بعد مضي أكثر من20 عشرين عاماً على مسيرة علاقات خارجية مضطربة ومتوترة أحياناً ووصلت حد القطيعة والعداء مع كثير من دول الجوار والعالم العربي، والدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة الاميركية، يبدو أن حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، وبعد تجربة طويلة حافلة بأخطائه التي جلبتها سياساته الخارجية المرتبكة والتي قادت بدورها لحصار وعزل السودان لأكثر من عقدين، فإنه يرنو الى سياسة خارجية مدروسة، بالرغم من التعقيدات الهائلة والمصالح والمتغيرات الجذرية في شبكة العلاقات الخارجية، التي تحكم العلاقات السياسية وا?اقتصادية بين الدول حالياً كما يشير الى ذلك محللون. لكن السؤال، الذي يطرحه كثيرون، هل تأخر المؤتمر الوطني، في النظر الى نفسه بعيون «الخارج»، ام ان القطار لم يفته، لينعش علاقات السودان الخارجية، من دون استثناء، كما يتهمه بذلك الكثيرون في الداخل من معارضين ومراقبين. وسؤال آخر لابد من طرحه أيضاً، هل يستطيع حزب المؤتمر الوطني ان يقود سياسات خارجية جديدة مدروسة تقوم على أساس تحليل وتقويم، لتكون أساساً لسياسة خارجية جديدة ، كما دعا لذلك، نائب رئيس الحزب للشؤون السياسية، الدكتور نافع علي نافع، في حديثه في فاتحة المؤتمر الاول لقطاع العلاقات الخارجية، ويتبع هذا السؤ?ل، تساؤل مهم، أين ستذهب السياسة القديمة للحزب على مدى أكثر من عشرين عاماً، بالنظر الى ان راسمي السياسات الجدد، هم ذات الرسامون الذين نقشوا لوحة السياسات الخارجية للسودان.؟ هل كان رئيس الجمهورية ورئيس الحزب يجيب على هذين السؤالين، في ختام أعمال مؤتمر قطاع العلاقات الخارجية لحزبه، حين يقول المشير عمر البشير، إن انفصال الجنوب كان سياسياً ويجب الا يؤثر على علاقات الشعبين التي يجب ان تتسم بالتواصل، ويعرب الرئيس عمر البشير عن ثقته، في ان تأتي مخرجات المؤتمر بالخير على الساحة، ويمضي البشير في حديثه ويكشف عن حوار لحزبه مع الحزب الشيوعي الصيني بالخرطوم في غضون الأسابيع المقبلة، الأول من نوعه على حد وصفه. من جهته، نائب رئيس الحزب للشؤون السياسية، الدكتور نافع على نافع، لفت في سياق حديثه عن السياسة الخارجية الجديدة المنشودة، إلى عدم الاكتفاء بحفظ الحقوق فقط، بل المساهمة الحقيقية في منظمات اقليمية قوية كالاتحاد الافريقي والجامعة العربية. بينما يذهب رئيس القطاع الجديد، الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل، الى ما قد يمكن ان تكون رداً على بعض التساؤلات التي طرحها التقرير. إسماعيل يقول في معرض حديثه عن قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني، ان انفصال الجنوب، يضاعف من مهمة المؤتمر الوطني للانفتاح على افريقيا التي ظلت داع?ة للسودان في الداخل والخارج ضد الاستهداف الخارجي، داعياً في السياق نفسه، إلى علاقات حسن جوار وتعايش سلمي مع دولة الجنوب. ورغم هذه الرغبة في الانفتاح على العالم ودول الجوار التي ابداها قادة المؤتمر الوطني الا ان القيادي بحزب المؤتمر الشعبي المعارض رئيس كتلة المعارضة بالبرلمان، الدكتور اسماعيل حسين، يؤكد عدم قدرة حزب المؤتمر الوطني الحاكم على الإتيان بجديد في السياسة الخارجية، في ظل التعاطي مع قضايا البلاد كافة، عبر المسكنات وليس الحلول الجذرية، وأوضح حسين في حديثه ل «الصحافة» عبر الهاتف أمس، أن الاوضاع الداخلية لاي بلد هي التي تعكس السياسة الخارجية، وحالياً نعيش أوضاعاً داخلية خطيرة، كيف وباية طريقة تدار العلاقات الخارجية،?