتقديم المنح والدعم للثقافة وهما المؤسسة الخيرية الوطنية للآداب NEA والأخرى تحت اسم المؤسسة الخيرية الوطنية للانسانيات NEH، وهما المؤسستان اللتان تقومان بدورهما في توفير الدعم وتقديم المنح للأدباء والفنانين الأفراد والباحثين والعلماء ولمؤسسات الآداب والفنون والانسانيات. بينما تتراوح ميزانية المؤسسة الخيرية الوطنية NEA حوالي ال 115 مليون دولار أمريكي للسنة المالية 2003م، فهي تعتبر متواضعة مقارنة بالمؤسسات العامة من نظيراتها للبلدان الأخرى. فالدعم المقدم من الجهات المانحة الخاصة لطالما شكل غالب الدعم للثقافة الأمريكية. فقد قُدر حجم الإنفاق على الآداب والفنون بالولايات المتحدة في العام 2002 بحوالي 12.1 بليون دولار أمريكي. فخلال فترة وجودها والتي تقارب الأربعة عقود من الزمان ظلت المؤسسة الخيرية الوطنية للآداب NEA، والتي اختطت لنفسها شعار تشجيع التفوق والتميز وحمل الآداب والفنون وتقديمها لكافة الأمريكان، ودأبت على استغلال دعمها كصافرة انطلاق لإبتدار در التبرعات والهبات والمنح الخاصة. فعند تولي دانا جيويا إدارة المؤسسة الخيرية الوطنية للآداب NEA في مطلع العام 2003م فقد جلب ونقل خبرة ثقافية واسعة وعلى نحو غير معتاد وذلك لموقعه على سدة مؤسسة NEA. جيويا والذي عُرف لكونه شاعراً وكاتباً للمقالات فقد قضى خمس عشرة سنة كإداري، والذي يكتب القصائد في وقت فراغه قبل أن يتفرغ تماماً لكتابة الشعر ويغدق عليه من جل وقته، فتداعياته المحورية والبالغة الشأن والأهمية والتي أفضى بها في 1991م عبر مقالته التي نشرت بإحدى المجلات تحت الاسم ما جدوى الشعر؟ وهل يستحق الشعر كل هذا العناء؟ تلك المقالة التي تمددت لاحقاً لتصبح كتاباً فاتحة الباب ومشعلة فتيل النقاشات والحوارات والتي استمرت بعد ذلك حيناً من الدهر، فضلاً عن كتابته بالصحف والمجلات وتعليقاته التي يرفد بها الراديو حول الموسيقى والآداب والفنون بالإضافة لكتابته كلماتاً ونصوصاً للاوبرا.
في هذا الحوار يتناول جيويا سلسلة من القضايا التي تغطي العديد من أوجه الثقافة الأمريكية الخاصة منها والعامة فضلاً عن تتبع تطور المجالات المختلفة.
* دعنا نبدأ بالقاء نظرة عامة حول الأدب في امريكا من خلال تجربتك المتفردة بالمؤسسة الخيرية لرعاية ودعم الآداب الوطنية؟
التحقت بالمؤسسة الخيرية الوطنية وفي ذهني رؤية بسيطة ألا وهي أن الشعوب العظيمة تستحق فناً عظيماً ، حيث ان أمريكا هي أغنى شعوب العالم قاطبة وأكثرها قوة وعلى مر التاريخ . ولكن مقياس عظمة الشعوب يجب أن لا يكون بقوتها وثروتها ولكنه يقاس بمدى خلقها لحضارة ورعايتها وحفاظها عليها ، وما أسعى جاهداً لتحقيقه هنا هو رعاية الثقافة العامة الشعبية التي تستحقها أمريكا ، وبالرغم من كوننا من أكبر المؤسسات الداعمة والراعية للأدب في الولايات المتحدة إلا أن ميزانية المؤسسة NEA تعكس نسبة أقل من 1% من الانفاق في مجال الدعم الخيري الانساني على الآداب، فلذلك فليس بوسع الحكومة الفدرالية أن تبتاع أي ثقافة كانت البتة . وإذاً فدورنا في المؤسسة الوطنية هو دور الريادة والقيادة ، فنحن في موضع متفرد يمكننا من تبؤ دور المؤسسة الوحيدة التي تنظر لكل الآداب من منظور وطني . فالدور العظيم الذي يقوم به المستنيرين من القادة بمقدوره أن يساهم في تحقيق أهداف الثقافة الأمريكية بسرعة وبصورة أفضل مما تقوم به أي مؤسسة أخرى . فجل ما يسعدني ويدخل السرور والبهجة في نفسي إمكانية إستغلال الأدب لجعل امريكا مكان أفضل للعيش.
