من الواضح ان تحسين العلاقات بين السودان ودولة جنوب السودان اصبح مطلباً للمسؤولين في كلا البلدين بحيث اصبحت التصريحات المتبادلة بين الجانبين في هذا الخصوص تكشف عن ادراك وتفهم لضرورة تحسين العلاقات لما لها من ابعاد اقتصادية وامنية واستراتيجية ، واذا قرأنا تصريحات المسؤولين من الطرفين مع سياسة الحكومة الامريكية الرامية الى اعادة الطرفين الى مائدة الحوار السياسي لحل المسائل العالقة مثل الوضع في ابيي وجنوب كردفان وجنوب النيل الازرق سندرك تماماً سر افتتاح الطرفين لعشرة منافذ حدودية بين البلدين لتسهيل انسياب الحر?ك الاقتصادي والبشري ، نعم اكتشفت حكومة الخرطوم وحكومة جوبا ان تقوية العلاقات هي المخرج الوحيد من الضائقة الاقتصادية والمنجى الوحيد من اشتعال الحرب الشاملة مجدداً. ولكن ومع ذلك دعونا نناقش ونخمن ماهية الاجندة التي يحملها المبعوث الامريكي ليمان للطرفين في زيارته المرتقبة للبلاد خاصة وان الاخبار المتواترة عن مهمة الرجل تفيد بانه مكلف بايصال رسالة للمسؤولين من الطرفين بضرورة الوقف الفوري لاطلاق النار في جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق والرجوع لطاولة المفاوضات الخالية في اديس ابابا او غيرها من العواصم الافريقية ، وبحسب القراءات في دفتر ازمة كردفان والنيل الازرق فان طبول الحرب التي دقت من الطرفين يريد الامريكان ايقافها وبالتالي ارجاع المسألة الى المربع الذي خرجت منه بفعل ?اعل وهنا يتساءل الكثير من المراقبين عن مغزى التصعيد المفتعل من طرفي نيفاشا اذا كانا يعلمان سلفاً انهما الى طاولة المفاوضات سيعودان والى الصوت الامريكي سيستمعان !!!!. ان الاحداث التي اندلعت في جنوب كردفان وجنوب النيل الازرق ساهمت في تصعيب الامور على طرفي اتفاق السلام الشامل مثلما اضرت بحياة المواطنين في كلا المنطقتين وتمخضت عن نزوح ولجوء ومآسي لا حصر لها ولعل هذا ما جعل المنظمات الدولية تنادي بضرورة ايقاف اطلاق النار بهدف ايصال المعونات الى المتضررين والمتأثرين بالحرب عوضاً عن معرفة تفاصيل ما حدث بالضبط وتحميل مسؤولية ما جرى لمن يستحق ، ورغم الحرب الاعلامية المندلعة بين الطرفين الا انهما لم يصدر عنهما اي رد فعل رافض للمبادرة الامريكية الخاصة بارجاع الطرفين الى طاولة ال?فاوضات فهل ستسير الامور باتجاه التهدئة والتسوية ام يفلح نافخو الكير من الطرفين في تأجيج النيران بين الشمال والجنوب لتوسيع دائرة الحرب وتطويل أمدها ؟ على العموم كل من يدعو للسلام والتهدئة يعتبر ساعي بالخير باعتبار ان نتيجة ما يقوم به تصب لصالح المواطنين المتأثرين والمتضررين من تفجر الاوضاع في مناطق النزاع الدامية . وحسناً فعل السادة وزراء دفاع البلدين بتوقيع اتفاقية فتح الممرات العشرة فهي خطوة باتجاه نزع فتيل الازمة وتصب باتجاه تحسين النوايا وتمتين العلاقات وتنظيم حركة البشر والبضائع بين البلدين وبالتالي تسمح هذه الخطوة بفتح حوار جاد وبناء يقود الى اتفاق حول تصدير بترول الجنوب عبر الشمال نظير تراضي وتوافق من الطرفين فالازمة الاقتصادية التي تطحن المواطنين في جميع مناطق السودان القديم والجديد لا تسمح بالمناورة وممارسة ألاعيب السياسة والمطلوب بكل وضوح وضع خطة واضحة غير رمادية اما المضي قدماً في تمتين العلاقات بين السودا? ودولة جنوب السودان الوليدة والتي يزعم حكام الشمال انهم لن يتوانوا في تقديم كافة انواع الدعم لها او بالعدم اعلان الحرب الشاملة على دولة جنوب السودان الوليدة واعتبارها حرباً مقدسة للخروج من الضائقة الاقتصادية التي تكاد تطيح بمجمل الاوضاع في البلاد ، ان الخطوة التالية التي تحدد مصير واتجاهات المستقبل بالنسبة لحكومة الخرطوم ستضح بعد زيارة المبعوث الامريكي المرتقبة.