انتخابات أبريل القادم ومع بداية حملتها الانتخابية تمهيداً لعملية الاقتراع، اذا اقيمت في موعدها المحدد، اتضحت فيها تماما أن الاحزاب السياسية مازالت تمارس الاحتقار والاستخفاف بالبشر بتصرفاتها الاستفزازية عند التعامل مع الناخبين لكسب أصواتهم، فمن المفترض أن تركز في حملاتها الانتخابية على التبشير والتنوير بالبرامج الانتخابية والتصورات لاقناع الناخبين للتصويت لها، لكن الآن بعض القوى السياسية القابضة على زمام الأمور في البلد، عجزت أو خجلت لفداحة موقفها من مخاطبة عقول أهل شمال دارفور، لأنها ليست لها الحجة المنطقية والموضوعية لاقناع المواطنين ببرامجها الانتخابية نظريا، لأنها عمليا اوصلتهم لهذ ا الدرك السحيق والوضع المأزوم وتداعياته المرة. وظهرت في هذه الأيام أساليب غير أخلاقية تثير الاشمئزاز وتفقع المرارة وتسبب الدوار والغثيان وتسئ الى كرامة الانسان بشمال دارفور بواسطة مجموعة من سماسرة الانتخابات والنفعيين الذين يتم ارسالهم الى القرى والفرقان، ولا يستطيع الواحد منهم اقناع نفسه ناهيك عن الآخرين، وذلك لاقناع الناس بالتصويت للسلطان في الانتخابات القادمة، هؤلاء كان الاجدى لهم أن يأخذوا معهم افكار السلطان وبرنامجه الانتخابي بالولاية لإقناع الناس اذا استطاعوا ذلك، ولكن للأسف يأخذون معهم جوالات السكر والمبالغ النقدية واشياء اخرى، بغرض الشراء وليس الاقناع في سوق النخاسة الانتخابية. إن المواقف التي تجعل الناس يصوتون لفرد أو جماعة لا تقاس بمعيار حلاوة سكر كنانة ولا «بضحاكات» بنك السودان، وإنما قناعة متجسدة ومستمدة من برنامج المرشح الانتخابي وسوابقه سلبا وايجابا، فضلا عن أن الأوضاع التي يعيشها المواطن كفيلة بتحديد وجهته الانتخابية، فهؤلاء لا يستطيعون إقناع أطفال الرياض، لأن الاطفال باتوا يفرقون بين الجاني والمجني عليه والعدو والصديق والمتضامن والمتواطئ ...الخ. فكان لا بد لهؤلاء من سلك طريق آخر للترويج لبضاعتهم الفاسدة والبائرة حتى يفوزوا بالانتخابات ليمشوا مجددا في جنازات الناس. فسيارات اللاندكروزر مشحونة بالسكر والمبالغ المالية النقدية تجوب القرى والارياف النائية. و«على فكرة القروش دي» لا تصل إلى هؤلاء المساكين المستهدفين في هذه المهازل الانتخابية، لأن التماسيح الذين يركبون هذه السيارات يقومون بابتلاعها «حاميها حراميها»، فهم يدخلون القرى والفرقان ويخرجون منها على حين غفلة من أهلها ويتركون في قرية عدد سكانها اكثر من ألف نسمة «خمسة جوالات سكر لا غير» ولا يتوارون خجلا، فهم يطالبون المواطنين بالتصويت لهم، بعد أن يلقوا خطاباً ركيكاً خالياً من اي مضمون انتخابي، ويحتوي على وعود سرابية كاذبة رددوها مرارا وتكرار في مناسبات عديدة، ولكن لم يحصد المواطن إلا أصفار كبيرة. ويختمون خطاباتهم بالوعيد والتهديد والتحذيرات بغرض التشويش، وبعد ذلك ينطلقون إلى قرى أخرى بنفس طريقة أتيام التطعيم وبنفس السيناريو القديم. ونقول لهؤلاء الذين زاروا مليط والمالحة والصياح وأريافها.. أين كنتم أيها السادة إبَّان محنة المعارضة التشادية وجرائمها؟ فالمواطنون يعلمون سذاجة وضحالة مواقفكم، فيأخذون السكر ويستمتعون به، ويعملون بقاعدة إمام الأنصار الصادق المهدي «اكلوا توركم وادوا زولكم»، وبالمقولة «الغبي هو من يفترض في الناس الغباء»، لأن الوعي السائد الآن هو الحسنة الوحيدة التي جناها أهل الإقليم من أزمة دارفور. وبالتالي ناسهم «اتعرفوا» في الاستقبالات الحاشدة بمليط والصياح والمالحة لبعض المرشحين، على عكس منكم أنتم الذين تم استقبالكم بالهتافات المعادية الساخرة والصور المرفوعة لغيركم، مما جعلكم تردون التحية بأحسن منها بالبمبان والهراوات، فعليكم أولاً احترام كرامة الناس، واحتفظوا بسكركم الذي اغتنمت منه حتى الحركات المسلحة، وخاطبوا العقول، واشرحوا برامجكم الانتخابية، و«اركبوا» صف المرشحين المستقلين والأحزاب السياسية وانتظروا طويلاً. [email protected]