* على النقيض من ذلك وفي الإطار العام فاننا نرى التوافق الامريكي مع النموزج الاوروبي الذي طالما الفه العالم؟
لقد نشأ النموذج الاوروبي من تقاليد ملكية واستقراطية والتي تمت احالتها الى كنف الدولة في العصور الحديثة ، حيث أن غالب ميزانية مؤسسة الآداب تاتي من اعانات الحكومة الفدرالية والمحلية . فالنموذج الامريكي يقوم على التوافق الذاتي وهو يفعل فِعلهُ على أتمه . فلدينا عدد كبير من المسارح والمتاحف والكثير من فرق الموسيقى ودور الاوبرا وشركات الباليه . فتاريخياً وتحديداً خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين فقد وظفت المؤسسة الوطنية الخيرية الانسانية الدعم الاتحادي الفيدرالي وعلى امتداد البلاد وذلك لدعم تطوير الرقص والمسرح والاوبرا الاقليمية فضلاً عن دعم وبدرجات أقل للمتاحف وصالات الحفلات الموسيقية . فالاعداد الضخمة لهذه المؤسسات والتي تعج بها المدن الامريكية المتوسطة الحجم لهو دليل على قوة المؤسسة الوطنية الخيرية لرعاية ودعم الآداب الانسانية.
* كيف يمكننا تفسير بروز وظهور الدعم الخاص وعلى مر العقود وحتى القرون؟
لقد نما الادب في امريكا ونشأ من الثقافة الامريكية ، حيث أن ما يجعل امريكا تمتلك مثل هذا التاريخ المتميز للتنوع الا وهي تلك الانجازات غير المسبوقة والتي تشمل السينما والتعبيرية المجردة والجاز والادب الحديث وذلك لكون امريكا قد كانت وما زالت هي المجتمع الذي يعترف بالحرية الفردية لمواطنيها فأعمال الخير والبر والاحسان الامريكية تتبع ذات المنحى والنموذج . فامريكا هي الشعب الوحيد في العالم الذي يساهم وبصورة كبيرة وينفق جزءاً كبيراً من ثرواته في المؤسسات الخيرية واعمال البر والاحسان.
* هل هنالك جوانب من الثقافة لم تحظ بقدر وافر من الاهتمام؟
ان المهمة الرئيسية للمؤسسة الخيرية الوطنية للآداب الانسانية هي رعاية التفوق والتميز والابداع ونقله لكافة الامريكان ? اي بمعنى حمل الآداب الى جميع الامريكان منطلقين من ادراكنا لتعدد المجتمعات بالولايات المتحدة حيث ان بعضها متعدد جغرافياً وبعضها يتصف بالتعدد اللغوي والبعض الاخر مختلف في متوسط اعماره وقدراته البدنية . تشكل مجمل هذه المجموعات مكوناتنا ، وقد ادركنا ايضاً ضرورة دعم اهدافنا في التعليم ، وبذلك فان توفير قادة في تعليم الآداب لهو هدف آخر من أهداف المؤسسة N E A.
