مشهد أول: عشرات السنوات قضوها في خدمة الوطن بلا كلل أو ملل او تقاعس، كل من خلال موقعه، لم يبخلوا بالجهد او بالأيام، فمنهم رجال، راعوا ووجهوا وما بخلوا حتى قيض الله لهم ان يتركوا أمكانهم لغيرهم، فتفانوا في الخدمة حتى انهم نسوا او تناسوا هذا اليوم الذي تتخلى فيه عنهم مؤسساتهم وتتركهم تتخبطهم الحياة والصندوق القومي للمعاشات ليته يفي بالوعد.. مئات بل آلاف الموظفين جندت لخدمة المعاشيين ولكن بماذا تخدمه؟؟؟ومبانٍ ضخمة ومكيفة وهو ينتظر في هجير الشمس لصرف ال.... الذي لا يغني ولا يسمن من جوع. وأنت قرب الصندوق القومي للمعاشات تراهم وقد تكوموا واصطفوا بالعشرات، في منظر حزين وبائس والمعاشي تحس أن غصة في حلقه ولسان حاله يقول: «ما هكذا نكافأ.. وانا حينما انفقت عمري أعطيت ما استبقيت شيئاً»، ولسان حال آخر يقول «أنا رجل كبير أعاني الضغط والسكري ولا أقدر على الوقوف والانتظار، وهم يقضون الساعات الطوال منذ الصباح الباكر والى نهاية اليوم ..أعطوهم او منعوهم. نأمل من صندوق المعاشات تقنين آلية صرف المعاش لكبار السن الذين قدموا حياتهم من أجل هذا الوطن. مشهد ثانٍ: اثناء زيارتي لأحد المعارف بمستشفى الخرطوم وقبل ان اصل الى داخل المستشفى ومن الوهلة الاولى، ذهلت لتلك الاعداد الكبيرة وهي تنتظر بالخارج، رجال ونساء ينتظرون في هجير الشمس المحرق وهم صائمون الى حين حلول مواقيت الزيارة.. وجدتهم يتبادلون الأخبار عن بعضهم البعض ويتقافشون ويحكون النكات، وتسمع ضحاكاتهم تملأ فراغ الانتظار الموحش وكأنهم في المنزل او في متنزه عام. المنظر مثير للاستغراب رغم انه مألوف عند السودانيين لادمانهم المجاملة التي تفوق في بعض الاحيان الحدود وترهق كاهل اهل المريض الذين تتكالب عليهم المصائب، فاتورة الدواء ومصاريف المستشفى، فزيارة المريض بالمستشفى اصبحت من الاعباء، وأيضاً من الواجبات التي لا بد من القيام بها ولو بشق الانفس. مشاهد متفرقة: ٭ في مدينة الخرطوم هذه الايام الطقس معتدل الى حد ما.. بزيادة منسوب النيل، لاول مرة يفيض النيل بشواطئ الخرطوم وهي جافة تماماً من الامطار. وينثر مياه الخير عبر المساحات الشاسعة فتتشكل نقطة اقتران بيضاء وزرقاء بالمقرن، وتتجلى صورة زاهية تذهب الحزن.. ماء وخضرة ووجه حسن. ً كعادتنا نحن السودانيين وخلال شهر رمضان، وعند منتصفه نكثر من زياراتنا للأهل والمعارف من باب صلة الرحم .. وكذلك هناك صورة مشرفة ومشرقة نباهى بها كل العالم، وهي ظاهرة الشباب في صلاة التراويح، فمساجدنا عامرة بالشباب وبأعداد كبيرة تبعث الأمل على نطاق ولاية الخرطوم. خاتمة : «رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ». [email protected]