بعد غياب امتد لسنوات طويلة عاد رئيس حركة التحرير والعدالة التجانى السيسى الى البلاد رئيسا للسلطة الإقليمية لدارفور لتنفيذ وثيقة الدوحة بعد أدائه للقسم امام الرئيس البشير بالقصر الجمهورى ليضع اولى الخطوات فى طريق سلام الدوحة وإنزاله على الأرض الواقع، ولكن ثمة تساؤلات تطرح نفسها فى ظل التحديات الكبيرة التى تواجه تطبيق الاتفاقية التى اصبحت مرجعاً وقاعدة لحل مشكلة دارفور، خاصة وان السيسى غاب عن الإقليم لفترة طويلة فهل يؤثر ذلك على تنفيذ الوثيقة بالإضافة الى تركيبة السلطة الإقليمية نفسها والتى يخشى الكثيرون تدا?ل إختصاصاتها مع سلطات الولاة والإدارة المحلية بجانب الحركات المسلحة والتى مازالت موجودة فى الإقليم وتمثل تهديداً حقيقياً للأمن فى دارفور، كلها تحديات تواجه السلطة الإقليمية فى امتحان تطبيق وثيقة الدوحة التى بشرت بتنمية الإقليم وعودة النازحين الى قراهم ورتق النسيج الإجتماعى الذى مزقته الحرب. وبعد وصوله الى البلاد بدأ السيسى متفائلاً بتنفيذ وثيقة الدوحة وتشكيل السلطة الإقليمية وإعتبر اداءه للقسم بالقصر الجمهورى ضربة البداية لمرحلة جديدة لتنفيذ اتفاق سلام الدوحة على ارض الواقع ، ودعا الحكومة واصحاب المصلحة الى التعاون لاستكمال مسيرة السلام ورتق النسيج الاجتماعي،وقال ان امام الجميع مشوار طويل لابد فيه من تعاون الحكومة الاتحادية والولائية واصحاب المصلحة الحقيقية من النازحين بالعمل على تنفيذ اتفاق الدوحة وعودة النازحين واللاجئين الى قراهم ورتق النسيج الاجتماعي، ولم يكتفِ السيسى بدعوة الحكومة الإتح?دية واهل المصلحة بل إمتدت مناشداته للحركات التي رفضت الوثيقة بالانضمام الى السلام ، وانتقد عدداً من الجهات وصفها بانها تتخذ من قضية نازحي دارفور اداة للكسب السياسي ، وقال «ان الذين يتخذون من قضية المعسكرات اداة للكسب السياسي، فان النازحين يعرفونهم»، وشدد على ان السلطة الاقليمية ستنصرف لاداء مهامها ولن تكترث لاي حديث يصرفها عنها، وقبل ان يتوجه السيسى الى دارفور بمصاحبة الوفد القطرى لمعاينة الأوضاع على أرض الواقع أكد التزام الحركة بتنفيذ الاتفاق، وطالب المؤتمر الوطني بالمصداقية، وقال «سنمضي في هذه الشراكة ?صدق لاحتياجات اهلنا في دارفور، وان المصداقية مطلوبة منا ومن شركائنا ومن مكونات السلطة الاقليمية»، واشار السيسي الى انه استمع الى توجيهات الرئيس البشير ، وفي صدارتها عودة النازحين واللاجئين الى قراهم ، الا انه قال «ما دامت هنالك معسكرات فإن القضية ستكون مستمرة»، وكشف ان اعمار دارفور يحتاج الى 10 مليارات دولار، اوضح ان الحكومة التزمت بتوفير 2 مليار دولار منها ،بجانب حكومة قطر التي وفرت 2 مليار دولار. واعتبر السيسي انهيار النظام الليبي بأنه فأل حسن لإستقرار دارفور وقال انه سيكون بردا وسلاما على الإقليم والسودان، وقال «كنت حاكماً لاقليم دارفور حتى يونيو من العام 1989، وكان لي رأي واضح في التدخل الليبي في دارفور ، وان اي قتيل قتل برصاص او سلاح قادم من ليبيا، وان انهيار نظام القذافي سيكون بردا وسلاماً على دارفور والسودان، وان كنا غير راضين عن الطريقة التي قتل بها القذافي»، ورفض السيسي اي وجود للتدخل الاجنبي في دارفور، وقال سنحل قضايانا مع بعضنا وفهمنا لقضية دارفور ليس من منطلق اناني ولم نسعَ لنحتكر السلطة?