الشهيد أحمد القرشي طه ، هذا الشاب الذي كتب اسمه على بوابة تاريخ السودان الحديث بمداد من نور، وصنع لأمته مجداً وعهداً من البطولات ظللنا نتوارثه جيلاً بعد جيل. ولهذا تصبح الكتابة حول القرشي كتابة عن ذواتنا وعن أمتنا.. ومثل طفولتنا نفتح وعينا في قرية (القراصة) على صورة القرشي وذكراه العطرة. لم نر الشهيد، ولكنا كنا نحس به معنا يكلل هاماتنا بالعز والفخار، يمنحنا الأمل وكل المعاني النبيلة. أذكر ونحن صغار ان احتفالية ضخمة تقام في كل عام، يحضر لها المسؤولون في الدولة، وكل أبناء القراصة. أذكر ونحن طلبة بمدرسة الاساس تلك الاحتفالية، وهي تبدأ بمسيرة صباحية إلى قبره الطاهر وكان والده قرشي طه - عليه رحمة الله - يستقبلنا في المقابر، ويقدم لنا كلمته عن الشهيد وعن حبه للوطن ولأهله، وكان يحدثنا عن يوم استشهاده، وعن الحشود التي رافقت الجثمان إلى مثواه الأخير.. ويذكر شباب القرية بفخر انهم قدموا شهيد الثورة الأول ضد حكم 17 نوفمبر واسهموا في اسقاط الدكتاتورية العسكرية الأولى. ومما يحز في النفس أن تمثال القرشي في الجامعة قد تمت ازالته. وان جامعة الخرطوم التي هي منارة للعلم والمعرفة تتم فيها مثل هذه الممارسات التي تعود بنا إلى عصور الظلام. ونذكر اليوم مبدعي الوطن وهم يتغنون باسمك أكتوبر الأخضر.. وباسمك يا أكتوبر الأرض تغني.. ويصدح صوت محمد الأمين (من دم القرشي واخوانه.. في الجامعة أرضنا مروية). وأكتوبر 21 وستظل ذكرى أحمد القرشي خالدة فينا.. تغنى لها الأجيال، ويكفي أن الشعب السوداني قد واجه بثبات وشجاعة الأنظمة الشمولية قبل أن يعرف العالم ربيع الثورات العربية. ٭ محاسبة من قرية القراصة