تعتبر دارفور بولاياتها الثلاث (شمال دارفور-جنوب دارفور-غرب دارفور) منطقة ثراء وإرث حضاري متفرد ضارب بجذوره في أعماق التاريخ، وهي معبر للكثير من الحضارات التي سادت أفريقيا جنوب الصحراء منذ أمدٍ بعيد، دارفور هي أكبر ولايات السودان مساحة إذ تبلغ مساحتها حوالي 144.5 ألف ميل مربع، تقع في الجزء الغربي من السودان، تجاورها من الشمال الغربي الجماهيرية العربية الليبية ومن الغرب جمهورية تشاد، من الجنوب الغربي جمهورية أفريقيا الوسطى، بالإضافة إلى ست ولايات من الداخل. يقدر عدد سكانها بحوالي سبعة ملايين نسمة حسب تعداد 2009م. ونسبة للدلالات التاريخية لإقليم دارفور فإن تركيبة المجتمع فيه عبارة عن خليط سكاني، ودارفور بها أكثر من مائة قبيلة ذات أصول نوبية زنجية وعربية يمارسون حرفتي الزراعة والرعي، فضلاً عن الحرف اليدوية والتجارة، وقد هزت الإقليم موجات من الجفاف والتصحر في فترات متباينة خلال القرن الماضي، أضرت بيئتها الاجتماعية فولدت الحروبات القبلية بالإضافة إلى القصور في الجوانب الإدارية والسياسية. كل ذلك ساهم في تكوين صورة معقدة للهوية العرقية حيث ارتبط اسم دارفور بالاقتتال القبلي والنهب المسلح، ولكن الإقليم أيضاً عرف بالتسامح والاستقرار فحينما تتسع دائرة النزاع تُعقد مؤتمرات صلح جامعة تحت إشراف رجالات الإدارة الأهلية ولكن منذ منتصف الثمانينيات ما عادت هذه المؤتمرات تساعد في حل المشاكل. لإضعاف هيبتها وتغييب سلطتها القديمة ودخول التعقيدات السياسية إلى ساحة النزاعات. لا أود أن أكرر المقدمات عن دارفور وتاريخ الصراع والتعايش السلمي وما كانت عليه دارفور من قبل لأنها أصبحت معلومة لكل أهل السودان والعالم من حولنا كما المعلوم من الدين بالضرورة . ولكن أدلف مباشرة إلى سؤال أتقدم به الى وزراء السلطة الإنتقالية الجدد أي بعد إتفاقية الدوحة بشأن تحقيق السلام في دارفور وأجيب عليه نظرياً وأطلب من الوزراء إجابته أو ترجمته الى أرض الواقع. إذن كيف نحقق السلام في دارفور وفقاً للمعطيات التالية ؟ لا أقول سنعيدها سيرتها الأولى لكن نقول بقدر ما نستطيع أن نهيئ بعون الله من خلال التوافق على ثوابت ومخرجات بناءً على المعطيات الحالية لدارفور لتأخذ أمر رشدها ليهيئ الله لنا من أمرنا رشدا ، وهي تلك المستسقاة من ملتقى الفاشر للتعايش السلمي الذي إنعقد فيها خلال يومي الرابع والعشرين والخامس والعشرين من يوليو المنصرم والوارد جلها فيه والذي كان قد جاء هاماً مكاناً وزماناً من حيث أنه عقد في الفاشر عاصمة دارفور التأريخية ثم متزامناً مع توقيع إتفاقية الدوحة ثم حضور أهل المصلحة الحقيقيين من الإدارة الأهلية (الزراع والرعاة) والعلماء في الإدارة وأساتذة الجامعات هذا من غير الآخرين قادة وسياسيين ونظر الملتقى في قضايا مجتمعات دارفور بغية التحليل والدراسة ومقترحات الحلول. المعطيات : مجتمع دارفور تهتكت فيه شبكة العلاقات الإجتماعية نتيجة لفتنة دارفور المعروفة . واقع النزوح واللجوء والاحتقان الموجود في النفوس والذي يستعان كثيراً