ولم ندعِ اننا الوحيدون لاننا نعترف بتباين الإثنيات في دارفور، وان لم ننظر لهذه القضية من ذلك المنظور فلن نجد الحل، وعلى الآخرين ان يغيروا وجهة نظرهم تجاه قضية دارفور . وفى حديثه ل «الصحافة» قال المحلل السياسى عبدالله آدم خاطر ان تطبيق وثيقة الدوحة محاط بعدد من التحديات الا انها ليست صعبة ولاتشكل عقبة كبيرة وإستبعد تداخل الإختصاصات بين السلطة الإقليمية وسلطات الولاة والإدارة المحلية فى الإقليم وقال ان وثيقة الدوحة نفسها اصبحت مرجعية تم التوصل إليها بعد حوارات طويلة من الداخل والخارج بالإضافة الى المساهمات الإقليمية والدولية وأوضح ان أهل دارفور امتلكوا الوثيقة وإطلعوا عليها وتفهموا محتوياتها ما يساعد فى تطبيقها على ارض الواقع، وتابع خاطر لايوجد تناقض فى السلطة الإقليمية ب?نها والولائية والمحلية فهناك صلاحيات للسلطة الإقليمية حوالى 18 بنداً تتلخص فى مسؤوليتها الأساسية عن جلب الأمن والسلم للإقليم وذلك يعنى إستمرار الحوار وتهيئة الظروف مع الحركات الأخرى فى إطار الوثيقة لافتاً الى ان المجتمع الدولى والإقليمى صادق على الوثيقة وإعتبرها الحل الأمثل لمشكلة دارفور ولاتوجد سكة أخرى ومنبر جديد ما يحتم على الحركات الرضوخ الى الوثيقة. واضاف خاطر ان السلطة الإقليمية ايضا مواجهة بعملية التنمية والإعمار وإعادة التأهيل والتنسيق بين الولايات الثلاث والمحليات لتوفير المال وتضافر الجهد والدعم ?لإنسانى والحكومى والإقليمى والدولى لأن عملية التنمية تحتاج الى شراكة بين السلطة الإقليمية والسلطات الأخرى، وشدد خاطر على عملية العدالة والمصالحات وقال انها من اكبر عوامل الإستقرار فى الإقليم، لان السلطة الإقليمية مسؤولة بصورة مباشرة عن قيام الإستفتاء بعد عام من توليها السلطة وهى عملية تحتاج الى إستقرار ولن يتحقق الا بتحقيق العدالة والتنمية وبسط الأمن. الا ان المحلل السياسى الحاج حمد فى حديثه ل «الصحافة» كانت له رؤيا مخالفة لخاطر وقال ان اتفاقية الدوحة مثلها كإتفاقية ابوجا والتى حملت جنين فنائها فى احشائها، لافتاً الى وجود سلطة موازية بين الإقليمية والولائية مثل ماكانت عليه ابوجا فى السابق، ووصف الحاج حمد تجربة المفوضيات بالفاشلة واعتبر وجود سلطتين فى الإقليم يساهم فى وجود طبقة جديدة من شأنها تعقيد الأوضاع اكثر من السابق خاصة فى ظل الظروف الإقتصادية الراهنة ما يزيد من الاعباء وزيادة التكاليف التى يجب ان تذهب لصالح التنمية. وقال الحاج حمد ان السيسى يقود ?جموعة كبيرة لتنفيذ السلطة الإقليمية غير متجانسة خاصة وانها عناصر انشقت من الحركات الأخرى، واعتبر ان الحل يكمن فى تعديل مسار الدوحة وحل الحكومات الولائية فى الإقليم وإجراء انتخابات حره ونزيهة ليختار اهل دارفور بأنفسهم من يحكمهم.