بعد أن بات في حكم المؤكد ان الحكومة تتخذ منهجا جديدا في التعامل مع القضايا المستجدة اساسه الحسم وان الخرطوم تتصلب وتتمترس خلف اللا حوار مع كل من اختار مواجهتها، تجلى ذلك المنهج في الطريقة التي ترغب الحكومة التعامل بها مع الاحداث فى النيل الازرق وقبلها فى جنوب كردفان، حدث هذا فى حالة النيل الازرق تحديدا عقب اقالة رئيس الجمهورية لواليها مالك عقار وتكليفه حاكما عسكريا بديلا، ودعم من ذلك بوضوح حديث النائب الاول لرئيس الجمهورية في زيارته الاخيرة لجنوب النيل الازرق ثم الجلسة الاستثنائية التي عقدها البرلمان القوم? بشأن فرض حالة الطوارئ في جنوب النيل الازرق. وذلك على الرغم من وجود مساعي متكررة من رئيس مجلس الوزراء الاثيوبي ملس زيناوي لتقديم حلول سلمية تسهم فيها الايقاد والآلية الافريقية لحل الازمة، علاوة على محاولات القوى السياسية فى الداخل بين الفينة والاخرى. الا ان خطاب وزير الخارجية على كرتي امام الجمعية العامة للامم المتحدة الاسبوع الماضي لوح بفتح نوافذ الحوار وترجيح خيار التفاوض السياسي والابتعاد عن الحل العسكري للخلافات بين الطرفين. فقد اكد كرتي في خطابه امام الجلسة رقم 66 للجمعية العامة للامم المتحدة حرص الحكومة على التوصل لإتفاق حول الترتيبات الأمنية والسياسية التي من شأنها معالجة التوترات التي نشبت اخيراً في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ، وجدد التزام الحكومة الكامل بتسوية ما تبقى من قضايا معلقة لتنفيذ إتفاقية السلام الشامل، بما في ذلك وضع منطقة أبيي وإستكمال عملية ترسيم الحدود مع جنوب السودان،والآليات والإجراءات المشتركة اللازمة لمراقبتها ، لكنه شدد على عدم قبول السودان لأية حرب بالوكالة من شأنها زعزعة الإستقرار على مناطق ا?شريط الحدودي بين البلدين. ويرى المحلل السياسي الدكتور صديق تاور ان الحكومة تعاني من مشكلة في توحيد الخطاب السياسي مشيرا الى كثرة التصريحات المتناقضة التي تصدر عن المسئولين. لافتا الى ان تعدد التصريحات يؤكد ان الحكومة غير موحدة تجاه التعامل مع الموقف فى النيل الازرق، وتصريحات كرتي فى نظر المحلل السياسي لا يجب قراءتها خارج الموقع الذي اطلقها فيه. وتابع تاور ان المسئولين عموما يتحدثون دون دراسة الموضوعات وتمحيصها وتحسب العواقب التي تنجم عنها آجلا ام عاجلا. وقال المحلل السياسي ان الحكومة فى الخرطوم» تتعامل بسياسة رزق اليوم باليوم»? لافتا الى انعدام خطوط واضحة تبين سياستها لحل القضايا الوطنية. ورأى تاور ان الحكومة لم تلتزم فى السابق بما تقول في حل قضايا البلاد لانها بحسب المحلل تتعامل بشكل من التسويف والمراوغة، مضيفا انها ترى فى هذا الامر» نوع من الشطارة»ويرى المحلل السياسي ان خطاب وزير الخارجية علي كرتي امام الجمعية العامة للامم المتحدة لا يجدي نفعا و لن يصب في صالح حل ازمات البلاد في جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق، مضيفا ان الحكومة تريد من هذا الخطاب ان تطرب اذان المجتمع الدولي، فى حين انها شوهت سابقا سمعتها دوليا، وقطعت الطريق عل? كسبه فى صفها. داعيا الحكومة الى ان تتواضع وان تتفهم ان الجلوس والحوار مع الشعب والتصالح مع القوى السياسية اكثر اهمية من المجتمع الدولي واجدى فتيلا. لافتا الى ان معالجة القضايا برؤية سودانية تستصحب احترام القوى السياسية افضل من اللهث وراء طلب الرضا الامريكي. ويبدو ان كل الخبراء والمحلليين الذين تحدثوا الينا اجمعوا على ان خطاب وزير الخارجية قد كان مليئاً بالتناقضات،فهذا ما لفت اليه محللنا الآخر الدكتور حاج حمد محمد الذي قال ان احدى مشكلات الحكومة انها تتحدث عن قضية هي الحكم والخصم فيها،مشيرا الى ان العالم باسره لديه معلومة ان الحلول القائمة الآن عسكرية،لافتا ان الحل يكمن في استدعاء كل المنابر والاطراف الدولية للجلوس للحوار وايجاد حل للمشكلة، هذا اذا كانت الحكومة جادة في حل القضايا الوطنية عبر الحوار. وحث المحلل السياسي الحكومة على حماية السيادة الوطنية»دبلوماسيا وامنيا» مبينا ان حل ازمتي جنوب كردفان والنيل الازرق يتطلب توازناً في الخطاب السياسي، مبديا عدم تقبله للطريقة التي تتحدث بها الحكومة عن الشعبية والتي لن تسهم في الحل الصحيح للازمة في جنوب كردفان والنيل الازرق. اعتبر المحلل السياسي محاولات الطرفين للالتجاء الى المنظمة الدولية امرا مضحكا، لجهة ان الحل الصحيح يكمن فى الاطار الدستوري الذي يحكم البلاد الآن. الا ان المحلل السياسي ربيع عبد العاطي يطالب بالنظر الى القضايا الوطنية من زوايا مختلفة،مبينا ان هناك فرقا بين استمرار البحث عن حلول وبين وظيفة الدفاع عن ارض الوطن،واعتبر القيادي بالمؤتمر الوطني ان الاوضاع والظروف الحالية بالبلاد تتطلب معالجات وحلولاً فى الاطار القانوني الصحيح، رافضا محاولات ربطها بشخصيات معينة. واشار ربيع ان مشكلتي جنوب كردفان والنيل الازرق يمكن ان يتم حلها بمعزل عن «الحلو»و»عقار».ورأى القيادي الوطني انه يجب ابعاد كل الذين اثاروا الازمة الحالية وتسببوا في تعقيد القضايا الوطنية، علاوة على?الذين يبحثون عن تدخلات خارجية.