لم يتوقع الاهالي المهجرون من وادي حلفا الى منطقة حلفاالجديدة في العام 1964 ان تنكسر احلامهم في المنطقة التي جاءوا اليها بان يتعثر المشروع الزراعي الذي لطالما كان صمام الامان لاوضاعهم المعيشية ورفاهية لم تدم طويلا وفقا لافادات مواطنين من المنطقة، اذ يقول المواطن محمد عثمان ان مدينة حلفاالجديدة كانت تتميز بوضع اقتصادي مريح جراء الانتاج الذي كان يدره المشروع الزراعي الا ان تدهور المشروع وتقلص المساحات المزروعة في الآونة الاخيرة احدثا خللا كبيرا في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية مما اضطر معه الكثير من?المواطنين للهجرة الى الخرطوم والمدن الكبيرة طلبا لفرص العمل ولحياة افضل، فاكثر من 25 ألف عائلة تعتمد في معاشها على تسويق المنتجات الزراعية غير ان تدهور المشروع ادى الى هجرة مئات العائلات الى اطراف الخرطوم بداية من العام 1990 طبقا لناشطين في منظمات المجتمع المدني النوبية . ومما فاقم الاوضاع توقف مطاحن حلفاالجديدة منذ ان عزل الحاكم العسكري لولاية كسلا آنذاك محمد الامين خليفة مجلس الادارة المنتخب بمطاحن حلفاالجديدة وعيّن لجنة تسيير لادارة المطاحن الذي كان ينتج الدقيق والعلف. ويقول المسؤول السابق بمطاحن حلفاالجديدة جعفر محمود ان حلفاالجديدة باتت في امس الحاجة الى تنمية عاجلة في مجال الخدمات الصحية والاقتصادية بعد تدهور المشروع الزراعي، واعتبر محمود في حديث ل»الصحافة» ان احتجاجات الاهالي الاخيرة بمثابة انذار مبكر للمركز وحكومة الولاية بالالتفات الى المنطقة ودعمها بعد ان آل? الاوضاع الى درك سحيق بسبب استقدام عناصر نفذت عملية اقصاء واسعة لخبراء ومسؤولين من مشروع حلفاالجديدة الزراعي ومطاحن الدقيق الذي كان مفخرة للولاية باكملها بعد ان حققت معدلات انتاجية عالية واستوعبت ابناء المنطقة في الوظائف. ويدلل محمود على التدهور الذي تعيشه حلفاالجديدة بحال المستشفى الذي ظل ل 47 عاما وما يزال يقدم خدماته بسلحفائية لايحسد عليها وسط اكتظاظ للمرضى ونقص الخدمات الصحية وهجرة الكوادر الطبية الى الخرطوم، كما ويحصل اكثر من 100 الف شخص بمدينة حلفاالجديدة على مياه الشرب من قنوات مياه غير آمنة تمتد لمسافة 50 كلم واعتبرها خبراء صحة اوفدوا الى المنطقة قبل عامين غير صالحة للانسان . ويقول محمود ان مياه الشرب تحدي حقيقي لانسان حلفا بعد ان تسببت في تفشي حالات مرضية في اوساط المواطنين، وطالب محمود الحكومة بتبني سياسات اكث? مرونة تجاه المنطقة ودعم عملية الزراعة بتأهيل المشروع واستقدام الكوادر القادرة التي تتمتع بالخبرة ،وقال محمود ان الحكومة بحاجة ماسة لعودة الجمعيات التعاونية بعد ان فشلت سياسات النظام الرأسمالي المتوحش في تطبيق علاقات جيدة بين الحكومة والمزارع . وكان اهالي حلفاالجديدة سلموا مذكرة مطلع اكتوبر الجاري لنائب رئيس المؤتمرالوطني الدكتور نافع علي نافع حوت مطالب تمثلت في تأهيل المشروع الزراعي والقضاء على مادة الاسبستوس التي تسقف بها المنازل وتوجيه صندوق اعمار الشرق لتقديم الخدمات للمنطقة، لكن محموداً يرى ان صندوق اعمار الشرق اقتصر خدماته على مناطق بعينها في الولاية وتجاهل مدينة حلفاالجديدة بالرغم من خصوصية المنطقة وامتلاكها لبنيات تحتية جيدة كالمشروع الزراعي والمطاحن والمؤسسة الزراعية . غير ان سلطات محلية حلفاالجديدة تشير الى ان صندوق اعمار الشرق قدم منحة مالية بلغت 50مليون دولار لبناء مدارس ومستشفيات بينها مشفى ريفي في بلدة (دبيرة ) من المؤمل ان يقدم خدماته مطلع الشهر المقبل . وقال مسؤول رفيع من صندوق اعمار الشرق ان الصندوق يولي اهتماما خاصا لمحلية حلفاالجديدة من خلال انشاء المدارس والمستشفيات ودعم المجتمعات المحلية الفقيرة وتأهيلها بتمليك وسائل انتاج . وقال وزير المالية بولاية كسلا وعضو مجلس ادارة صندوق اعمار الشرق محمد عثمان عباس ان الصندوق يمضي قدما في تنمية حلفاالجديدة بتنسيق بي? معتمد المحلية وصندوق اعمار الشرق بعد تحديد الاولويات من قبل ادارة التخطيط العمراني . ونفى عثمان في حديث ل»الصحافة» تركيز الصندوق للتنمية في مناطق بعينها وقال ان الاولويات تحدد بواسطة ادارات التخطيط والتنمية بجانب تنفيذ التنمية العاجلة في المناطق المتأثرة بالحرب. وقال ان الولاية قررت مسبقا ايكال عملية التنمية للمحليات بتخصيص 60% من ايراداتها للانفاق على التنمية بينما تلتزم حكومة الولاية بتوفير المرتبات. واشار الى ان شركة هجرس قامت بصيانة مستشفى حلفاالجديدة وتأهيل غرفة الانعاش لمقابلة الحالات الطارئة ،وقا? عضو مجلس ادارة صندوق اعمار الشرق ان مهمة الصندوق تكمن في تحقيق التنمية المستدامة لانتشال المجتمعات الفقيرة من وهدتها والارتقاء بها الى وضع افضل . الا ان محموداً يقول ان الصندوق لم يقدم الدعم المتوقع لمقابلة الفقر المدقع وتردي الخدمات في المنطقة واضاف « هم دائما ما يجملون الواقع بوعود فضفاضة لا توجد على الارض «، وتابع محمود قائلا « آلاف المواطنين يتحصلون على مياه شرب غير صالحة والصندوق عجز عن اجراء معالجات لتنقيتها «. بالمقابل يقول عثمان ان الصندوق يعمل في ثلاث ولايات بشرق السودان وفق خطط اعدت من قبل خبراء في التنمية وليس من اللائق الاحتجاج على غياب الصندوق وقال (نحن نلتقي بمسؤولي محلية حلفاالجديدة الذين ينقلون الينا باستمرار خطط المحلية في مجال التنمية وتحديد الاولويات).