في مفترق الطرق بين عدم استتباب الامن واستقرار الاوضاع السياسية وما ينجم عنها من تشريد ومسغبة وانين الاطفال الرضع والقصر واليافعين وبين الاوضاع السياسية الراهنة في الصومال والسيناريوهات الممكنة للخروج من الازمة عقدت أمس ندوة بمركز دراسات المستقبل عن (الوضع السياسي الراهن في الصومال). تحدث في فاتحة الندوة مدير مركز الشاهد للدراسات المعاصرة الدكتورمحمد احمد الشيخ وقال ان الشعب الصومالي يعيش في وضع عصيب بسبب زعزعة الامن وعدم الاستقرار الذي افضى الى تعقيد الاوضاع السياسية في شكل الحكومة الحالية في الصومال لافتا الى مناطق الجنوب والوسط اللتين بهما كبرى الحركات المسلحة في مقدمتها حركة شباب المجاهدين، ويقول الشيخ ان بالصومال عشرة الاف جندي دولي تابعة لقوات حفظ السلام ومنظمات اقليمية ودولية كلها تدعو الى وضع حزام امان حفاظا على شعب الصومال من ويلات الحرب، وقال الشيخ ان الصلات والعلاقات التي تربط حكومتي كينيا والصومال ينبغي ان ترتقي لمستوى ارفع لتسهم في اخراج شعب الصومال من الازمة الانسانية الحادة والجفاف الذي طال منطقة القرن الافريقي، وابدى الشيخ اندهاشه من وقوع المجاعة مع اشتغال الشعب الكلي بالزراعة في العهود السابقة واشار الى انهم الآن لا يجدون ما يسد رمقهم من الجوع الا عبر المنظمات الدولية منذ عشرين عاما، معتبرا هذا الامر احد اخطر الدوافع التي اعتمد عليها الشباب وافضت الى انخراطهم في صفوف الحركات المسلحة، ويضيف الشيخ (لقد ضاع انسان الصومال بسبب هذه السياسات الخرقاء والاعتماد على الدعم الخارجي) لافتا الى كثرة المعونات الامريكية التي تأتي استجابة لنداء المنظمات الدولية، واتهم الشيخ، الدول العربية والافريقية بالتباطؤ في التعامل مع ازمة الصومال، وقال: ان مساهمة هذه الدول جاءت في وقت متأخر لافتا الى معاناة اربعة ملايين مواطن في المنطقة الجنوبية. وقال مدير مركز الشاهد الدكتور محمد احمد ان زيارة رئيس الوزراء التركي الى الصومال كان لها اثر ايجابي رغم معارضة القوى الاوربية لها، واعتبر الشيخ الوقوف مع الصومال في الجانب الانساني وحده لا يكفي داعيا الدول التي تربطها علاقات قوية وراسخة مع الصومال بضرورة دعم الصومال في كل المناحي لافتا الى ان السودان قدم معونات عبر منظماته الوطنية ومشددا على اهمية ان لا يعتمد السودان على تقديم العون الانساني لوحده بل ينبغي ان يعتمد الجوانب الاخرى مثل الجلوس مع الحركات الصومالية المسلحة واقناعها بالجنوح الى العملية السلمية. السيناريوهات المتوقعة والعوامل الداعمة لها والنتائج المحتملة من ابرز ملامح الاوضاع الصومالية التي اشار اليها مستشار العون الانساني ابن الصومال الاستاذ فارح شيخ عبدالقادرالذي قال ان السيناريو الاول يكمن في تجديد الحكومة الانتقالية مع امكانية احداث بعض التغييرات في البنية والاشخاص لافتا الى دعم قيادات الحكومة الحالية لفكرة تشكيل واقع سياسي بديل عن الواقع الحالي واصفا اداء الحكومة الحالية بالضعيف من حيث تحقيق الامن والاستقرار مشددا على ضرورة توسيع قاعدتها السياسية لتحقيق التطور السياسي المطلوب متهما الحكومة الصومالية الحالية بانها تعاني من التصدع بفعل الانشقاقات والاختلافات الداخلية في جبهة الحكومة. وقال ان الحكومة الحالية بنيت علي المصالح الفردية بفعل رموزها المتنفذة وقال ان الحكومة عجزت عن استيعاب القوى الفاعلة في المجتمع التي تعارض وجودها بحمل السلاح عليها ويشير فارح الشيخ ان الفترة المقررة للحكومة الحالية انتهت الا ان بعض الدول ابدت تحفظاتها وتوجسها من بعض العناصر القيادية في الحكومة الحالية بدواع لا يعلمها الشعب الصومالي واعتبر فارح الشيخ الابقاء على الحكومة الراهنة والاعتماد على الحلول المستوردة ستسفر عن ظهور قوى معارضة جديدة تفضي الى مزيد من الاحباط المحلي والاقليمي والدولي وباستمرار المعاناة الحالية في الصومال، ويتحدث الاستاذ فارح عبدالقادر عن سيناريو مغاير لما سبق حول بروز ادارات اقليمية تفضي الى انشطار الاقاليم وتبعثرها الي كيانات هشة وضعيفة تغيب الاطار القانوني وتضعف الثقة بالحكومة المركزية لافتا الى كثرة التدخلات الخارجية والسياسات الدولية المشجعة لهذا الاتجاه ما اسفر عن تجدد الحروبات الاهلية. وقال فارح ان هذه الاوضاع ادت الى امتعاض الشعب الصومالي من الاعلان المتزايد لتشكيل ادارات اقليمية جديدة في الاقاليم المختلفة ثم يتحدث عن السيناريو الاخير وهو ظهور قوى سياسية جديدة تستوعب مكونات المجتمع الصومالي وتتفاهم مع المجتمع الدولي . و ختم المستشار فارح عبدالقادر الشيخ حديثه بالتوقف عند معاناة اهله في الصومال، ويقول فارح ان الاطماع الاقتصادية لبعض القيادات السياسية المتمسكة بالسلطة طمعا في جلب العقودات من الشركات الاجنبية التي تنقب عن البترول وادارة الموانيء والمطارات هي اكبر اسباب معاناة الشعب الصومالي، واتهم فارح المجتمع الدولي والاقليمي بالفشل في سياستهم ازاء الوضع في الصومال وعدم بذل الجهد المناسب في اعادة كيان الدولة، وقال ان التعويل على المشاريع الخارجية والانماط القبلية والعنف القائم في الصومال غيبت دور الحكومة في ما يتعلق بالبحث عن وجود حلول مجدية للازمة، لافتا الى ضعف الرؤية والاجندة السياسية التي تعمل بها الحكومة وخلطها بين القبلية والقومية والاسلام ما جعلها تحول دون استيعاب الشرائح المجتمعية المختلفة داعيا الى اعادة الدولة باسس جديدة مبنية على حلول محلية وباجندات سياسية لا تستفز دول الجوار الاقليمي والمجتمع الدولي مبديا اسفه لمعاناة الصوماليين من الحرمان والتخلف والمجاعة والهجرة والذوبان والتضييق والعنصرية في خارج البلاد. ويقول ان الشعور العام في الوسط الصومالي هو شعور بالخطر المهدد لوجوده. وقال الشيخ ان التكنلولوجيا والثورات العربية اثرت على الشباب الصومالي كاشفا عن ان نسبة الشباب تشكل نسبة سبعين في المئة من المجتمع الصومالي وهؤلاء بدأوا في ممارسة العمل السياسي عبر الاحزاب والجمعيات الشبابية الفاعلة التي تتطلع الى المساهمة في المشروع السياسي في الصومال.