عاد رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت الى دياره بعد زيارة قصيرة استغرقت يومين حملت كثيراً من المضامين والمعانى باعتبارها الأولى له الى الخرطوم بعد ان تلاحقت الكتوف واصبحت جوبا عاصمة لدولة مستقلة، وتفاءل عدد من المتابعين بطائرة سلفا والحفاوة التى استقبل بها من قبل البشير، انها ستضع حدا لحالة التصعيد والتوتر بين البلدين ووضع النقاط على الحروف وحل القضايا العالقة بصورة نهائية، الا انها وبحسب مراقبين وصفوا الزيارة بأنها لا تعدو اكثر من كونها «فاتحة شهية» فى مسار العلاقات بين البلدين خاصة وانها لم تعط رؤي? واضحة لخارطة طريق تنهى محاور الخلاف بين الشمال والجنوب تاركة امر القضايا للجان مختصة كونت من الطرفين للنظر فى الملفات المختلفة والتى لم تحل منذ ان كانت الشراكة بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطنى فى مهدها. الا ان اكثر ماتميزت به مخرجات الزيارة انها حملت روحاً جديدة لتجاوز مرارات الماضى وفتح صفحة جديدة بين جوباوالخرطوم، واتفاق الرئيسين البشير وسلفاكير علي ضرورة حل أزمة أبيي وترسيم الحدود في اقرب وقت ممكن بجانب تحديد سقف زمني بنهاية الشهر الحالى لحسم الملفات العالقة الامنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية بين البلدين. وأكد رئيس حكومة الجنوب فى المؤتمر الصحفى لمناقشة مخرجات الزيارة بمطار الخرطوم أمس، استعداد حكومته لمناقشة كافة القضايا الخلافية، وقال حكومتنا مستعدة لمناقشة كافه القضايا العالقة بما فيها أبيي وترسيم الحدود ، وتابع نحن واثقون من التوصل لحلول في اقرب فترة، لهذه القضايا وشدد سلفاكير على ان هناك عددا من النقاط يجب ان تحل بروح الاخوة، مؤكداً التزامهم بعدم العودة للحرب والتركيز على ضرورة بناء علاقات جيدة بين البلدين مبنية علي اساس التفاهم والجوار. ومن جانبه، اوضح البشير انه تم الاتفاق علي تكوين لجان حدد لها سقف زمنى للوصول لحلول نهائية خلال فترة وجيزة تمهيداً للتوقيع النهائي لكافة القضايا العالقة الامنية العسكرية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ووصف البشير زيارة سلفا للبلاد بأنها نقطة لانطلاقة العلاقات بين البلدين، واوضح ان الزيارة بداية لانطلاقة جديدة لعلاقة ممتازة بين البلدين،مؤكداً حرص السودان واستعداده الكامل للتعاون مع الجنوب ، وقال اجرينا لقاءات مثمرة للتباحث حول كافة القضايا وتحلينا بروح الوفاق والاصرار لتجاوز كل الملفات العالقة، لافتاً ا?ى ان مايجمع بين الشعبين اكبر مما يجمع اية دولة بأخري . وفى ختام حديثه بالمطار اتهم رئيس حكومة الجنوب بعض الاطراف من الشمال والجنوب بمحاولة اعادة الحرب بين البلدين، وقال سلفا « نعلم ان هناك بعض الاطراف هنا وهناك تريد ان تجرنا الي مربع الحرب مرة اخري لكن نحن غادرنا هذه المحطة ولن نعود الي الحرب ونحن ملتزمون وندرك كل الاشياء المتعلقة بسيادة وكرامة البلدين «. وفى حديثه ل»الصحافة « قال وزير الاستثمار والتجارة بحكومة الجنوب قرنق دينق، ان الطرفين اتفقا خلال سلسلة الاجتماعات التي عقدها وفد المقدمة من دولة الجنوب مع نظيره السوداني على مواصلة النقاش في الترتيبات المالية والبنكيه وقضايا التجارة والنفط والمتأخرات المالية الي جانب معاشات الجنوبيين، واكد ان الطرفين اتفقا على ان يوقع الرئيسان سلفا والبشير على خطاب مشترك للمانحين بشأن اعفاء ديون السودان ، واشار للتواثق على تفعيل لجان التفاوض تحت اشراف الاتحاد الافريقي وقطع بالاتفاق على ان تسلم اللجنة المالية عملها قبل ?