نحن كوحدويين ندعو منذ سنوات طويلة بأن الوحدة بين شمال البلاد وجنوبه هي سفينة النجاة للكل، ولكن بكل أسف الدول الغربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية والكنائس واسرائيل وقلة من الانفصاليين في جنوب البلاد وشماله بذلوا كل ما في طاقتهم ومنذ سنوات لفصل الجنوب عن شمال البلاد، ومعظم الانفصاليين لم يزوروا جنوب البلاد على الاطلاق، فالاستعمار البريطاني كما تعلم استعمر البلاد لمدة خمسين عاماً تقريباً ولم يعمل على تطوير الجنوب ولم ينشئ فروعاً لجامعاته في جنوب البلاد وترك أهلنا عرايا وهذا يعتبر وصمة عار في جبين ال?ملكة المتحدة وأغلق الحدود بين شمال البلاد وجنوبه بل ومنع أن يرتدي أهلنا في جنوب البلاد الجلباب!!!!!!. وأنا قد زرت كل ولايات جنوب البلاد ابان عملي في وزارة الثقافة والإعلام وقد أرسلت لشخصكم الكريم رسائل شخصية وكانت تتضمن ضرورة التمسك بالوحدة لا سيما ونحن في العالم المعولم الذي نعيشه نتجه نحو الكيانات الكبرى، فالدول الأوربية بالرغم من حروبها التي لا يمكن حصرها واختلاف لغاتها وصلت مرحلة الاتحاد الأوربي واستخدام العملة الموحدة (اليورو) فالمواطن الأوربي يتنقل بحرية تامة في 27 دولة ويستثمر فيها ويقيم فيها ....ال? بينما أنتم أصررتم على استبدال الدينار بالجنيه السوداني وعملتم أيضاً إلى أن يكون لكم عملة خاصة بكم بالرغم من تكاليف طبع العملات وكان من المنطقي أن تنفقوا تكاليف طبع العملات في انشاء البنية التحتية وانشاء الجامعات ....الخ. وقد نسى الأوروبيون خلافاتهم ومعاركهم وطموحاتهم في استغلال ثروات دول العالم الثالث، بينما الحكومات في شمال البلاد منذ يناير عام 1956م لم تقصر في تطوير جنوب البلاد بالرغم من أنه لم يكن البترول موجوداً آنذاك. والساكت عن الحق شيطان أخرس فالسودان وافق على منح جنوب البلاد حق تقرير المصير ومثل ه?ا لم يحدث في كافة الدول الأوروبية ولكن بدلاً من أن تعملوا بوصفكم من القيادات في بلادنا أن لا تتركوامجالاً للدول الأوربية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة واسرائيل وهذه الدول بكل تأكيد لاتريد استقرار البلاد وما يجري في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان دليل على صدق ما نقول فهذه الدول وعدت السودان بأنها ستقدم له معونات إذا تم اعلان استقلال الجنوب في 9 يوليو 2010م ولكنها بكل أسف لم تفِ بوعودها وأمريكا قدمت مشروع مارشال بعد الحرب العالمية الثانية لكافة الدول الأوروبية ولو كانت جادة وتحب أهلنا في جنوب البلاد لقدمت ل? مشروع مارشال!!!! سيدي الرئيس الزعماء الأفارقة الذين تركوا بصماتهم في تاريخ افريقيا كانوا ينادون بوحدة القارة الأفريقية، فالزعيم الغاني الراحل نكروما طالب بحكومة أفريقية واحدة. والزعماء التاريخيون في افريقيا والذين أنشأوا منظمة الوحدة الأفريقية عملوا على ترك الحدود التي رسمها الاستعمار وذلك من أجل تحقيق الوحدة بين أبناء القارة الأفريقية. واسرائيل هي بكل تأكيد لها رغبة أكيدة في تفتيت وتمزيق السودان والشعار المكتوب في الكنيست (البرلمان) حدود اسرائيل من الفرات إلى النيل وهي تجسد هذا الشعار في أرض الواقع بكل أسف في جنوب البلاد. وهي الدولة الوحيدة في العالم التي لم تحدد حدودها وترفض في عنجهية الانسحاب من كافة الأراضي الفلسطينية وتقوم بهدم منازل الفلسطينيين واغتيال قادتهم في واضحة النهار وبنت جسراً عنصرياً لم يرَ العالم مثله في التاريخ، وغزت مدينة غزة وكان من نتيجة غزوها أن لقى العديد من الفلسطينيين حتفهم، وأغرقت السفينة التركية مرمر في المياه ا?دولية التي كانت تحمل مساعدات للفلسطينيين وتحمل على متنها ثمانية من الأتراك الذين لقوا حتفهم من جراء إغراقها للسفينة مرمر وتفرض حصاراً ظالماً على غزة. وترفض في وقاحة تقديم الاعتذار لتركيا، وهي تمتلك كافة أسلحة الدمار الشامل وتهدد بها الدول العربية والاسلامية، وترفض في وقاحة التوقيع على منع انتشار السلاح النووي وقد تعاونت مع حكومة الأقلية العنصرية في جنوب افريقيا. سيدي الرئيس كنا نتمنى أن تقرأوا تجربة جنوب افريقيا وهي تجربة رائدة ومتفردة، فالزعيم الأفريقي الكبير نيلسون مانديلا والذي مكث سبعة وعشرين عاماً في السجن وخرج منه مرفوع الرأس ولم يحاول الانتقام أو طرد الأقلية البيضاء الذين عملوا على تسكين سكان جنوب أفريقيا الأصليين في معازل بشرية لم يرَ العالم مثيلاً لها على الاطلاق وطبق فكرة العدالة الانتقائية وترك الاقلية البيضاء العنصرية ولم يعمل على طردهم لأنه أدرك برؤيته الاستراتيجية وحبه لمصلحة بلاده العليا ان هذه الأقلية البيضاء بالرغم من عنصريتها هي التي حققت التنمية?