* ما هي ابرز اوجه الثقافة الامريكية في العصر الحاضر؟
هناك العديد من النزعات والتوجهات في عالم الأدب اليوم ، حيث انه يمكنني تمييز ابرزها على انها نوع من الازمات الجمالية الذوقية ، فبولوج امريكا للقرن الواحد والعشرين نمت قناعة بان الانفجار الكبير والضخم الذي انبثق كنتاج لحركة الحداثة والذي بدأ بعد الحرب العالمية الاولى قد بلغ مداه ومنتهاه فما ذلنا نقدر التراث الغني للحداثة ودورها الطليعي في ابتدار طرق واساليب جديدة للتعبير الفني والادبي ، ولكنها لم تعد تحمل القوة المولدة للابداع التي كانت تمتلكها في السابق. فهناك اجماع متنامي حول الحاجة للتآلف فيما بين قوة وكثافة الحداثة والفن والادب التجريبي ، وتوفر المناخ الديمقراطي الذي تحتويه الآداب التقليدية والعامة . ففي كل اشكال الفنون والآداب التي كنت ناشطاً في المشاركة فيها فانني أرى هذه النزعة والتي يسعى من خلالها الأدباء والفنانون ويحاولون اعادة الارتباط مع العامة والثقافة الشعبية . فما ينشأ وبغض النظر عن مدى اعجاب المرء ورضاه عنه أم لا فهو النزعة الشعبية أو الشعبوية.
* ما مدى تأثير هذه النزعة على الموسيقى؟
فلننظر للموسيقى الكلاسيكية والتي تقودني حقيقة الى النزعة الرئيسية التالية ?فكرة التلاحم والاندماج ? فكرة اندماج التقاليد المتباينة والمختلفة مع بعضها البعض . وكمثال على ذلك فهناك حركة قوية في الموسيقى الامريكية والتي تدعى الموسيقى العالمية والتي تتمدد لتشمل كل المجالات ابتداءاً من الموسيقى الكلاسيكية وحتى موسيقى البوب ، وهي المحاولة التي تسعى لدمج وربط التقاليد الشرقية والغربية وكذلك الدمج التكنلوجي . متخلصين من الممارسة الادبية والفنية التقليدية مفسحين المجال ومطبقين التكنلوجيا الحديثة كبديل فعلي على مدى العشرين سنة السابقة فقد ظلت نزعة ما بعد الحداثة ، ولكنني اعتقد بان نزعة ما بعد الحداثة وعل نحو ما وفي بعض من جوانبها ما هي الا محاولة لاطالة امد الحداثة ومدها بالحياة .ففي عصرنا الحالي لم تعد هذه الحركات تميزها بيانات واساليب مثلما درجت عليه من حدس وما تفوقت به من نفاذ رؤية وبعد نظر.
* فالتفوق يعني توفر الادب وجعله سهل المنال؟
نعم ، فتاريخ الادب في امريكا والى حد ما يعكس التفوق والتميز والعمق والذي اتى من تقاليد الصفوة والنخبة التي وفرتها القدرات والامكانيات البشرية والانسانية للادب في اطار الثقافة الديمقراطية .ذلك هو الدياليكتيك والمنطق الذي لن ينضب معنيه قط ولم يستنفذ اغراضه بعد.ولكنه سوف يتخذ له اشكالاً مختلفة نوعاً ما تبعاً لكل عصر. حيث ان ليس هناك من ادب بمستطاعه ان ينفصل ويعزل نفسه عن تاريخه ، فحتى المستقبليين (حركة في الفن والموسيقى والادب نشأت في ايطاليا عام 1909م وتميزت بالدعوة الى طرح ونبذ التقليد) والطليعيون(جماعة تطبق افكار واساليب جديدة في التعبير الفني) لهم خلفيات تقليدية عميقة ومعقدة. فما يحدث عادة في عالم الادب هو رفضنا لآبائنا بينما وفي ذات الوقت إحتضان أحفادنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.