٭ قال رئيس البعثة الدولية المشتركة للامم المتحدة والاتحاد الأفريقى بدارفور «يوناميد» البروفيسور ابراهيم قمبارى، إن بعثته لا تستطيع تطبيق الصلاحيات الممنوحة لها بما فيها حماية جنودها، في ظل عدم وجود اتفاق لوقف اطلاق النار واتفاق سلام شامل في دارفور. وقال في هذا الحوار مع «الصحافة»، الذي يعتبر الأول من نوعه مع صحيفة سودانية، قال إن الحكومة لا تقوم بمتابعة ومحاسبة المتورطين فى أعمال العنف الموجه ضد جنود اليوناميد، واضاف ان قواته رصدت وصول أسلحة ومجموعات مسلحة إلى دارفور قادمة من ليبيا، بعد حالة الفوضى التى اصابت ليبيا، الأمر الذى له تأثيرات سالبة وكبيرة على عمل البعثة، مشيرا الى ان المنطقة ستشهد حالة من عدم الاستقرار فى حال اختيار حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان فصيل عبد الواحد محمد نور الخيار العسكرى بدلا من الخيار السياسى. ٭ وقال قمبارى انه ليس هنالك وقت محدد لخروج البعثة النهائى من دارفور، وإن الاممالمتحدة والاتحاد الافريقى هما من يقرر ذلك، بعد أن يتأكدا من انتهاء ولايتها، «واللحظة التى يقرران فيها ان مهمتها انتهت واننا اكملنا صلاحياتنا الممنوحة لنا، فليس أمامنا الا الانصياع»، واكد ان كلمة التنسيق الواردة فى قرار مجلس الامن رقم «2003» حول دارفور بين البعثات الاممية، لا تعنى باي حال من الاحوال التنسيق العسكرى «هذا التعاون يكون بين البعثات فى الاممالمتحدة وهذا امر طبيعى جدا، وحتى قبل القرار كنت اذهب الى زملائنا بجوبا وأتناقش معهم لأننا مسؤولون عن امن حدود طويلة، وهذا تعاون ادارى وتقنى ولوجستى بين البعثات وليس تعاونا عسكرياً». وحول التطورات السياسية فى دارفور، قال الرئيس المشترك لليوناميد إن مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولى بدءا يشعران بحالة من الإحباط بسبب مواقف عبد الواحد محمد نور الرافضة لأية مبادرة سياسية لحل الأزمة، متوقعاً أن يقوم مجلس الأمن ببعض الإجراءات، التى لم يسمها، فى حقه. فالى مضابط الحوار ٭ لنبدأ بالصلاحيات الممنوحة لكم، لماذا لا تقومون بواجبكم فى حماية المدنيين بما أن تفويضكم يتيح لكم فعل ذلك، بل ان كثيراً من المواطنين فى دارفور يقولون انكم لا تستطيعون حماية جنودكم من الهجمات فكيف تستطيعون حماية جنود غيركم.. والآن فقدتم العشرات من الجنود.. ما المشكلة فى ذلك؟ المشكلة فى كل هذا أنه لا توجد اتفاقية سلام شامل، ولهذا فإن أولوياتنا هى ايجاد اتفاقية سلام شامل، لأنه فى حال عدم وجود اتفاقية وقف عدائيات واستمرار القتال بين اطراف الازمة فى الاقليم، فإننا لن نستطيع أن نفعل شيئا، ومهما كان هذا الشيء فإن القتال المستمر لن يترك لنا مساحة للتحرك.. فدارفور مساحتها مثل مساحة فرنسا، وبالتالي لا نستطيع ان نغطي كل هذه المساحة فى كل الاوقات، ولهذا فإننى اكرر القول بأن أولوياتنا هى إيجاد وقف شامل لإطلاق النار، ومن ثم اتفاقية سياسية شاملة. ٭ إذن ما هو المطلوب تحديدا؟ هنالك أشياء ضرورية جدا لنا فى العمل الميدانى، اولاً نريد أن نعمل بكل قواتنا من الجنود والشرطة، صحيح ان هنالك عدداً كبيراً من قوات الشرطة لكن ليس العدد المطلوب، ثانياً نحن نريد طائرات عمودية خفيفة وسريعة لنقل اكبر عدد من الجنود وبشكل سريع، فعلى سبيل المثال إذا كان هنالك تهديد فى شمال دارفور فإن تلك الطائرات ستكون فعالة جدا فى الوصول الى موقع التهديد بطريقة سريعة، ولحسن الحظ فإن القوات الرواندية قد وعدتنا بأربع طائرات عمودية من هذه النوعية، والقوات النيجيرية وعدتنا بثماني طائرات، وفوق كل ذلك نحن لا نرى أن الحكومة السودانية تقوم بمتابعة ومعاقبة هؤلاء المتورطين فى الاحداث المروعة التى تقع لجنودنا بما فيها عمليات اختطاف موظفى الاغاثة، مع ان هذه العمليات قد قلت خلال ثلاثة اشهر المنصرمة. ولهذا فإن القضية ليست فى استخدام البند السابع، بقدر ما هي منحنا القدرة اللازمة لنفعل ما يجب علينا فعله، وأن تقوم الحكومة بمعاقبة هؤلاء المتورطين. ٭ كم عدد الطائرات العمودية التى تمتلكونها حاليا؟ ليست لدينا أية طائرات من هذا النوع، ولا واحدة. ٭ ولكن الحكومة الإثيوبية قامت بإرسال عدد من الطائرات لكم فى وقت سابق من هذا العام؟ نعم، إثيوبيا أرسلت لنا ست طائرات عمودية تكتيكية مقاتلة، ونحن غير مخول لنا استخدام مثل هذه الطائرات حتى فى نقل الجنود، ونحن نأمل ان نتحصل على بعض الطائرات لنقل الجنود بنهاية هذا العام. ٭ هل تأثر الوضع الامنى فى دارفور وعمل جنودكم على الميدان بما حدث فى ليبيا، اثر انفراط عقد الأمن بعد انهيار نظام الرئيس معمر القذافي؟ نعم، وبشكل كبير، لقد نما الى علمنا بعض المعلومات والتقارير التى تحتاج الى تأكيدات، بوصول جماعات مسلحة وبأسلحة كثيرة الى دارفور، كما ان هنالك اسلحة وصلت الى المنطقة. وهذا بالتأكيد له تأثير على الاستقرار، كما نما الى علمنا وصول رئيس حركة العدل والمساواة خليل إبراهيم ورئيس حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، وهذا سيؤثر على الاستقرار بالطبع اذا قررت الحركتان اختيار الحرب بدلا من الخيارات السياسية. ٭ إذن لديكم تقارير بوصول عبد الواحد وخليل ومقاتليهما الى دارفور؟ هي تقارير غير مؤكدة كما قلت لك، ولكننا نراقب الحدود عن كثب ونقوم بالدوريات المتتابعة، لأن هذا هو جزء من صلاحياتنا، كما ان وجودهم سيؤثر على عملنا خاصة اذا قررت الحركتان الركون الى خيار القتال بدلا من الجلوس حول طاولة المفاوضات. ٭ هل اثرت القوات السودانية التشادية المشتركة التى تنتشر على طول الحدود بين البلدين وجزء من حدود افريقيا الوسطى على عملكم بشكل جيد؟ نعم، وهذا ما نحتاجه تماماً، وكذلك التعاون بين دول الجوار من اجل جلب الامن والاستقرار. وفى هذا المنحى ادعو حكومة جنوب السودان والحكومة الاوغندية الى التعاون من أجل الاستقرار فى المنطقة. ٭ بمناسبة التعاون، ورد نص فى قرار مجلس الأمن رقم 2003 حول دارفور، يشير الى تعاون بعثات الاممالمتحدة الموجودة فى المنطقة فى دارفور وابيى وجنوب السودان. ونحن نعرف ان الحكومة السودانية رفضت هذا التعاون.. فهل يشمل هذا التعاون تعاونا عسكريا؟ لا ، لا، هذا غير صحيح. واود ان اصحح هذه المعلومة، فهذا التعاون يكون بين البعثات فى الاممالمتحدة، وهذا امر طبيعى جدا، وحتى قبل القرار كنت اذهب الى زملائنا بجوبا ونتناقش معهم لأننا مسؤولون عن أمن حدود طويلة، وهذا تعاون إدارى وتقنى ولوجستى بين البعثات وليس تعاوناً عسكرياً، وهذا يقودنى الى القول بأن اليوناميد لن تعمل خارج الاطار الجغرافى لدارفور، لأن مهمتها محصورة فى دارفور. ٭ دعنا نذهب الى العملية السياسية، تقول الحكومة السودانية إن وثيقة الدوحة هى آخر محطات التفاوض، وانها لن تفتح أية طاولة للتفاوض مرة اخرى، ونحن نعلم أن بعض الحركات يرفض التوقيع على هذه الوثيقة.. هل انتم متفقون مع الحكومة السودانية على أن وثيقة الدوحة هى آخر محطات التفاوض؟ اعتقد ليس انا فقط بل أن المجتمع الدولى ايضا يتفق على أن الدوحة هى القاعدة للانطلاق لاية مباحثات، ولهذا لدينا اجتماع كل ثلاثة اشهر بقيادة قطر، لننظر كيف تسير الأمور، وانا بوصفي وسيطاً مشتركاً احاول بقدر ما استطيع ان احجم المساحة بين الحكومة وهذه الحركات الرافضة للتوقيع، عن طريق وثيقة الدوحة باعتبارها قاعدة للانطلاق. ٭ ما هى آلياتك لحث هذه الحركات التى ترفض هذه الوثيقة؟ نحن نحتاج إلى استراتيجيات مختلفة للتعامل مع هذه الحركات باختلاف مواقفها، فالعدل والمساواة لم ترفض الدوحة بتاتا وانما شاركت ولديها تحفظات وملاحظات، ومنى اركو مناوى كان قد وقع على اتفاقية ابوجا وهو لديه رغبة للسلام من حيث المبدأ، اما بالنسبة لعبد الواحد محمد نور فالأمر مختلف، فهو لم يجلس حول طاولة لمفاوضات السلام اطلاقا. ٭ قلت إن مجلس الأمن والمجتمع الدولى سيتخذ اجراءات ضد عبده الواحد محمد نور فى حال رفضه الجلوس حول طاولة المفاوضات والبحث عن السلام، ما هى هذه الاجراءات؟ هذا يعود لمجلس الامن ليقرر فى ذلك، واعتقد ان مجلس الأمن بدأ يكون فكرة سالبة عن عبد الواحد، وانه بدا محبطاً مما يفعله، وأنه لم يدخل في أية مفاوضات نهائياً.. وحركة العدل والمساواة دخلت فى مفاوضات وكذا حركة مناوى. ومجلس الامن سيناقش هذا الامر فيما بينه، وليس انا ما اقرره لهم. ٭ ولكن عبد الواحد يقول إن لديه شروطا يجب ان يتم تحقيقها قبل الجلوس الى التفاوض؟ «قال ضاحكاً»: عليه أن يأتى اولا ليقول هذه الشروط.. والمفاوضات عادة ما تكون مع أعدائك وليس مع أصدقائك، ولهذا يجب أن تجلس وتحدد مطالبك للذين تريد ان تتفاوض معهم وللوسطاء لكى يجدوا الحلول المناسبة لشروطك ومطالبك، غير أن عبد الواحد لم يشارك فى أيٍ من هذه المفاوضات. ٭ ما هو تأثير تحالف بعض حركات دارفور مع الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال في ما عرف بتحالف كاودا على عملية السلام فى دارفور؟ اليوناميد والمجتمع الدولي ليسا ضد التحالفات من حيث المبدأ، ولكن يجب أن يتحدا من أجل السلام وليس للحرب، لأن أهل دارفور الذين هم فى المنطقة قد عانوا كثيرا وطويلا بسبب الحرب والقتال المستمر، ولهذا فيجب علينا ان نعمل للذهاب الى السلام وتجنب المزيد من الحروب. ٭ هل لديكم أية انشطة متعلقة بالتنمية، لأن اس مشكلة دارفور قامت بدعوى عدم وجود تنمية فى الاقليم؟ نعم، لدينا كثير من الأنشطة المتعلقة بالتنمية، فقد اقمنا مؤتمرا للمياه فى يونيو الماضى، ووجدنا تعهدات من المجتمع الدولى والحكومة السودانية بما يقارب مليار دولار، كما اننا نقوم بإنشاء المدارس وبناء الطرق وحفر الآبار فى عدد من مناطق دارفور. وقمنا بتدريب نحو خمسين الف شرطى خلال فترة الانتخابات التى جرت فى أبريل 2010م، وأخيراً قمنا باهداء قوات الشرطة 25 عربة مجهزة لمساعدتها فى تحقيق العدالة. والاكثر من ذلك كله نحن نقوم بعمل انسانى كبير فى معسكرات النازحين بتقديم المعونات الانسانية لهم، وتمكنا قبل فترة قليلة من دخول مناطق فى جبل مرة لم نكن نستطيع دخولها، ورأينا كيف فرح الناس بهذه المساعدات الانسانية. ثم ان المبانى التى سنبنيها سنتركها للشعب السودانى ليستفيد منها. ٭ هل لدى اليوناميد فترة محددة للخروج من دارفور، بمعنى متى ستغادرون دارفور؟ هذا يعتمد على قرار الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقى ليقررا ذلك، واللحظة التى يقرران فيها ان مهمتها انتهت واننا اكملنا صلاحياتنا الممنوحة لنا، فليس أمامنا الا الانصياع.. ونحن نقوم بتجديد تفويضنا سنة باخرى، وسنرى العام المقبل ماذا سيحدث. ٭ شخصيا بروفيسور قبماري، هل تعتقد أن لديك خطة واضحة وقوة شخصية تستطيع بها أن تكمل مهمتك، وسؤالى هذا مرده الى ان العديد من القادة السابقين سواء من أفريقيا او اوروبا جاءوا الى دارفور وحاولوا حل هذه القضية المعقدة، ولكنهم فشلوا، بل إن بعضهم قال إنه أصيب بالاحباط؟ حسنا.. انا وغيرى لا يستطيع حل مشكلة دارفور التى هى فعلاً معقدة، بدون تعاون اطراف المشكلة معنا، ولكن أعتقد أننى أنشأت علاقة جيدة مع الحكومة ومع الحركات المسلحة، كما أن الدول الأفريقية متعاونة معنا، فدولتي نيجيريا لديها العدد الأكبر من الجنود، وفعلاً هذه القضية من اهتمامات الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقى والدول الأفريقية الصديقة، وأنا أركز حالياً على حماية المدنيين وإكمال النواقص فى عدد الجنود الذين احتاجهم، ثم العمل على البحث عن وقف شامل لإطلاق النار وسلام شامل، وفى نفس الوقت أنا أؤيد عملية العودة الطبيعية والمريحة للنازحين واللاجئين إلى مناطقهم التى جاءوا منها، ونحن نعتقد أن عمليات العنف قد قلت أخيراً، وما أقوله ليس خيالاً، وألخص الأمر فى أنني أسعى إلى التطبيق الكامل للصلاحيات الممنوحة لنا من أجل الوصول إلى سلام في دارفور. ٭ بروفيسور قمباري .. هل أنت محبط بعد الفترة التى قضيتها ولم يتم التوصل إلى سلام فى دارفور؟ لا.. لست محبطاً.