لا شك أن قرار الرئيس الذي اطلقه ليلة الأول من أمس من منصة خيمة الصحافيين باطلاق سراح جميع الصحافيين المعتقلين قد نزل بردا وسلاما على كل الاسرة الصحفية الا من لم يكن سويا أو كان في قلبه مرض، وقبل مجتمع الصحافة لا بد انه اسعد اسر واطفال هؤلاء المعتقلين خاصة وان القرار قد جاء في خواتيم رمضان والناس يتهيأون لاستقبال العيد، وسبحان الله فبعد ان كانت اسر هؤلاء الزملاء تتهيب قدوم الاعياد في غياب رب الاسرة الذي يترك عليها اثرا سالبا معنويا وماديا الا ان عيد هذه الاسر هذه المرة سيكون عيدين والفرحة ثلاث فرحات، عيدين، عيد وداع رمضان وعيد استقبال الوالد الغائب او الابن او الابنة، ولهم فوق فرحة الصائمين بيوم فطرهم وعند لقاء ربهم فرحة ثالثة بوجود والدهم/ اخوهم/ اختهم، المحبوس حرا طليقا بينهم، وكل هذه البشائر جعلت لهذا القرار صدى كبيراً وأهمية خاصة مستحقة كونه اولا قد جاء في مناسبة صحفية خاصة جمعت طيفا واسعا من الصحافيين الى جانب ضيوفهم وكان المتحدثان الرئيسيان فيها اثنين من كبار الصحافيين ومخضرميهم وزاد القرار صدى وصيتاً ما بدا وكأنه جاء استجابة لمناشدة الفنان الكبير محمد الامين الذي انشد (مبدأ الحرية اول) هذا النشيد الاكتوبري الخالد في مستهل وصلته الغنائية، وكان الرئيس قد اعقبه في الحديث الذي اطلق في ثناياه قرار اطلاق سراح الصحافيين، والصحافيون المعنيون بالقرار هم دون لبس او تسويف ابو ذر الامين وجعفر السبكي والزملاء الآخرون العاملون براديو دبنقا، فمبلغ علمنا انه ليس هناك صحافيون معتقلين غيرهم حتى لا يلتبس الامر فيقال ان هؤلاء ليسوا معتقلين وانما محتجزون على ذمة قضاياهم المنظورة امام المحاكم. وبعد الثناء على هذه الخطوة التي بادر بها الرئيس واستحقت التقريظ غض النظر عن كونها مجرد عيدية او منة او منحة شخصية ارتبطت فقط بالمناسبة التي شارك فيها الرئيس وجاء قراره وليد تلك اللحظة، الا ان الذي نأمله ان لا يكون ما اقدم عليه الرئيس في تلك الليلة مجرد مبادرة وخطوة شخصية ارتبطت بشخصه وانما تكون هي الخطوة الاولى في مسار مبادرة اصلاحية تصحيحية شاملة تعيد للصحافة وضعها المفترض ان يكون بين السلطات الثلاث وذلك عبر الاصلاح القانوني الذي يرفع عنها الضيم الذي ظلت تكابده من جهات اخرى وقوانين اخرى فلا يعتقل او يحاكم بالسجن صحافي بسبب رأي كتبه او لاي سبب متصل بادائه المهني هذا اذا ما كان المراد لهذا الشعب التطور ولهذه البلاد التقدم والرفعة، فاذا كان ذلك هو المراد حقا فعندئذ لا قضية تعلو على قضية الحريات التي لا بد ان تتقدم على كل القضايا وقبل اي هدف لا يمكن تحقيقه الا اذا ما امتلكت الشعوب حريتها في التعبير والتنظيم واختيار الحكام ومحاسبتهم وبذلك سيقوى المجتمع والدولة بقوة الشعوب المشاركة بقوة في صنع حاضرها وتقرير مصيرها والتطلع لمستقبلها.