هاية الشهر الجاري، لافتاً ، اذا فشلت في الوصول لنتائج في الترتيبات المالية الانتقالية فان الطرفين سيلجآن الى مناقشة قضية النفط بطريقة تجارية بحتة». وقال وزير مجلس الوزراء بدولة جنوب السودان دينق الور فى تصريحات صحفية «لدينا رؤية واضحة في الاقتصاد والحدود والتجارة تدخل في اطار العلاقات بين البلدين ونمتلك رؤية وأطروحة حول عائدات النفط «، واشار الى أنه حال فشل الطرفين في التوصل الى حل في الخرطوم فان التفاوض سينتقل الى أديس أبابا، وأشار الى وجود نقاط بالحدود متعلقة بالمساحة تحتاج لترسيم على الأرض تم حسم «80%» منها ، واوضح ان ما تبقى خمس مناطق سمى منها « حفرة النحاس، جودة الكيلو 4، كاكا التجارية، مقينص»، واكد الور على أن الزيارة لها تأثيرها الايجابي على ?ثير من الملفات، قاطعا بمقدرة الطرفين على حل المواضيع دون تدخل من طرف ثالث. وتجدر الاشارة الى انه من مخرجات الزيارة المهمة تعاون الطرفين في المجالات العسكرية والأمنية للوصول لتفاهم أمني تبنى على أساسه العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الشمال والجنوب، حيث ركزت المفاوضات بين الجانبين على كيفية الوصول الى الأمن والاستقرار فى حدود بين الدولتين، وهو ما اكده الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العقيد الصوارمي خالد سعد، لافتاً الى ان وزيرى الدفاع بالبلدين تناولا فى المباحثات الثنائية التعاون الجاد من أجل التوصل الى تفاهم أمني تبنى على أساسه علاقات جيدة في مختلف المجالات. ومن مخرجات الزيارة ايضاً تأكيد الرئيسين على عدم العودة الى الحرب ، وبناء علاقات جيدة وعدم تدخل اى من البلدين في الشؤون الداخلية للبلد الآخر، بالاضافة الى التعاون الأقتصادى واعلان الرئيس البشير بأن ميناء بورتسودان وخطوط النقل النهري مفتوحة لصادرات جنوب السودان ووارداته وفقا للمعايير المعمول بها عمليا مع تسهيل الاجراءات الجمركية. وفى حديثه ل «الصحافة» قال المحلل السياسى صديق تاور ان زيارة سلفاكير للخرطوم لم تحقق الهدف المطلوب ولم توضح موقفهم من الحرب فى ولاية النيل الأزرق وجنوب كردفان، وارتباطهم بالحركة الشعبية قطاع الشمال، وتابع تاور اذا قيمنا الزيارة بحسابات الجرد والحساب فنجد ان الخرطوم قدمت الكثير فى مسألة الجنود الجنوبيين فى الشمال فتم تسريحهم واعتمدت حقوقهم، الا ان الجنوب لم يقدم شيئاً ومازال يستخدم المجموعات العسكرية الشمالية الموجودة فى الجنوب للابتزاز، وقال قضية تلفون كوكو اقرب مثال فهي مسألة لا تحتاج الى لجان ومباحثات?وتطلب قراراً واضحاً من سلفاكير، واوضح تاور انه اذا كانت هناك ارادة حقيقية من الدولة الوليدة لسبقت الزيارة اجراءات عملية فى كثير من القضايا، ولكن الاحتفاظ بالملفات الى ما بعد الزيارة يعنى ان حكومة الجنوب مازالت بعقلية المماطلة والارتهان الى جهات اكبر من الجنوب لها اجندة معينة معادية للشمال. وفى حديثها ل «الصحافة» قالت رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الزعيم الأزهرى أسماء حسين ان زيارة سلفا الى الخرطوم اتت فى توقيت مناسب يمكن ان يساهم فى حل عدد من القضايا فى الشمال خاصة مشكلة جنوب كردفان والنيل الأزرق، وقالت اسماء اذا توفرت ارادة سياسية حقيقية من قبل الطرفين فانه من الوارد ان تحل كافة القضايا العالقة وفق السقف الزمنى الذى حدد بشهر فى سبيل الوصول لحلول نهائية للملفات العالقة، لان القضايا سياسية فى المقام الأول، ووصفت أسماء الزيارة بالايجابية وقالت ان المهم هو مابعدها وعمل اللجان المختصة فى المل?ات بين البلدين، لافتة الى ان الطرفين فى حاجة الى التكاتف مع بعضهما فى الفترة الحالية، ولكن يبقى السؤال هل ستستمر العلاقة بذات الروح الأخوية.