1/ وفرت صفحات الفيس البوك فضاءً واسعا لشبابنا في التعبير الأدبي بشتى مجالاته، وقد أخذت القصة القصيرة جدا النصيب الأوفر من هذه الكتابات، فأنتشرت المواقع وأصبحت ق ق ج شبه متاحة للجميع، باعتبارها قابلة للتجريب والتدريب أيضا. 2/ ما يعيب جانبا من هذه الكتابات الاستسهال مما انتج تشابها في الفكرة والشكل والمبنى، وهذا يعود لعدم الإطلاع على تجارب الآخرين، فبعضهم يتعامل مع الأمر كتعامله مع المطارحات الشعرية، ويكتب على الكي بورد مباشرة من وحي النص الذي أمامه، ويعتقد في سره بأن هذه الطريقة تدل على عبقريةٍ ما. 3/ مثل هذه الأمور لا تضر بالفكرة فحسب ولكن الضرر الأكبر يكمن في فهم كيفية كتابة قصة قصيرة جدا ناجحة ومغايرة في البنية، والأمر لا يحتاج كثير جهد لملاحظة هذا التشابه، وكأن النصوص جميعها كتبها شخص واحد. 4/ معظم التعقيبات والردود على نصٍ ما، تتجاهل بنية الكتابة وتدير نقاشها مع الفكرة بكثير من التسطح، مما يوحي للكاتب بأن لا خلل ولا اشكالية في طريقة الكتابة دون الالتفات لهاجس تجديد شكلها، مما أدى أيضا للتشابه في التصميم الداخلي للنص. 5/ توحي كثير من الكتابات بأن هذا النوع من الكتابة ما هو إلا فكرة مجردة، فتجدها فاقدة لمنطقيتها وحبكتها الداخلية غير المرئية، وأن الأمر لا يعدو كونه مفارقة مسطحة والسلام. 6/ كثرة انتاج الكاتب الواحد في اليوم ليست دليل عافية، فهو لا يتيح لنفسه فرصة لإلتقاط الأنفاس ليجدد عبرها آلياته وأفكاره، والنصوص المتقاربة دائما ما تنتج أفكارا متشابهة في المضمون والصياغة. 7/ يتم التعامل مع نصوص الآخرين بطريقة العلاقات العامة، أو قل المقايضة..(لو عقبت على نصي سأفعل ذات الشئ مع نصك). والتعقيب الجاد وقول كل الأشياء دفعة واحدة يعني الإعلان الخفي بالخصام في القراءة والتعقيب. 8/ لا أحد يشير إلى الأخطاء اللغوية والطباعية والنحوية والإملائية التي تحدث، ويحيل الجميع الأمر إلى أنه مجرد خطأ طباعي، والخطأ الطباعي بالضرورة يشير لتركيبة كاتبه بأنه متعجل ولا يعطي لنصه الحق الكامل في أن يخرج باهيا. 9/ نلاحظ التداخل الفاضح بين مفهوم الأقوال المأثورة والحِكم والنكتة وقصيدة النثر، والمفارقة المسطحة وغيرها، بينما الروح القصصية تنزوي يوميا لصالح هذه الأشياء، وليس ذلك ناتجا عن مفهوم التجريب بقدر ما هو ناتج عن جهل.