انخفضت قيمة الجنيه السوداني مقابل الدولار الأميركي منذ إعلان دولة جنوب السودان، وجمد بنك السودان بند قسمة الثروة والمتعلقة بالسياسة النقدية والعملة والإقراض، بجانب تعليق العمل بالفصل الثاني الخاص بسياسات النظام المصرفي التقليدي بجنوب السودان. وذلك للتخوف من تأثر الاقتصاد السوداني بفقدان عائدات النفط المستخرج من الجنوب والذي يمثل 73% من إجمالي إنتاج السودان النفطي. وكان بنك السودان المركزي اصدر حزمة من القرارات بشأن التعامل مع دولة جنوب السودان مصرفياً بعد إعلان استقلالها رسميا.وشملت القرارات التي تضمنها منشور صادر عن البنك «تعديل سياسات بنك السودان المركزي للعام 2011 بتجميد كل ما يختص بالبند (14) من بروتوكول قسمة الثروة والمتعلقة بالسياسة النقدية والعملة والإقراض وتجميد كل المنشورات المصرفية الصادرة بموجبه وتعليق العمل بالفصل الثاني الخاص بسياسات النظام المصرفي التقليدي بجنوب السودان. وفيما يتعلق بتعامل المصارف السودانية مع المصارف بجنوب السودان، قرر البنك أن يتم التعامل مع مصارف الجنوب بنفس الطريقة التي يتم التعامل بها مع المصارف الأجنبية الأخرى، وأن لا تتم التحويلات إلا بعد توفير الغطاء اللازم بواسطة البنك المراسل بالعملات الأجنبية القابلة للتحويل. وفيما يتعلق بالصرافات وشركات الخدمات والتحاويل المالية، طالب البنك المركزي السوداني، جميع المؤسسات العاملة في هذا المجال ولها فروع بالجنوب، أن تعمل فوراً على توفيق أوضاع فروعها هناك. واعتبر بنك السودان المركزي أن الوضع بات تحت السيطرة بعد أن قام بتزويد السوق بالعملة الصعبة في الفترة الأخيرة، وأنه سيواصل القيام بذلك كلما اقتضت الحاجة، وأضاف في بيان أن المخاوف بشأن الانفصال لم تعد تؤثر. وبيّن أن صادرات البلاد من الذهب وسائر المواد غير النفطية ستوفر عملات صعبة عند مستويات مطمئنة. الا انه على الرغم من كل التحوطات التي اتخذت من قبل بنك السودان الا ان بعض الخبراء وصفوا ما يحدث في العملة السودانية بالازمة الاولى في السودان وقال الخبير الاقتصادي بروفسير عصام بوب ان الازمة الاولى في السودان هي حجم الكتلة النقدية الوطنية و حجم العملة الحرة الموجودة في البلاد وكيفية التعامل معها بحساب انها ترتبط بمستويات والمعيشة عند المواطن السوداني وترتبط ايضا بالاداء الاقتصادي الكلي و امكانية تحسين الاداء الاقتصادي السوداني على المدى القصير والمتوسط والطويل واشار الى مشكلة في تقدير حجم الكتلة النقدية من العملة السودانية الحالية واثر ذلك على تحديد استرتيجيات اعادة هيكلة الاقتصاد السوداني وطباعة عملة نقدية جديدة مما يعطي الدولة الفرصة لاعادة حساباتها بالنسبة لضبط الكتلة النقدية ووضع حساباتها بالنسبة للانفاق الحكومي والصرف على التنمية وتطبيق سياسات التقشف الا انه قال حتى الآن لم تظهر ارقام محددة وواضحة عن حجم الكتلة النقدية الجديدة والقديمة الموجودة شمالا وجنوبا واضاف ان بعض الكتاب قدروا حجم الكتلة النقدية بحوالي 10-2 مليار جنيه سوداني واصفا هذا الرقم (بالمضحك) واعتبره خاطئا تماما ولا يتفق مع القواعد الاقتصادية في حساب الكتلة النقدية الحقيقية التي يحتاجها الاقتصاد السوداني و قال اذا كان هذا الرقم صحيحاً فان هذا يعني ان الاقتصاد السوداني تمت (فرملته) على مدى السنوات السابقة الا انه قال حسب علمي فان الكتلة النقدية المقدرة في حدود 25 مليار جنيه سوداني يضاف اليها الكتلة النقدية التي تمت طباعتها حاليا ويخصم منها ما يتم سحبه من السوق واكد انها حسابات دقيقة وقال حسب علمي لم تدخل في تقديرات الاثر على احتياطي العملة النقدية الاجنبية الموجودة حاليا وقال يضاف الى ذلك الاضطراب النفسي والاشاعات و نقص الموارد في التاثير على زيادة الطلب على العملة الاجنبية باعتبار انها مخزن اقتصادي للقيمة المالية للسلع والخدمات التي يحتاجها المستهلك و قال ان الاثر الاجمالي لهذه التقديرات الغير صحيحة يضيف الى الآثار الاقتصادية الواقعة حاليا على اسواق النقد الاجنبي والعملة الوطنية في البلاد واكد ان تراكم هذه العوامل يؤثر على الاداء الاقتصادي الكلي وعلى امكانيات الانتاج المستقبلية واشار الى انه اذا لم يتم اعادة النظر واعادة هيكلة السياسات الاقتصادية الكلية فان السودان مواجه بعواقب اقتصادية وخيمة واضاف ان الدولة حتى الآن لم تسرع في اتخاذ اي خطوات مضادة لهذا التدهور. من ناحية اخرى اشار الى تقارير تتحدث عن انحسار مستويات الادخار في العملة الوطنية في المصارف واعتبره امرا طبيعيا باعتبار ان هناك افتقاراً للثقة في القيمة الحقيقية للعملة و قدرتها على تغطية الاستهلاك المستقبلي وقال ان المواطن الآن يسحب امواله من المصارف ويحولها الى عملة اجنبية و سلع معمرة وعقارات لاحساسه بفقدان القيمة الحقيقية للنقود بمرور الزمن و يفضل استثمارها في شئ غير العملة الورقية او استهلاكها باسرع ما يمكن وقال ان هذا الامر يتطلب ردود فعل من السلطات الرسمية بالاضافة الى اجراءات كثيرة يمكن القيام بها الا انه قال ان هذا الامر لا يظهر في الصحف الرسمية او في تصريحات المسؤولين و توقع ان يستمر التدهور في حجم الكتلة النقدية خارج المصارف وخارج اوعية الادخار، الامر الذي يفقد الدولة القدرة على جمع رؤوس الاموال اللازمة لتمويل مشاريع و انشطة الانتاج الاقتصادي الحقيقي.