يتطلب هذا من المؤتمر الوطني في البدء الاعتراف بالمشكلة في حد ذاتها، ومن ثم تشخيصها ومن بعد ذلك يمكن ان يحدث اختراق في علاقاته الخارجية كا يقول القيادي بحزب المؤتمر الشعبي، الا انه من جهة ثانية عبر عن عدم تفاؤله وتشكيكه بنجاح المؤتمر الوطني في ذلك، لجهة وصول البلد لمرحلة التكلس، التي أوصلها للبلاد بالاساس المؤتمر الوطني نفسه. واستبعد حسين نجاح صنع سياسة خارجية جديدة تقوم على المصالح المشتركة، في وقت ما يزال فيه منهج عقلية رجل الدولة متحكماً، مضافاً اليه ثبات الوجوه نفسها في قيادة الدولة، وقال حسين، انه لا ي?وقع جديداً من المؤتمر الوطني، غير انه أضاف بقوله «ليس من الحكمة الحكم على نجاح قطاع العلاقات الخارجية، الا بعد ان نرى ماذا سيضيف القطاع، وما هي الاستراتيجيات التي سيتبعها»، مشككاً في المنحى ذاته بقدرة الحزب الحاكم، على فعل شيء وهو نفسه الذي جرّ البلاد الى ما هي عليه الآن كما يقول رئيس كتلة المعارضة بالبرلمان. أما مصدر مقرب من حزب المؤتمر الوطني الحاكم؛ فيقول ل «الصحافة»، عبر الهاتف امس، إن ترفيع امانة العلاقات الخارجية بالحزب، الى قطاع، يمثل نقلة جديدة للحزب، نعتقد انها ستفتح آفاقاً جديدة، للممارسة الحزبية في التعامل مع الخارج على اساس مدروس ومنهج ثابت يقوم على المصالح المشتركة، وأوضح المصدر ان الخطوة جاءت في وقتها، خاصة في ظل التغيرات الكبيرة التي حدثت في السودان بانفصال الجنوب في 9 يوليو الماضي، بالاضافة الى الثورات العربية التي اجتاحت المنطقة، وأطاحت بأنظمة قمعية وموالية للغرب، ما يتطلب بعداً جديداً في شكل?ومضمون علاقات الحزب الخارجية، ومضى المصدر للقول، بأن القطاع باستطاعته تغيير نمط علاقاته الخارجية. وأضاف المصدر ان المؤتمر الوطني بما يمتلكه من سند وتفويض شعبي، «في اشارة الى فوزه بالانتخابات الاخيرة»، قادر على المضي قدماً في صنع علاقات خارجية استراتيجية، تلبي تطلعات ورغبات جماهير الشعب السوداني، منبهاً ان سياسة المؤتمر الوطني الخارجية تقوم على حرية وكرامة وعزة المواطن السوداني، والحفاظ على وحدة وتماسك المجتمع السوداني. إلا أنه وفي نهاية المطاف يظل السؤال قائماً، هل يستطيع قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني، تحقيق رغباته بلعبه دورا قويا على الساحة الاقليمية والدولية، وهو الذي تلاحقه الازمات والمشكلات على الصعد كافة، لا سيما المشكلة الاقتصادية التي القت بظلالها على كاهل المواطن السوداني، والديون المليارية التي يحاول الوصول الى تسوية بشأنها، وخطاب سياسي لغاية الآن يتحدث عن المصالح من جهة، ومن جهة اخرى يتحدث عن مؤامرات يدمغ بها الغربيين، متهماً اياهم بمحاولة زعزعة امن واستقرار البلاد، ومن هنا يظل السؤال ملحاً على طرح نف?ه.!!