تتوارى بعيدا خلف جبال امدرمان الغربية، تحتجب عن الظهور مخفية نفسها عن انظار محبي الفضول والمارة واقدام مسؤولي الولاية.. شيدت لتكون «فتحا» جديدا في تقديم الخدمات لولاية طالما اعتبرت رائدة على كل الولايات.. رحل سكانها من لظى السلمة وسوبا ليواجهوا جحيما في الارض الموعودة .. فطيلة ثماني سنوات لم تذق مدينة الفتح طعم الماء والكهرباء والصحة والتعليم..!! تطلب الوصول اليها المرور عبر محطة «صابرين» صبراً وشجاعة وقارورة ماء... «الصحافة» كانت هناك تتطلع في وجوه الحزانى وترصد طول الليل البهيم.. شكا يوسف أحمد يوسف من مكتب متابعة اراضي الفتح التابع لمحلية كرري، وتساءل عن هل هو مكتب مساحة ام ايرادات فقط؟! مشيرا الى وجود مشكلة تتعلق برسوم الاراضي التي لم تحل حتى الآن، واكد العمدة يوسف ان هناك صعوبات تواجه المواطنين في دفع رسوم الاراضي، لجهة ان هناك قطعاً سكنية متنازعاً عليها. ويواصل العمدة يوسف حديثه قائلاً: في كل مرة يظهر مواطن يحمل اوراقاً تخص احد سكان المدينة، وكشف العمدة يوسف أن السبب وراء ذلك احجام المواطنين عن دفع رسوم الاراضي، وذكر العمدة يوسف ان هناك صعوبة في التعامل مع موظفي الاراضي. بينما قال مدير مدرسة خالد بن الوليد المختلطة آدم عبد الله خليفة، إن مدرسته بها «370» تلميذا بدون فصول ثابتة وبدون معلمين، مشيرا الى ان جميع المعلمين متطوعون من سكان الفتح. وان وزارة التربية لا تقدم لهم شيئا لا مرتبات ولا مال تسيير المدرسة. وغير بعيد عن افادة مدير المدرسة يقول العمدة حسن عثمان حسن ان المدرسة تعاني اكتظاظ الطلاب لدرجة جلوس الطلاب على الأرض، واكد العمدة حسن ان المدارس في الفتح تعاني فقر الخدمات وعدم توفرها بالمدارس، وخلو المدارس من أزيار مياه الشرب، مما يضطر التلاميذ الى شرب المياه الحارة من براميل حفظ المياه..!! وشكا العمدة حسن من عدم توفر اجلاس المدارس الذي يتم اغلبه بالموارد المحلية من المواطنين، اعتمادا على خامات خفيفة من الحديد مما يؤدي الى تلف المقاعد والادراج. بينما شكا المواطن إدريس علي من مشكلات الدراسة بالمدارس على نظام الدوامين الذي يرهق التلاميذ، مشيرا الى مشكلات أخرى تواجه التعليم بالمدينة من قلة كوادر المعلمين وازدحام الفصول وشح عدد المدارس. وفي جانب الصحة شكا العمدة موسى علي بابكر من مشكلات النفايات بالمدينة، وابدى العمدة موسى شكواه من قربهم من مكب النفايات الرئيسي لولاية الخرطوم، مؤكدا قرب مربعات «1» و «5» من المكب، وناشد العمدة موسى السلطات في حال عدم نقل المكتب ضرورة رش الموقع بالمبيدات الحشرية لقتل الذباب الذي يتكاثر في موقع المكب. وأوضح العمدة موسى ان مستشفى الفتح لا يغطي كل المدينة، ويعمل به طبيب عمومي واحد. واكد ان هناك اسعافاً واحداً لكل المنطقة يعمل بالرسوم والحساب يكون بالكيلومتر!! بينما يقول حسن عثمان إن اجراءات التحويل الى المستشفى للعلاج