في ذاكرة الثقافة السودانية ظل اسم جيلي عبد الرحمن يحظى بالاحترام والتقدير هو ورفاق دربه من الشعراء.. وكان شاعراً في الخمسينات والستينات من القرن الماضي ملء السمع والبصر، وناقداً له دراساته.. أذكر منها تلك التي نشرتها مجلة الآداب البيروتية.. مفهوم الموت والحرية في شعر البياتي.. وفي 1971 عاد اسمه للواجهة بعد أن قررت سلطة مايو سحب الجنسية السودانية وجواز سفره، ولم تتم اعادتهما إليه إلا بعد انتفاضة مارس/ ابريل. وكان هذا التصرف من النظام سبب بعض القصائد التي نشرها جيلي عبد الرحمن في أعقاب حركة 19 يوليو. وقد كتب جيلي عبد الرحمن أطروحته للدكتوراة في روسيا عن تطور الأدب السوداني - ومبلغ علمي انها لم تنل حظها من النشر - .. وليس هذا سوى مثال لما أضعناه من تراث - فأطروحة العلامة عبد الله الطيب التي تمت ترجمتها مؤخراً تبحث عن ناشر - وأطروحة جيلي عبد الرحمن وغيرهما من كبار كتابنا وعلمائنا. وفي هذا الحوار الذي ننشره ونقدمه كاملاً لأي جهة يهمها أمر تراث الشاعر والناقد جيلي عبد الرحمن. والمطلوب الآن أن تقوم وزارة الثقافة ومؤسساتنا الاكاديمية بما ينبغي أن تقوم به من العناية بهذا التراث، والذي كلما تطاولت السنون أصبح الوصول إليه أكثر صعوبة واستحالة.. ولعلنا نطمع في أن نرى الآثار الشعرية الكاملة لجيلي والآثار النثرية الكاملة بين أيدي القراء.