منذ عشية الأربعاء الماضي مافتئت وسائل الإعلام تنقل احصائيات عن عدد القتلى بمنطقة ام قلودة التي تجاور بلدة بليلة المنتجة للنفط بولاية جنوب كردفان .وتسبب النزاع في مقتل 75واصابة المئات في نزاع بين عموديتين من قبيلة المسيرية حول اراضٍ تقدر مساحتها بنحو 1000 كلم واستقبلت مستشفيات بليلة والمجلد والفولة مئات المصابين جراء الاشتباكات في منطقة تفتقر للبنيات التحتية اللازمة وتعاني اقسام الطوارئ من نقص الكوادر الطبية بينما اضطر بعض الاهالي لنقل جرحاهم الى الخرطوم طبقا لافادات ناشطين. وسارعت حكومة الولاية بجمع اطراف النزاع في اجتماع عاجل بمدينة الفولة لاحتواء الازمة وتكوين لجنة لمعالجة الآثار المترتبة جراء عمليات العنف واجراء مصالحات قبلية بالتنسيق مع الادارات الاهلية. وبحسب القيادي في المنطقة محمد احمد الانصاري فإن اللجنة الزمت طرفي النزاع بالانسحاب لمسافة 5 كلم توطئة لنشر قوات نظامية من الجيش والشرطة لفض النزاعات ومنع تجدد الاشتباكات. غير ان الاتفاق لم ينفذ حتى صباح امس وفقا لافادات عمدة عمودية اولاد سرور وعضو المجلس الاربعيني للقبيلة الامين الفضل بان حكومة الولاية لم تنشر القوات النظامية بعد ان وعدت بذلك في اجتماعها الاخير بقيادات الطرفين بمدينة الفولة. وبدا العمدة غير متفائل باحداث اختراق في النزاع من قبل حكومة الولاية لبعدها عن الواقع على حد قوله وقال ل»الصحافة» عبر الهاتف ان القضية توسعت بعد ان طالت احداث العنف قبائل اخرى اصيب مواطنوها عن طريق الخطأ وهو مايضع الجميع على حافة المواجهات القبلية وتابع « لا استطيع التكهن بهدوء الاحوا? وزوال العنف لان هنالك اطرافاً اخرى تضررت وفقدت مواطنيها وتشعر بغبن شديد «. وقال فضل ان اللجنة المكلفة ابلغت الاطراف بالانسحاب لمسافة 5 كلم وهو ما يتنافى مع آلية فض النزاعات التي قررت في مؤتمر الابيض الذي كانت مخرجاته كفيلة بعدم اراقة الدماء مجددا .وقال ان عموديته لن تتنازل عن اراضيها مهما كلف الامر وزاد « يجب اجلاء الطرف الثاني من المنطقة اولا قبل كل شئ « ويتهم عمدة اولاد سرور قبيلة اولاد هيبان بالاعتداء على اراضيها ورفض مغادرتها لمناطق ما قبل حدود 1967 وهو تاريخ قدومهم للمنطقة .. الا ان الانصاري يرى ان اللجنة المكلفة وضعت حدا للنزاع بعد ان كونت لجنة اخرى لبناء القدرات والعمل اوساط المجتمع لنقلهم الى وضع يتيح عملية التعايش السلمي ويتابع « لامناص من ان نحقن الدماء ونجعل الجميع يتعايشون «. ونفى الانصاري ان يكون لانفصال الجنوب اثر في تحديد مسارات القبائل وقال « لا اعتقد ان هنالك تكدس للمسارات الرعوية بسبب الانفصال لان النزاع عكس ذلك تماما «. من جهته رسم الناشط في منظمات المجتمع المدني احمد طه بقادي صورة قاتمة للاوضاع بعد ان احتشد الطرفان في مناطق بليلة والفردوس وام قلودة وشنقل عرديب بالرغم من انفضاض اجتماع الوالي بنتائج وضعت حلولا مؤقتة للاشتباكات على حد قوله. وقال بقادي ل»الصحافة» عبر الهاتف ان القبيلتين حشدتا منسوبيهما في الميادين تحسبا لاشتباكات ربما تندلع مجددا بعد فشل اجتماع حكومة الولاية امس الاول ببلدة الفولة المحازية لمناطق النزاع، ودلل بقادي على ذلك قائلا ان حكومة الولاية بعيدة عن الواقع ودائما ما توفد مسؤولين ليسوا على دراية بطبيعة?المنطقة ومعالجة جذور المشكلة التي تتجدد بين الفينة والاخرى بسبب نزاعات عادية لا ترقى لمقتل شخص واحد . ويقول المواطن احمد الحسن الذي يقطن مناطق القطاع الغربي ان جامعة السلام تقع على عاتقها لعب دور ايجابي في تأهيل المجتمعات وبناء القدرات وحثهم على التعايش السلمي بعد ان اضحى العنف سمة اساسية وغاية لايجاد مخرج من المشكلات المحلية، ويثني القيادي بالمنطقة محمد احمد الانصاري على حكومة الولاية لانتشالها المجتمعات من دائرة الفقر والعنف الى رحاب التنمية بعد ان حولتها الى مناطق متقدمة وربطها بالطرق وجلب خدمات المياه والصحة اليها . وافاد الانصاري ان اللجنة قررت فرض غرامة مالية تصل الى خمسة آلاف جنيه لكل طرف يحاول الع?ور الى مناطق غير مخصصة له وفقا لمسارات اقرتها اللجنة المكلفة من حكومة الولاية بيد ان بقادي يعتبرها مسكنات لعلاج مرض مزمن ظل يلازم المنطقة ردحا من الزمان دون ان تجد حظا من النقاش المستفيض بالرغم من خطورته واستفحاله بشكل مقلق، ويتمسك بقادي بان تكون اولويات الحكومة المضي قدما في معالجات المشكلات التي تعاني منها مناطق القطاع الغربي التي تشمل بابنوسة والمجلد والفولة وام قلودة وبليلة وقال ان هناك تململا اوساط قطاعات واسعة من المواطنين بسبب تردي الخدمات بالرغم من ضخ مناطق بليلة والمجلد للنفط، وتابع بقادي قائلا « ?صيب الولاية 2% من ارباح النفط وحكومة الولاية مطالبة بان تنفقها على الخدمات والتنمية وتشغيل الخريجين وفتح المسارات وحماية تنقل الرعاة بين المناطق وتوجيه جامعة السلام باجراء المصالحات القبلية وتفعيل مقررات مؤتمر الابيض «، وحذر بقادي من كارثة انسانية محدقة حال عدم التعاطي مع الاحداث الاخيرة بشكل سريع وتدخل عاجل من المركز وقيادات المنطقة وحكومة الولاية ويرى بقادي ان مصرع 75 شخصا في غضون اربعة ايام كارثة تستوجب التفكير مليا لوضع حد لمعاناة مئات العائلات التي تفقد ابناءها جراء اعمال العنف . يشار الى ان حكومة الولاية تعهدت بنشر قوات نظامية من الجيش والشرطة في مناطق النزاع الا انه حتى صباح امس لم تصل الى المنطقة المقترحة من قبل اللجنة المكلفة برأب الصدع، وتعتبر الاشتباكات الثانية من نوعها في عام واحد بعد ان اندلعت احداث مشابهة قبل اربعة اشهر منصرمة راح ضحيتها خمسة أشخاص .