نابعا من الجبال الشرقية بكردفان ينحدر خور ابو حبل مندفعا وجامحا محدثا اصواتا تسمع على بعد عدة اميال .. مخترقا سهول ووديان ولايتي كردفان والنيل الابيض ليصب شمال مدينة كوستي .. على ان اكثر المدن تأثرا بقوة اندفاعه وتغيير اتجاهه تظل مدينة تندلتي التي تتحمل كثيرا من مجازفات الخور الذي يعد نهرا في حد ذاته .. ومع نهاية عطلة عيد الفطر المبارك جمح الخور العظيم مهددا مدينة تندلتي، (الصحافة) توجهت من مدينة كوستي التي تقع على بعد 90 كيلو مترا من تندلتي لتتقصى اندفاع الخور ومدى تهديده لتندلتي. وفي الطريق الى تندلتي كانت الخضرة على جانبي الشارع هي المنظر الوحيد الذي تراه العين .. وذكرى ما يدمره خور ابو حبل في طريقه تترآي الى الذهن وآخرها قبل ثلاثة اعوام عندما اضطرت السلطات المحلية لاقتلاع مسار خط السكة حديد من كوستي الى بابنوسة للسماح بمرور المياه الفائضة من الخور منعا لاجتياحها المدينة .. وعند وصولنا الى كبري الخور مع تقاطع شارع اسفلت الابيض كانت المياه تفيض على الجانبين وتغرق الاشجار وتمتد الى داخل مقابر المدينة .. وعلى البعد لاحت لنا آليات ثقيلة بلدوزرات وبوكلينات تعمل جاهدة وكانت المفاجأة التي لم نكن نعلم بها وهي ان تلك الآليات كانت تعمل منذ ثلاثة اشهر لاقامة سد بين ضفتي الخور للتحكم بجريانه والاستفادة من مياهه في فصل الصيف لحل مشكلة مياة المدينة. صعدنا على ظهر السد الذي تنفذه شركة بحر ابيض وكان سدا كبيرا يمتد على مدى اكثر من ثلاثة كيلو مترات وبجانبه مزلقان مشيد من الاسمنت المسلح يساعد في تصريف المياه الفائضة من الخور لئلا تلتف من حول المدينة وتدمرها .. علمنا من العمال ان السد يشيد من اجل ملء حفير ضخم على الضفة الشرقية للخور لحل مشكلة مياه تندلتي التي استعصت على كل الحلول والحكومات .. كان الكل مشغولا لانجاز المزلقان الاسمنتي خلال اسبوع قبل ان تنحدر الموجة الجديدة من مياه الخور التي ستكون قوية ضعف موجة نهاية عطلة العيد .. يقول حسن الامين (مواطن) ان خور ابو حبل استعصى على كل محاولات ترويضه من قبل، ويوضح الامين ان هذه المحاولة لربما تكون الاخيرة لحماية تندلتي من فيضان ابو حبل وتزويد المدينة بالمياه في الوقت نفسه واعرب عن امله في حل المشكلتين نهائيا . حاولنا التحدث مع مهندسي المشروع لكنهم كانوا مشغولين بالعمل وقال احد المهندسين رافضا الكشف عن اسمه انهم ظلوا يعملون منذ اول من امس ولم يناموا حتى الآن خوفا من اجتياح مياه الخور لمواقع العمل المتبقية واكد انهم اضطروا لفتح مسار صغير لمياه الخور خوفا من التفافها حول المدينة. تركناهم خلفنا يجاهدون في ترويض الخور وثمة قصة من الروايات الشفهية في تندلتي تحكي ان الصينيين عرضوا على حكم جعفر نميري مشروعين هما تغيير مسار خور ابوحبل او تشييد قاعة الصداقة لاختيار واحد منهم وبغض النظر عن صدق الرواية فان خور ابو حبل الآن تحت محاولات الترويض فهل تنجح المحاولة ام ان للخور كلمة اخرى يحكيها في مقبل الايام .