ظلت المساجد تلعب أدواراً مقدرة في حياة المسلمين من لدن عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والى عهد ربيع الثورات العربية التي ارتبطت بيوم الجمعة الذي يلتقي فيه المسلمون لأداء فريضة الجمعة، ومن ثم يتداولون هموم حياتهم المختلفة، وفي السودان ارتفع عدد المساجد عما كان عليه في السابق، وبات هناك أكثر من ألف مسجد في العاصمة فقط يرتادها المصلون في الأوقات الخمسة، ويعمرونها بذكر الله والصلاة، بيد أنه وبقدر ارتفاع عدد المساجد في كل أنحاء السودان يؤكد البعض أنها لا تلعب أدواراً حياتية، وليس لها تأثير سياسي او اقتصادي او تربوي، ويرجعون الامر الى الدعاة والائمة. وفي هذا الصدد يقول مدير مدرسة ببحري فضل حجب اسمه: لدينا شيوخ ودعاة على مستوى عالٍ من الكفاءة والتبحر في علوم الدين، وهم محل احترام كل السودانيين، غير انهم يتعمدون التركيز على النواحي الشرعية فقط، وغض الطرف عن تناول ما يختص بمعاش وحياة المسلمين والناس عامة، فخطب الجمعة في كل المساجد تكاد تكون متشابهة وصورة طبق الأصل ولا اختلاف الا في طريقة أداء الخطيب، وهي لا تخرج عما يرضي السلطات، وهناك أئمة قليلون يتحدثون بشجاعة عن معاناة المواطن وعن إخفاقات الدولة، وهؤلاء يتسابق نحوهم المصلون من كل حدب وصوب، وذلك لأنهم يجهرون بالحقيقة دون خوف، وهو أمر يجد استحساناً كبيراً من قبل المصلين الذين باتوا يبحثون عمن يعبر عما يجيش بدواخلهم من إحباط، ومن يسمع صوتهم للجهات المسؤولة بالدولة. وعلى ذات الطريق مضى الطالب الجامعي محمد حسن الذي قال إن الدعاة والائمة في السودان باتوا انقاذيين اكثر من اهل الانقاذ، لذلك يتحاشون الحديث عن اخفاقات الدولة، وينشطون فقط في تناول قضايا لا تهم المواطن في شيء بل يعرفها حتى الأطفال، وأشار إلى أن السودان مليء بالقضايا التي تحتاج من الدعاة والائمة الى تعاطيها بكل شجاعة ودون خوف من السلطان، وذلك لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس، هذا مع احترامنا لعدد من الأئمة والدعاة الذين لا يخشون في الحق لومة لائم. ويقول حافظ الطيب إن المجتمع يعاني الكثير من الأمراض الاجتماعية التي تحتاج لجهد مكثف من علماء الدين حتى تُعالج، وقال إن الدعاة في السودان لا ينحازون للحكومة ولكن يفضلون الحديث عن أمور الدين ويتركون الدنيا رغم أن هذا خطأ كبير، وذلك لأن الدين وضع التشريعات للحياة والآخرة. وطالب المواطن عبد الرحمن إبراهيم أئمة المساجد بأن يخصصوا الجمعة القادمة للحديث عن ارتفاع الأسعار ومعاناة المواطن، وأن يبصروا الحكومة بأخطائها. ولكن إبراهيم استبعد أن يقوم الأئمة بهذه الحملة، وقال: سمعنا أنهم يتلقون الخطب جاهزة، لذلك لا أعتقد أنهم قادرون على فعل ذلك. وكان الشيخ الدكتور عبد الحي يوسف قد طالب أخيرا بعض التجار بالأسواق بأن يتقوا الله في المواطن، وذلك عبر التسعير الموضوعي للبضائع والأغراض الحياتية اليومية التي يحتاجها المواطن.