«الذهب.. الذهب يكاد عقلي يذهب» «1» في رحلة البحث عن الذهب تقول القصيدة الاسطورة في منهج التعليم السليم أقصد «القديم» والذي كان يدرس في المرحلة الابتدائية ان هناك راهبا قد رفع يديه الى المولى عز وجل طالباً منه ان يحيل له الاشياء ذهباً، وحينما تمت الاستجابة للدعاء، وكان النداء بالايجاب، اي «سوف يغدو من نضار كلما مست يداك»!! ولكن عندما مست يداه بنته وصارت صنما من الذهب!! كانت الحسرة وكان البكاء!! والفقدان لطعم الحياة. واليوم.. هل مست لوثة النضار أهل السودان، حتى نستعين بالفلاح المصري في زراعة ارض الشمال؟ «ونعيد توطين مليون مواطن مصري»؟! ثم ما الغاية من البحث العشوائي عن الذهب في المناجم «الاهلية» بواسطة أجهزة الكشف والتنقيب؟! وكيف أصبحت ارض النخيل والثمار عبارة عن فردوس مفقود باسم النضار، وأين الباوقة اللذيذ تفاحها؟! وأيهما الاهم في الحياة البحث عن القوت وزراعة الارض، ام البحث عن الزينة والحلي والحلل؟! هل هناك ثمة علاقة ما بين الذهب «وبناء السدود» واعادة توطين الفلاح المصري في شمال السودان؟! وأيهما أفضل للنفس البشرية في السودان، فتنة المال ام ثروة القناعة؟! وكنزها الذي لا يفنى؟! «2» الرؤيا والاندهاش كل هذه المداخل كانت عبارة عن رؤية بالإندهاش، لما صار من حديث يتداول في المجتمعات، عن رغد العيش والغنى السهل، وبان السماء في ارض الشمال وبالتحديد في ولاية نهر النيل، قد صارت تمطر ذهبا! والارض الجرداء فيها قد صارت منجما يسهل التنقيب فيه! لذا فلا بد من فلاح «أجنبي» للزراعة، طالما «ان الاتكال قد صار هو رأس المال»!! و«الكسل» هو أسهل طرق الحصول على المال، والسؤال؟ أي ذهب أصفر ذاك الذي عجزت وزارة الطاقة والتعدين منذ «اتفاقية» النفط عن التنقيب عنه؟! ام تلك من احد دلائل سطوة المركز في الخرطوم على بؤر القحط في صحارى الشمال؟ ولكن الارجح ان الذهب الذي تم اكتشافه بواسطة بعض «اهل المنطقة» هو أول الاهداف التي عجزت «الجيوش الغازية» لارض السودان في الحصول عليها، حينما أتت تبحث عن «الرجال والذهب»، وما يؤكد ذلك التكالب الشعبي في البحث من الشباب والكهول والشيوخ والنساء في الصحراء، وبين الجبال والكل يمني نفسه بالكنز علماً بان الكنز يمكن الحصول عليه اذا تمت الاعانة لعمار الارض بالايدي السودانية والا فان الاهانة اذا كان الرقاد هو الديدن، والقيام بالعمل بالتوطين لايادي الفلاح المصري، كما ورد في الاعلام الرسمي.. هو المقصود والمعني. «3» الأندلسيون الجدد وصياغة الشخصية السودانية: الشيء المؤسف ان الذي حدث ويحدث هو أحد دعاوى الاندلسيون الجدد من المستعلين على «الهوية السمراء» للشعب السوداني، فبعد ان أعياهم البحث عن «الفردوس المفقود» باسم هوية الاثن والدين في الكتب الصفراء والدعاوى الهدامة باسم اسلمة المجتمع، والاسلام منهم بريء!! لجأوا الى المتاجرة حتى في احلام الشعب الطيب، مستغلين شره الحاجة وكفرانية الجوع، والا كيف يكون مسموحا به «التنقيب» بواسطة أجهزة يمتلكها «بعض» الاهالي! في ظل وجود دولة مركزية ولها مؤسساتها المختصة بذلك؟ ام ان في الامر عجب؟! أين حق محمد أحمد المسكين، اذا كانت الايادي الشعبية هي الوسيلة المثلى للثراء الفاحش «بالمليارات»، وبالحصول على «كتل الذهب» السايبة؟! ٭ بل أين دور وزارة الطاقة والتعدين، وشركة أرياب؟ وخلاف ذلك... هل هناك سر «حلم» في مس الحجارة لتصير ذهباً؟ ما لكم كيف تحكمون؟! «4» النفرة الخضراء والذهب الأبيض: أين النفرة الخضراء؟! أين الدورات الزراعية، في المشاريع الاعاشية لابناء الشعب السوداني «طبعا في الشمال» ما بعد الانفصال، وعلى رأسها سيد المشاريع وعماد الاقتصاد السوداني، والى عهد قريب مشروع الجزيرة؟ اكبر مشاريع افريقيا، هذا اذا لم يكن من اكبر مشاريع العالم الزراعية؟ ونحن بزراعة «الذهب الابيض» سلة لغذاء العالم.. كما كان يصفنا ام لسان حاله اليوم، هو لسان حال «الانسنة» للفتى، والذي قال «اضاعوني، واي فتى اضاعوا»!! تلك هي الحال التي انتهى اليها ذاك المشروع العملاق، المنتج للقوت والذهب الابيض «طويل وقصير التيلة». بعد ان راهن خيال الاحلام في ظل دولة الانقاذ على مقولات بائدة «نأكل مما نزرع» وخامرت الذهب مفردة غير صادقة تسمى «بسندس الزراعي» ولحظتها لم يكن هناك ذهب اسود، يسمى ب «النفط» قد تم اكتشافه في حقول الجنوب السوداني ولم يقع وقتها «الانفصال» والصراع حوله، بل حتى الحركات المطلبية لم تحمل السلاح بعد لا في الغرب ولا حتى في الشرق. ولم تكن منطقة «أبيي» فتاة حسناء بكرة» «يقتتل» فيها الخطاب ما بين دولتي الشمال والجنوب. والسؤال من أضاع ذهب السودان الاصلي والكبير، والذي كانت قيمته تعادل «ثلاثة» دولارات اذا حولنا العملة الصعبة الى الجنيه السوداني؟ وهذا هو الفردوس المفقود الحقيقي، والرأسمال للاقتصاد السوداني، والذي ضاع ما بين نظريات بدر الدين سليمان «المايوية» وسياسة عبد الرحيم حمدي «الانقاذية»!! وما بين هذا وذاك كان الفقر هو المعيار لحياة المواطن السوداني، باستثناء «حفنة» التمكين، وهذا وفق معايير الشفافية الدولية، علماً بان الريف السوداني «الهامش» بمصطلح اليوم كان هو عماد الاقتصاد لكل حكومات المركز التي مرت على السودان، ولكن عندما ضاعت القناعة ب «الهوية» السودانية، وحلت مكانها دعاوى الاستعلاء والعنصرية، والتقسيم غير العادل للثروة والسلطة، كان الجفاف قد حل في العام والخاص في العام 4891م إبان الحقبة المايوية وتولدت من وقتها القطط السمان، والرأسمالية الطفيلية، وظلت ملازمة لتدهور الاقتصاد السوداني، وللحياة في السودان، والى اليوم «وما الانقاذ الا عبارة عن الميلاد الجديد لمايو» بشكلها العدائي للشعب السوداني، وللتأكيد على ذلك ما نراه من اهمال للارض الخصبة وتحويلها الى بلقع حتى عقرت، ليهتدي ولاة الامر أخيراً الى «اعادة توطين الفلاح المصري» في شمال السودان، وتلك هي آخر مآلات اليأس من رحمة الخالق الديان، حتى اصبح في الذهن «بسبب العداء» ان كل من يخرج من باطن الارض «الأم» هو طفل غير شرعي، ان كان ذهبا اصفر او اسود، والمحصلة النهائية، ان احلام الاساطير عند الانسان السوداني وحتى «المستحيل» يمكن الوصول اليها فقط اذا استعاد الانسان السوداني في «الشمال» المروءة واستصحب معه دروس التربية الوطنية، والتي اصبحت كالعنقاء والخل الوفي، في هذا الزمن «الاغبر»، هذا اذا لم تكن قد صارت من رابعة الاثافي وثامن المستحيلات والعياذ بالله!! «5» لا بد من الوطنية وإعادة الثقة للشباب حينما نأتي للحديث عن الوطن، فلا بد اولاً ان نستصحب مفهوم الاخلاق والتربية لان تلك هي مداخل النمو السليم لكل الاشياء في الوجود «خطوة بخطوة» كما يقول المثل الانجليزي، «لذا فالحديث عن مناجم الذهب «الاهلية» ما هي الا عبارة عن «مال سايب»، والكل يدرك ما يفعله المال السايب بالانسان!! وخاصة «ضعيف الاخلاق وقليل التربية»، والدعوة المقننة للبحث عن «الذهب» الاصفر» هي دعوة مقصودة لترك الفلاح «السوداني في الشمال» لارضه، اذا كان انسان الشمال السوداني حقيقة يبحث عن الذهب، فذهب السودان في زراعة الارض كما قلنا «لان القوت» اولاً ثم «الزينة» فالافراح تأتي بعد موسم الحصاد الناجح، لذا فعلى الجميع التوجه لاشاعة الخضرة في الحقول، طالما ان المياه العذبة، ما زالت تجري في السودان انهاراً، وهي بالضرورة أقيم من مليارات الذهب التي يتحدث عنها «الحالمون» من ابناء الوطن في «ولاية نهر النيل».. ومن قال ان السودان دولة وشعب في حاجة الى «كتل» وسبائك من ذهب، اوسع من اراضيه الخصبة، وانقى من مياهه العذبة؟! ٭ فمتى نعي درس الوطنية.. متى؟! ولماذا تتكالب حكومات العالم الاول ودول «الجوار» على السودان من أجل أراضيه ام من اجل ذهبه «الاصفر، والاسود، والابيض»؟! هامش: «سؤال بريء»: ٭ لماذا رأس المال العربي شرع يتدخل في مزادات استثمارية في الاراضي الزراعية في السودان؟! ألتحل محل المزارع السوداني في الشمال؟! ٭ لماذا صارت أرض الوادي النوبي «مليون فدان» بكر حتى الآن؟! ألا هل بلغت اللهم فأشهد