في كافة الأصعدة. والدولة الوحيدة التي يمكن أن نقول انها متطورة في القارة الافريقية هي جنوب افريقيا وأين نحن في السودان من هذا!!!!!! سيدي الرئيس أهلكم في شمال السودان هم الذين عملوا على استخراج البترول وشركة شيفرون الأمريكية هي التي قامت باكتشاف البترول وكان مقرها في الخرطوم (2) وحين اكتشفت البترول بكميات تجارية سحبت آلياتها عبر ميناء كوستي إلى الكاميرون ولو كانت جادة ومخلصة لعملت على استخراجه لكي ينعم أهلنا في جنوب البلاد وشماله، ولكنها بدلاً من ذلك فرضت مقاطعة غير انسانية وغير أخلاقية على السودان ومنعت شركات البترول لكي لا تعمل في مجالات استخراج البترول مثل الشركة الكندية وغيرها. واتفاقية نيفاشا التي حققت السلام في البلاد نصت على توزيع ثروة البترول بين شمال البلاد وجنوبه ولكن بكل أسف يا سيدي الرئيس مع احترامي وتقديري لشخصكم الكريم افتعلتم مشاكل لم تكن ضرورية على الإطلاق بخصوص توزيع ثروة البلاد بين شمال البلاد وجنوبه وقد أساء بعض الاخوة في جنوب البلاد اخوانهم في شمال البلاد ولا داعي لذكر اساءاتهم لذا سيدي الرئيس نأمل فتح الحدود بين شمال البلاد وجنوبه ونؤيد ذلك بحيث يستطيع أن يتحرك سكان جنوب البلاد إلى شماله بحرية تامة لأن في هذا مصلحة أكيدة للطرفين كما نؤكد الجنسية المزدوجة. ذكرت يا سيدي الرئيس ان ما حصل في السودان لمنح جنوب البلاد الاستقلال لم يحصل مثله في العالم، وهناك حركات انفصالية كثيرة في مختلف دول العالم، ففي المملكة المتحدة سكان ويلز واسكتلندا يطالبون بالانفصال ولكن العقلاء فيهم يرفضون الانفصال، وفي فرنسا هنالك حركات عنصرية تطالب بالانفصال (اقليم كورسيكا) وفي اسبانيا هنالك حركات انفصالية (الباسك) وهي تطالب بالانفصال عن اسبانيا وهنالك حركات انفصالية في ايطاليا بين شمالها وجنوبها، وحركات انفصالية في الصين (التبت) وفي أفريقيا حركات انفصالية كثيرة لا يمكن حصرها، وفصل الجنو? سيكون سابقة خطيرة في بلغنة القارة الأفريقية أردنا أو لم نرد. سيدي الرئيس ان التحدي الذي يواجهك والرئيس عمر البشير يكمن في تحقيق التكامل الاقتصادي وحرية التنقل بين أبناء الشمال وأبناء الجنوب وتقسيم ثروة البترول بين البلدين، واذا لم تعملا على تحقيق الوفاق بين شمال البلاد وجنوبه فالتاريخ سوف لا يرحمكما. وفي عين الوقت سيدي الرئيس أن تعمل من أجل تحقيق الوحدة والوفاق بين القبائل الجنوبية المختلفة التي نحترمها ونقدرها لأن عدم اشراك كافة القبائل الجنوبية في حكم الجنوب سيترتب عليه نتائج خطيرة نحن وأنتم لا نريدها، نرجو لشخصكم الكريم الصحة والعافية وطول العمر انه نعم المولى ونعم النصير. خارج النص أيها السادة في سوداننا العزيز ذكرت في مقالات عديدة علينا أن نعمل من أجل تحقيق الاستقرار في ما تبقى من البلاد وأن ننسى طموحاتنا الشخصية ومصالحنا الذاتية وعلينا أن نطبق العدالة الانتقائية التي ذكرتها مراراً وتكراراً. ان التحدي الذي يواجهنا في شمال البلاد يكمن في العمل الجاد في سبيل تحقيق التنمية الشاملة في كافة ولايات البلاد وأن نعمل أيضاً على وضع دستور للبلاد يوافق عليه الشعب السوداني، وفي هذا الاطار ذكرت في مقال سابق في جريدة الصحافة الغراء وجوب تكوين لجنة عليا وهذه اللجنة تضم في عضويتها المتخصصين في الشؤون القانونية وتطلب هذه اللجنة من كافة الأحزاب السياسية بأن ترسل باقتراحاتها ورؤاها للجنة بالاضافة إلى اشراك المفكرين والعاملين في كافة وسائط الاتصال، وأن تعرض اللجنة مختلف الاقتراحات للاستفتاء الشعبي، وبعد ذلك تقدم ه?ه الاقتراحات ونتيجة الاستبيان إلى البرلمان ولكن الذي يدور في هذه الآونة عن الحديث عن الدستور في اعتقادي لا يساعد في استقرار البلاد بل هذا عبارة عن مناقشات بيزنطية. أيها السادة الدستور ليس هدفاً في ذاته بل هو وسيلة لتحقيق التنمية والاستقرار وحق المواطنة، فالمملكة المتحدة ليست لها دستور مكتوب. وأخيراً نرجو لبلادنا من الله سبحانه وتعالى الاستقرار والرفاهية انه نعم المولى ونعم النصير. ماجستير ودكتوراة في فلسفة التربية من جامعة كيندي ويسترن الأمريكية