أثارت المساجلات بين القانوني رئيس البرلمان الأستاذ أحمد ابراهيم الطاهر والأستاذ الجامعي الدكتور الطيب زين العابدين شهية أهل الصحافة في تناول الموضوع محل السجال وهو مخصصات وراتب رئيس البرلمان والتي كشف زين العابدين بعضا منها وتطور الأمر الى التهديد بالقانون واللجوء الى القضاء والذهاب ابعد من ذلك وهو تحديد العقوبة التي تنتظر الطيب ، رغم ان زين العابدين في مقالة المح الى امكانيات الطاهر القانونية والى خبرته وكأنما يصفها ويتحسر الى أن الطاهر خلف الدكتور حسن الترابي على رئاسة البرلمان وكأنه يشير الى الفارق بين الاثنين في مجالات السياسة والقانون. وبنظرة أخرى غير التي تناولها الزملاء فان هذا السجال يشير الى أمرين مهمين جدا والأول هو أن الدكتور الطيب زين العابدين له تاريخ في مسيرة الحركة الاسلامية السودانية وله امكانيات أكاديمية وفكرية تؤهله الى تولي العديد من المناصب في حكومة الانقاذ الوطني ، وبحسابات كثيرين فان زين العابدين أفضل من شخصيات لازالت تتنقل في المناصب ،وقيل ان الاخوان عرضوا على الطيب منصب سفير في الخارجية وتم ترشيحه الى الجزائر أو باكستان وقيل ان الطيب رفض العرض وأصبح على قائمة الغاضبين والتي تضم الى جانب الطيب الدكتور حسن مكي مدير جامعة أفريقيا حاليا والمهندس عثمان مرغني رئيس تحرير صحيفة التيار السياسية ويجمع بين الثلاثة أنهم لم ينالوا من «الحب» جانبا ، ففي ذلك الوقت كان مكي يكثر من انتقادات الحكومة في الحوارات الصحفية ومجالس الأخوان التي كانت تنعقد في بعض المنازل مثل الفطور الذي كان يقام في منزل المرحوم محمد يوسف أو منزل الأخ محمد عبد الله جار النبي وأيضا لم تخلُ كتابات ميرغني في «حديث المدينة» في صحيفة «ألوان» في ذلك الوقت من انتقادات بررها البعض بان ميرغني كان قائدا طلابيا في مصر ولم تحفل به الحكومة وهو يرى عضويته تنطلق بسرعة البرق في المناصب في المؤسسات المهمة مثل الخارجية وجهاز الأمن والمخابرات وبعض الهيئات العامة فضلا عن المناصب الوزارية في المركز والولايات. ويبدو أن مكي اكتفى بالجامعة والادارة ومن قبلها بالبحوث والدراسات ، وان ميرغني وجد في «الصحافة» مبتغاه وأصبحت له منبرا يهاجم فيها الحكومة وسياساتها وجعلت منه شخصية صاحب سلطة رابعة بعد أن فشل أن يكون سلطة أولى وان كان البعض يأخذ على ميرغني أن بعضا من النرجسية تعتريه من حين الى آخر، وان مكي لاينفعل ولايحدث ردود فعل في بعض الموضوعات وينظر الى الأمور نظرة غير التي تتوافر عند البعض وهو مثل الشاعر أبو الطيب المتنبي يقول كلامه وينام ملء جفونه ويسهر الخلق جراها ويختصمون. أما الدكتور الطيب زين العابدين فقد يكون عرف عنه انه «دوغري» الى درجة حاد جدا وهذا ما صعب مهمته في ايجاد قاعدة انطلاق مع اخوانه في مسيرة الحكم التي استمرت أكثر من عشرين عاما ،وظل في حالة حياد تطورت الى مواقف اعتبرها البعض تعبر عن حالة سخط واحباط وتحولت الى نظرة تشاؤمية ل«أترى في الوجود شيئا جميلا » كما قال الشاعر المهجري اللبناني ايليا أبوماضي ، الأمر الذي جعل البعض يصنف المقال بأنه يحمل تسريبات من الزمن الماضي ، وان الطيب يشير في مقاله وكأنه يقدح في مقدرات الطاهر القانونية والسياسية. وهذا الوضع يشير الى أن هناك الكثير من الملفات سوف تفتح وتكشف الكثير من المعلومات التي كانت خافية مثل راتب ومخصصات بعض الدستوريين تحدث عنه الطيب وأيضا مادار بين العبيد أحمد مروح الناطق الرسمي لوزارة الخارجية والأمين العام للمجلس القومي للصحافة والمطبوعات والصحفي الطاهر ساتي حول أن الأول جمع بين وظيفتين وكال فيه الطاهر كل المعلومات التي حصل عليها من اجل دمغ عبيد بهذه التهم التي أشار اليها ورد العبيد عليها وكأنه يريد أن يقول ان للطاهر ساتي أسبابا أخرى غير المصلحة العامة تدفعه للكتابة في هذا الموضوع. وواضح جدا أن الأخوان بعد انفصال الجنوب لم يجدوا عدوا يتحدون عليه فبدأوا النبيشة بينهم وكشف المستور وربما تكررت هذه الظاهرة بعد الصراع الذي دار بين وزير الارشاد أزهري التجاني ومدير الحج والعمرة السابق أحمد عبد الله. وهنا معركة أحمد ابراهيم الطاهر والطيب زين العابدين وأيضا ما دار بين العبيد والطاهر ساتي يدخل في هذا الاطار. أما الأمر الثاني في هذا الموضوع هو الاتصالات التي أجراها رئيس البرلمان مع عدد من رؤساء تحرير الصحف حول مخصصات نواب الشعب ونفيه ذلك الخبر وما ترتب عليه من تناول في أعمدة بعض الكتاب ، مقرونا هذا بالتعديل الجديد لقانون الصحافة والمطبوعات . فالأمر يشير الى أن فسحة الحرية التي أوجدتها نيفاشا والدستور الانتقالي لسنة 2005م لن تكون بذات السعة في القانون المقترح والا ماجاء تقديم التعديل بعد الانفصال مباشرة من دون القوانين الأخرى ، هذا الى طبيعة الدولة الجديدة والتي يتطلب وضعها الجديد ترتيب الأمور بحيث لا تتكرر الأخطاء التي وقعت في عهد الجمهورية الأولى وبالتالي ستكون القبضة محكمة أكثر من الفترة الانتقالية التي انتهت بانفصال الجنوب ، والبعض يشير الى العقلية التي تحكم الاعلام وتريد أن يكون في اتجاه واحد ، فاذا طرح سؤال متى رفع رئيس البرلمان سماعة الهاتف وتحدث مع بعض رؤساء التحرير في شأن عام وبمبادرة منه دون أن يريد ان يوصل رسالة معينة أن مؤشر ماحدث يشير الى أن ماحدث لم يكن الا تعبير عما يحدث في المستقبل بان هناك الكثير من الملفات سوف تفتح ولا يجد أصحابها فرصة رفع سماعة الهاتف للتصحيح أو التهديد وان كثيرا من الناس الذين نحسبهم أغنياء من التعفف سنضرب كفا بكف تحسرا ونقول والدهشة ظاهرة على الوجوه حتى أنت يا بروتس.