عقيمة، ويتطلب العلاج بالمستشفى التحويل من مركز صحي، وأشار حسن الى ان المنطقة كلها لا يوجد بها مركز صحي ليتم تحويل الحالات المرضية منه الى المستشفى. وفي جانب خدمات الكهرباء والماء، اكد مواطنو الفتح عدم توفر اي خط كهربائي بالمنطقة، مشيرين الى انه لا يوجد أمل في القريب العاجل لتوصيل الكهرباء، بحجة ربط تقديم الخدمات للفتح بدفع رسوم الاراضي التي تعاني ازدواج ملكية قطعة الارض لاكثر من شخص. وأبان حسن عثمان أنهم يعتمدون على المولدات الكهربائية الصغيرة التي تعمل بالجازولين وتسبب الازعاج لسكان الاحياء، وتؤدي في كثير من الاحيان الى منازعات بين السكان .. واكد حسن عثمان اعتمادهم على جلب المياه بعربات الكارو. ومدينة الفتح تعتبر مدينة حديثة نُقل إليها بعض متضرري الأراضي في مناطق مختلفة في ولاية الخرطوم، وهم من الفقراء اصلاً، وتسبب ترحيلهم وعدم توفر الخدمات في زيادة نسبة الفقر لديهم. يقول العمدة عبد الرحمن احمد سليمان إن ديوان الزكاة حاول تقديم المساعدة لهم، بيد ان محاولة الديوان حدثت بها بعض السلبيات من ناحية تفريغ اسماء الفقراء من الاستمارات المعدة لذلك. ويعطي عبد الرحمن مثالا لذلك التخبط بسقوط اسماء بعض مواطني المربعات ووجودها في مربعات اخرى...! وقال: في رمضان في مشروع فرحة الصائم فقدنا فرصة «190» كرتونة بحجة ?قوط اسماء متلقيها!! ومن موقعه بوصفه أحد مشرفي لجان الزكاة القاعدية بمدينة الفتح، قال طارق الأمين إسحق إن هناك أسباباً أدت إلى زيادة الفقر بالمنطقة نتيجة الترحيل في عام 2003م، في ظل ظروف الخريف وفقدان مصدر الدخل القديم. وذكر طارق أن معظم المرحلين اضطروا الى بيع متعلقاتهم من دولايب وأسرَّة وانابيب غاز، مشيرا الى بروز إشكاليات تفكك الأسر نسبة لعمل الرجال في مناطق بعيدة. واوضح طارق ان عمل ديوان الزكاة كان معطلاً منذ الترحيل وحتى عام 2006م، مؤكدا تكوين لجان نشطة لتوزيع الزكاة، غير ان طارق اوضح أن هناك «43» شخصا يتلقون دعما شهرياً من ديوان الزكاة، بالرغم من أن عدد سكان الفتح يصل الى «70» الف نسمة، مشيراً إلى أن نسبة الفقر تصل الى «95%» في افقر محلية من محليات الولايات، كاشفا ان مواعين الزكاة تتوزع سكانيا كالآتي: «93%» فقراء، 4? مساكين و 3% دافعو زكاة. وتطرق طارق الى الاشكاليات التي واجهت العمل الزكوي بالفتح، وحدثت في استمارة الحصر الاخيرة للمساكين التي كانت مهلتها عشرة أيام لحصر «12» الف شخص، وكل استمارة تحوي «45» سؤالاً. وناشد طارق الامين العام لديوان الزكاة عبد القادر الفادني، ضرورة الانتباه إلى منطقة الفتح ورعايتها مباشرة من الرئاسة، لأن الفتح تقع ضمن مكتب زكاة كرري، ومحلية كرري من أفقر المحليات. وطالب طارق بزيادة عدد المدعومين شهرياً، وفتح مكتب متابعة لديوان الزكاة بالفتح، لأن معظم سكان المنطقة من المعدمين ولا يملكون ثمن تذكرة الذهاب إلى مكتب الزكاة بمحلية كرري.