يبدو ان آخر خيط سياسي يربط بين حزبي المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، في طريقه الى الانقطاع، في مسلسل من النزاع والخلاف استمر لنحو ست سنوات بين الحزبين، اللذين عُرفا الى ما قبل انفصال الجنوب في 9 يوليو الماضي بالشريكين، فالاحداث لا تنفصل عن بعضها البعض كما يبدو، الحرب بدأت في أبيي ومرت بجنوب كردفان وحالياً بالنيل الأزرق، خرج الحلو اولا، وتبعه عرمان، ومن ثم التحق بهما رئيس الحركة الشعبية، مالك عقار. وبرغم ان الحكومة لم تكُ في باديء الامر معترضة على وجود نواب الحركة الشعبية في الهيئة التشريعية، «ابان اندلاع احداث النيل الأزرق الاخيرة»، الا انها عادت وطالبت عن طريق مجلس الاحزاب بحظر حزب الحركة الشعبية، وفي تلك الاثناء خرج الى الوجود جسم جديد باسم الحركة الشعبية بقيادة الفريق دانيال كودي وآخرين، قال انه ضد الحرب ويعمل من اجل السلام، وفي غضون ذلك أعلن نواب الحركة الشعبية، كتلة جنوب كردفان، اول من أمس استقالة جماعية من الهيئة التشريعية،« المجلس الوطني » احتجاجاً كما قالوا على الأحداث التى اندلعت في جنوب كردفان والنيل الأزرق، واتهم النواب في «بيان» المؤتمر الوطني بالتنصل من التزاماته تجاه تنفيذ المشورة الشعبية بالمنطقتين، بجانب تحفظاتهم على « الدستور المقترح» وخلوه من أية اشارة الى البنود العالقة في الاتفاقية وتحديداً المشورة الشعبية والترتيبات الأمنية في المنطقتين، علاوة على حظر نشاط الحركة الشعبية في الشمال. القيادية بالحركة الشعبية، وعضو لجنة التشريع والعدل بالهيئة التشريعية «البرلمان »، هويدا عبد الرحمن، عن دائرة النيل الأزرق تقول، ان استقالة كتلة جنوب كردفان عن الحركة الشعبية من البرلمان، لم تتم اجرائياً حتى الان بحسب نص المادة 86 من قانون الدستور الانتقالي للعام 2005، واوضحت هويدا في حديثها ل «الصحافة » عبر الهاتف امس، ان كل ما سمعوه بخصوص استقالة كتلة جنوب كردفان من البرلمان ورد اليهم عبر الصحف، واكدت القيادية بالحركة الشعبية انهم ماضون في حوارهم مع المؤتمر الوطني من اجل حل كافة القضايا العالقة، وقالت ان هذا هو موقفهم حتى الان، وتابعت « لن نستبق الاحداث حتى تتأكد استقالة كتلة النواب من البرلمان ووقتها لكل حادث حديث « ، لكنها لفتت الى انه لكل منطقة خصوصيتها في اشارة الى جنوب كردفان، وتحفظت عضو هيئة التشريع والعدل، على ابداء اي موقف سياسي من طرفهم حتى تتضح الصورة النهائية لحقيقة استقالة نواب جنوب كردفان. ويقول القيادي بالحركة الشعبية، عن كتلة جنوب كردفان، رمضان حسن، ل «الصحافة »، ان الحركة لم تغلق باب الحوار مع المؤتمر الوطني في ظل الشروط التي وضعتها والمتمثلة في الوساطة والدولة المحايدة، واعتبر اي حديث عن الاتفاق الاطاري فات اوانه، قاطعاً بأن هناك مياها كثيرة جرت تحت الجسر، وشدد على ان المطلوب حاليا الاتفاق حول كيف يدار السودان. على حد قوله. اما رئيس لجنة النقل، عمار دلدوم، فقال ل«الصحافة»، ان قرار انسحاب اعضاء الحركة بجنوب كردفان من البرلمان جاء تعبيراً عن الموقف الرافض لما يحدث في الولاية، وبرر تأخر الخطوة لمنح جهود الوساطة الافريقية مهلة لحل الأزمة. وكان بيان صادر عن النواب الثلاثة المنسحبين وهم عمار أمون دلدوم ، وأحمد عبد الرحمن سعيد، وديفيد كوكو توتو، تحدث عن احد عشر تجاوزاً تسببت في تقديمهم استقالات جماعية من البرلمان، على رأسها تنصل المؤتمر الوطني عن التزاماته نحو تنفيذ المشورة الشعبية للمنطقتين، وادخال مواد في الدستور الانتقالي توّطن لاحادية ثقافية ودينية على حد قول البيان، الى جانب حظر نشاط الحركة الشعبية في الشمال واعلان الحرب عليها في جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب مصادرة السيارات والممتلكات الخاصة بأعضاء الحركة الشعبية وتدمير المنازل السكنية الخاصة بهم في مدينة كادقلي ورفض المؤتمر الوطني الاتفاق الاطاري لحل النزاع سلميا بعد أن وقع عليه بحسب البيان. ويقول مراقبون، ان التوتر الذي يبدو انه يسير الى نهاياته بين حزبي المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، والحركة الشعبية قطاع الشمال، السبب الرئيسي فيه هو رفض المؤتمر الوطني لاتفاقية اديس ابابا التي عقدت بين مساعد رئيس الجمهورية الدكتور ، نافع علي نافع، ورئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال الفريق، مالك عقار، فى شهر يوليوالماضى والتي كان من المفترض ان تحدد شكل الترتيبات الامنية والسياسية، التي بسببها استقالت كتلة نواب جنوب كردفان، بحسب البيان الذي اصدروه في ما يلي اسباب الاستقالة، بالاضافة الى اعترافها الصريح بالحركة الشعبية كحزب سياسي من حقه ان يمارس العمل السياسي دون استئذان من احد، على حد قول مساعد رئيس الجمهورية، نافع علي نافع، أثناء حديثه للصحفيين بمطار الخرطوم عقب عودته من اديس. ويصف متابعون صراع المؤتمر الوطني والحركة الشعبية الذي تدور رحاه عسكرياً وسياسياً حالياً، ب«صراع الاجندة»، ويدللون على ذلك بالاستقطاب الحاد الذي عاشته ولايتا النيل الأزرق وجنوب كردفان ابان الانتخابات التي جرت في الولايتين، وتقسيم المواطنين هناك، الى « مؤتمر وطني وحركة شعبية»، الامر الذي كان مقدمة للاضطرابات بجنوب كردفان ومن ثم أدى الى اندلاع الحرب هناك، وبذات التداعيات لكن باختلاف للزمان والمكان، امتد الحريق الى النيل الأزرق، كما يقولون، في نفس الوقت الذي يقولون فيه، ان هناك خطورة كبيرة ووضعاً سياسياً قد يكون معقداً مستقبلاً، في ظل ما وصفوه بانحسار الحلول السياسية، في اشارة الى استقالة كتلة نواب الحركة الشعبية بجنوب كردفان، التي عزوها الى ما قالوا انها حرب شرسة شُنت على الحركة الشعبية بهدف تصفيتها سياسياً، وزادوا، ان كل الاحداث تشير الى بعضها وجميعها مترابطة، فحديث النائب الاول السبت الماضي في الدمازين، من ان لا عودة للحركة الشعبية من جديد، يقود الاحداث الى اللا حلول ،بحسب تعبيرهم.