٭ الامل هو الحلم، والاختلاف بين الحلم والواقع لا يسبب كثير ضرر اذا كان صاحب الحلم صادق الايمان عميق القناعة بحلمه وامله، واذا كان تأمله للحياة من حوله بانتباه وقوة ملاحظة حاضرة ومتيقظة للمقارنة ما بين الحلم المأمول وحركة العمل لتحقيق هذا الحلم. ٭ وحتى اذا كان العمل صادقاً وبصورة عقلية ووجدانية معا نحو الهدف، تكون نقاط التماس بين الحلم المأمول والواقع وعند وجود هذا التماس تسير كل الامور على ما يرام. ٭ اذن ما هي طبيعة احلام الفرد واحلام الشعوب واحلام الامم؟ ٭ الانسان العادي يحلم في دائرته الخاصة العتيقة.. يأمل ويحلم احلامه المحدودة في حياته كأن ينجح في الدراسة او التجارة او في قصة حب او في فرصة هجرة او .. او.. الخ. ٭ والانسان غير العادي، الانسان المتقد الوجدان عالي الحس الوطني يحلم في دائرتين ويربط بين الاشياء يحلم للوطن وللانسانية جمعاء، ومن خلال هذا يأمل لنفسه ولا يفكر في الخلاص الذاتي او الحل المؤقت المحدود. ٭ من مجموعة هؤلاء تأتي احلام الشعوب بالعزة والمنعة والرخاء والعدل والمساواة، ويظل الحلم يكبر ويكبر.. كل الثورات التي انتظمت تاريخ البشرية بدأت احلاماً وآمالاً واماني كبيرة، ولحظات نجاحها تكون البداية لخلق نقاط التماس بين الواقع والحلم وكلما كثرت هذه النقاط اتسعت مساحات الحديث والململة والنقنقة وتزاحمت المصطلحات والمسميات.. تسليم السلطة للشعب.. التحول الديمقراطي.. العدل.. المساواة.. التعددية.. الشراكة التجمع الوطني.. المؤتمر القومي.. المشاركة.. الحرب.. السلام.. الغلاء.. العلاج.. العطالة.. ال .. ال.. ٭ باختصار وجد الانسان السوداني نفسه في هذه الايام وسط لجج من الكلام جعلته في حالة هرولة لاهثة ما بين اليقين والامل حتى اوشكت انفاسه ان تنقطع.. لجج كلام يشبه كلام اهل بيزنطة حول هل البيضة من الدجاجة ام الدجاجة من البيضة؟. ويشبه كلام فقهاء الغساسنة حول ماذا تفعل المرأة اذا نمت عندها لحية او شنب هل تحلقها ام تتركهما؟.. بينما الواقع يزداد كل يوم تعقيدا وقتامة وقطاع من ولاة الامر يشغلون انفسهم في البحث عن كيفية يعاقبون بها الذين تتطاول اقلامهم او ألسنتهم عليهم، وعلى انجازاتهم التي لا تظهر وسط تلال واهرامات المعاناة معاناة في كل مجالات الحياة آخرها موجة الغلاء الفاحش التي شملت كل متطلبات الحياة الضرورية.. ومع ذلك تجد الذين يتحدثون عن الرخاء وعن الشوارع المليئة بالخبز من الصباح حتى المساء.. والحقيقة المستفزة الشوارع ليست مليئة بالخبز وحده وانما باللحمة والتفاح والعنب والكمثرى والمشمش والبرقوق والخوخ.. ولكن هل يشبع الناس بالنظر، فالغالبية الساحقة تنظر لهذه الاشياء في اماكنها معلقة ومعروضة في الاكشاك وواجهات المحال.. ويتعمق احساسها بالحرمان كل يوم ويحيطها الفقر من كل الجوانب، ويسخر من الاحلام المشنوقة. هذا مع تحياتي وشكري