الجاليات التي تعتبر الدبلوماسية الشعبية لها دور كبير، بل هي العضد والسند للدبلوماسية الرسمية في كل دول العالم، ولها دورها المنوط بها اجتماعياً وثقافياً وأدبياً وكل ما يهم المغترب، وخلال السنوات الأربع الماضية ظلت الجالية السودانية بمنطقة مكةالمكرمة والمنطقة الغربية عموما، تعاني غياباً وفراغاً دبلوماسياً شعبياً أعاق حراك المغترب السوداني ونشاطاته المعهودة ثقافياً وأدبياً واجتماعياً، اللهم إلا من بعض الأنشطة التي تقوم بها بعض المنتديات والروابط التي ملت القعود، فكانت تنشد ضالتها في تلك الأمسيات، وفي ظل تجميد الجالية تولدت الكثير من الإفرازات التي لم يعهدها مجتمع الجالية من قبل، فانفلق البحر الواحد وأصبح أطواداً من مياه، ليذهب الماء بعيداً وتبقى كثبانا من رمال لا تجد حولا ولا قوة أمام رياح التفرقة والجهوية والحزبية وحب الذات، فتلتئم أحياناً صداماً وتتشرذم أخرى، وفي ظل هذا الصراع وهنت وشائج المجتمع، فأصبح أرضاً خصبة لكثير من الممارسات السالبة التي لا تشبه المغترب السوداني، وكل حزب بما لديهم فرحون، علماً بأن الدبلوماسية الشعبية هي الوعاء الجامع لكل أبناء السودان بعيداً عن الحزبية والجهوية البغيضة، وفي ظل المتقلبات السياسية بالوطن الحبيب استفتاء، سلام، انتخابات، انفصال، أوضاع المغتربين في ليبيا، كل تلك الأحداث ألقت بظلالها على تكوين الجالية بالمملكة، لذلك كان العبء كبيراً على الدبلوماسية الرسمية كونها الراعي الأول لكل شرائح الجالية، فبعدلها وحياديتها يكون الصلاح والفلاح، ويكون الغرس الجيد لجالية معافاة ينصهر فيها كل أبناء الوطن، وهذا دأب قنصليتنا بجدة ومنسوبيها الذين لم يدخروا جهداً في محاولات رأب الصدع ولم الشمل، ليعود مجتمع الجالية لسيرته الاولى، وفي هذه الأيام المباركات حلَّ بين ظهرانينا ضيف عزيز رجل همام سبقت سيرته قدومه.. سعادة القنصل خالد محمود الترس، ليتولى مهام عمله قنصلاً عاماً بجدة، ومن محاسن الصدف وخلال الأسبوع الأول لوصول سعادة القنصل، كانت هناك العديد من المناسبات الثقافية، فما كان من سعادته إلا أن لبى الدعوة رغم مهامه الجسام وملفاته الشائكة المزمنة. «تفاءل خيراً تجده» وضعت هذا الحديث نصب عيني، وانا استمع لمفردات خطاب سعادة القنصل التي اتسمت بالبساطة والوضوح والجدية، ومنها «أن القنصلية هي دار كل السودانيين ومكتبي مفتوح للجميع»، وحقيقة الكل متفائل بهذا الرجل الهمام، ومع هذه الاطلالة المباركة نقول لكل الفرقاء تعالوا الى كلمة سواء، فالقضية واحدة والهم واحد والقصد واحد، فمن كانت هجرته إلى هذه فهو على الحق المبين، ومن كانت هجرته لمصالح شخصية أو نعرة جهوية أو طائفية حزبية، فنحن منه براء.. وختاماً دعوها فإنها منتنة. جدة