بالإعلام الكاذب والضار . المشكلة البيئية في دارفور والتي تهدد استدامة الحياة لسكان دارفور والتي تغذيها . الزيادة المضطردة في السكان . تدهور الإنتاج الزراعي لمقابلة الإحتياجات الأساسية للسكان من الطعام زيادة أعداد الثروة الحيوانية وعدم إدماجها في الاقتصاد بصورة فعالة . النمو العمراني وتوسع المدن وما يتبع ذلك من إستخدام مواد بناء تعتمد أساساً على إستهلاك الغطاء الغابي . قلة الموارد المائية الكافية لشرب الإنسان والحيوان والزراعة . التعدين الأهلي كمؤشر جيد ومشكلة البيئة . إجتماعياً : نزعة الشعور بالقوة تجاه الآخرين بإمتلاك السلاح ما يتبع ذلك التهكم بحكم القانون . التناصر القبلي المخل لكل الأعراف والتقاليد . نزوة بعض الحركات الموقعة للسلام للمعارضة المخلة لبرنامج الدولة والتي هم شركاء فيها والإحساس المستمر بأنهم حركات معارضة للدولة وبالتالي التصرفات السالبة . إذاً لتحقيق التعايش السلمي والنهضة لدارفور لابد من : إنفاذ وثيقة الدوحة ودعمها من كل مواطني دارفور التي تحقق كل المكاسب التي جاءت لدارفور عبر هذه الوثيقة . الإدارة المتكاملة للموارد التي توفق بين كل المعطيات المتناقضة وذلك للاستغلال الأفضل للموارد . معالجة المشكلة البيئية التي تهدد إستدامة الحياة في دارفور وذلك من خلال : 1- إيقاف الزحف الصحراوي عبر إيقاف القطع الجائر للأشجار واستزراع الواجهات الشمالية لولايتي شمال وغرب دارفور . 2- إيجاد بدائل عاجلة لمواد البناء كإنشاء مصانع أسمنت وتطوير أبحاث مواد البناء . 3- الإعتماد على حصاد المياه لتوفير المياه الصالحة للزراعة وشرب الإنسان والحيوان . 4- الإهتمام بمشاريع إستقرار الرعاة وتطوير إنتاج الثروة الحيوانية ودمجها في الإقتصاد بصورة تطوير حياة الرعاة ودعم الإقتصاد الوطني . 5- إيجاد فرص عمل للشباب ولقد ساهم التعدين الأهلي في إمتصاص الكثير من العمالة ويجب أن تتواصل الجهود لتحقيق هذا الهدف على ضوء هذه المعالجات في إطار الإدارة المتكاملة للموارد بتجديد الآليات المفضية إلى ذلك يمكن أن نضع أرضية للتعايش السلمي عليه. 1- إنزال وثيقة الدوحة على أرض الواقع بإزالة الإحتقان من خلال التعويضات وجبر الضرر المفضي إلى إزالة الإحتقان وخوض الحوار والمصالحات بين مكونات المجتمع . 2- إعادة النظر في الأعراف ومعالجة الإختلال التي أصابها ومراجعة الرواكيب وإخضاعها للشرع والتوافق التي ينجسم مع المرحلة الحالية . 3- التوافق على عدم التناصر القبلي المخل بالأعراف والقيم 4- التوافق على الجرائم الفردية يجب أن تحصر في إطارها ويتم معالجتها بين الأفراد ولا تتعدى إلى القبائل . 5- معالجة مقتضيات العودة الطوعية في استخدامات الأراضي بإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل النزوح . 6- إحكام تطبيق القوانين المنظمة للزراعة والرعي قبل تحديد أوقات الطليق المسارات المضارب .. إلخ وختاماً أقول إذا إستطعنا ترجمة ذلك واقعاً في دارفور وقتها نكون قد حققنا الإستدامة في الأمن والسلام والتنمية ويكون الإستقرار.