٭ ربما لم يكن الدكتور أحمد محمد محمد صادق الكاروري معروفاً ومشهوراً قبل ان يتقلد منصب الامين العام لنادي الهلال العاصمي، رغم انه دخل العمل العام قبل أكثر من عشر سنوات حينما تم تعيينه مفوضاً للشؤون الاجتماعية والبيئية بوحدة تنفيذ السدود، فالامين العام للهلال هو نجل القطب الاسلامي الشهير الشيخ الراحل محمد محمد صادق الكاروري احد «أبكار» حركة الاخوان المسلمين، ومن رواد جيل التأسيس من صف الحركة الاسلامية أمثال الشيخ محمد يوسف محمد وموسى ضرار وغيرهما من القادة، بجانب ان الكاروري أسس معهد نوري الديني لتعليم القرآن وعلومه، ومن المؤسسين كذلك لمنظمة الدعوة الاسلامية ورئيس مجلس امناء جامعة ام درمان الاسلامية، والاهم من ذلك ان الكاروري الكبير اشتهر بأنه كان رفيق الشهيد الامام الهادي المهدي ومعه مهدي ابراهيم والشهيد محمد صالح عمر حينما كان الامام الصادق يقف في صف المعارضة ضد الرئيس الاسبق جعفر محمد نميري، وكان الكاروري احد شهود مقتل الامام الهادي بمنطقة الكرمك حينما اراد الخروج من السودان والدخول الى الاراضي الاثيوبية بعد احداث الجزيرة ابا وود نوباوي الشهيرة!! ٭ ويعتبر الكاروري الكبير واحداً من رموز جبهة الميثاق الاسلامي وترشح في دائرة نوري عام 8691م واصبح عضواً بالجمعية التأسيسية في تلك الفترة. وكان شباب الاسلاميين يهتفون «الكاروري وجوده ضروري»!! ثم ترشح في انتخابات 6891م في دائرة ام بدة عن الجبهة الاسلامية القومية التي اصبح واحدا من اعضاء مكتبها التنفيذي. والشاهد ان اسرة «الكوارير» اسرة كبيرة وممتدة ابرز رموزها الشيخ عبد الجليل النذير الكاروري امام وخطيب مجمع الشهيد بالمقرن، وهو ايضا نائب الجبهة الاسلامية القومية في مرحلة الديمقراطية الثالثة في الجمعية التأسيسية عن دائرة «اللاماب.». الا ان الكاروري الصغير لم يطرق باب العمل السياسي واختار العمل ضمن الطاقم المنفذ لمشروع سد مروي، وكان هو المسؤول عن ملف التهجير والتعويضات الخاص بمتضرري قيام السد وهي مهمة عسيرة وصعبة خاصة مع المواجهات التي تدور بين المتأثرين ومسؤولي السد من قبل المناصير واهالي امري والحماداب وغيرهم. ورغم ان الرجل حاول الابتعاد عن السياسة والعمل السياسي الا ان قيام السد نفسه ثم المعارضة التي وقفت ضد قيامه، حولت المشروع الى قضية سياسية ارتفعت حدتها بتكوين مليشيات عسكرية اعلنت انضمامها لقوى المعارضة مثل حركة «انصاف المهجرين» التي قادها علي عسكوري من بلاد المهجر وغيرها. ٭ وكان الشباب والطلاب في مناطق التهجير يرفضون التعامل مع وحدة تنفيذ السدود خاصة في مناطق سدي دال وكجبار بمناطق المحس والسكوت، ويرددون هتافات داوية ضد الرجل حينما يقولون: «غوري غوري يا الكاروري سد كجبار ليست ضروري» بكلنة نوبية مميزة تؤنث المذكر وتذكر المؤنث.. ومع ذلك فالرجل ليس بعيدا بالكلية عن السياسة فرسالته التي نال بها درجة الدكتوراة هي بحث سياسي خصصه عن العلاقات السودانية- الاميركية. ٭ المهم.. ان د. الكاروري ظهر في انتخابات الهلال ضمن قائمة البرير التي جلست بارتياح على مقاعد مجلس ادارة الهلال الجديد بعد رحيل المجلس السابق بقيادة صلاح ادريس وتولى الكاروري منصب الامين العام للمجلس واصبح من ابرز نجوم الرياضة نظراً للاشكالات والخلافات التي تحدثها «المدورة»، وتردد انه هدد بتقديم استقالته من المجلس اخيراً. وقد جرى العرف ان يكون اغلب الاداريين هم من رجال الاعمال في مجلس ادارات الاندية، وندر ان يكون فيهم رجل اكاديمي ما عدا القليل امثال الدكتور كمال شداد والدكتور علي قاقرين والدكتور عبد الحليم محمد، ثم اخيرا الدكتور الكاروري رغم ان الامين البرير منح درجة الدكتوراة الفخرية. ٭ وبالطبع فإن العمل في وحدة تنفيذ السدود وفي نادي مثل الهلال العاصمي يحتاج الى رجل يمتلك «الروح الرياضية»، ولعل الروح الرياضية هي التي قدمت الرجل ليحتل منصب الامين العام لمجلس ادارة الهلال!! ٭ وقد سكنت اسرة الكاروري في اركويت شرقي الخرطوم بحي الفردوس شمال وهو الحي الذي اسسه الاسلاميون في ثمانينيات القرن الماضي، وارتبط الحي في اذهان الكثير بالشيخ «صاحب الرقائق» الصافي جعفر والشيخ بدر الدين طه والشهيد عبد السلام سليمان، ورجل الاعمال عبد السلام المبارك. ٭ وكان الحي فيما مضى يسمى ب «الاحراش» نسبة لوجود الاشجار الكثيفة فيه ووجود الحيوانات وابرزها الخنازير التي كنا نطلق عليها «الكداريك» ونحن نراها تتجول بحرية خارج وداخل «الاحراش» وترعى وسط الغابة التي تحولت الى مكب للنفايات ، يشقها خط السكة الحديد وكان يحدها من جهة الشرق الجريف غرب ويتوسط المنطقة الواقعة بين الجريف والفردوس شمال قصر د. علي الحاج محمد نائب الامين العام للمؤتمر الشعبي المعارض، وكان يسمى بالقصر العشوائي؛ لانه شيد في منطقة غير مخططة وعشوائية هي الفردوس!! ٭ كان ذلك منذ وقت طويل.. وبالطبع فإن مياها كثيرة مرت من تحت الجسر وبالامس القريب حينما جئت للتسوق بمركز «الصفوة» التجاري بمحطة «المظلة» بالفردوس شمال، وجدت الدكتور الكاروري ضمن زبائن المركز الذين يترددون باستمرار من اجل الشراء، ورأيت كيف ان رواد المركز يصافحون الرجل فيرد عليهم بتحية احسن منها، بروح فيها الابتسامة والاريحية. ٭ وبالتأكيد ليس كلهم «هلالاب» وقد يكون فيهم من يشجع فريق «المريخ» مثلا او يدعم مجلس ادارته، لكن لم يكن الانتماء يظهر يومها فقط كانت «الروح الرياضية».. واحترام الآخرين حتى لو كنت اختلف معهم سياسياً ورياضياً.. لان اختلاف الرأي قطعاً لا يفسد للود قضية!!