يبدو ان حركة التعدين عززت الاتجاه الحكومي للاستفادة من قطاع المعادن بعد فقدان البلاد عائدات النفط باعتبار ان هذا القطاع يمكن ان يصبح مخرجا حقيقيا من الازمة الاقتصادية الماحقة التي يخشاها خبراء الاقتصاد الوطنيون. واعلنت وزارة المعادن ان الايرادات الرسمية للذهب بلغت مليار دولار منذ بداية العام الحالي ،وتتجه الوزارة بقوة للاستثمار في قطاع التعدين ومضت قدما في ذلك بادخالها نحو (200) شركة للشروع في عمليات التنقيب المنظم عن المعادن فى ارجاء البلاد الواعدة، وظلت الوزارة تقدم باستمرار الارقام والبيانات في وسائل الاعلام لتمليك الحقائق للرأي العام. وبحسب وزير المعادن عبدالباقي الجيلاني فان ارض السودان بكر لانتاج المعادن النادرة وتزويد الخزينة القومية بعائدات الصادر والقيمة المضافة من خلال دعم الصناعة الوطنية، بيد ان ما أنجز على الارض لم يأتِ حتى الآن ملبيا للطموحات التي تراهن على قطاع المعادن لسد العجز البائن في الموازنة الحكومية، ولم يعوض حتى قليلا من عائدات النفط المفقودة. ويرى خبراء تحدثوا ل»الصحافة « بالامس ان احصائيات وزارة المعادن جانبتها الدقة والصواب غير انهم أمنوا على اهمية بذل الجهود من اجل الاستفادة الكاملة من الثروات المعدنية المخزونة واستقطاب التقانات الغربية التي تتميز بالجودة والتقنية المتقدمة للاسراع في عملية الانتاج ورتق نسيج الموازنة . وتتيح وزارة المعادن للشركات العاملة في مجال التنقيب فترة سماح لمدة ثلاث سنوات قبل الدخول في حيز الانتاج الفعلي حتى تتمكن من التنقيب واستخلاص الذهب، وتتولى شركات جانب اعمال التنقيب والتجهيز بينما تنفذ عملية تنقية الذهب شركات اخرى متخصصة في ذات المجال . بالمقابل يقول الخبراء ان العملية تستغرق وقتا طويلا ووصفوا عمليات التنقيب والاستصفاء بالسلحفائية،في ظل الوعود المبذولة من الوزارة بالعمل على ادخال منتجات المعادن في بند الصادرات خلال فترة لاتربو على عام واحد . بيد ان وزير المعادن عبدالباقي الجيلاني قد اكد قيام وزارته بمراقبة اداء الشركات منعا للتقاعس والبطء في عملية الانتاج ، مع جهدها الدؤوب لازالة الموانع الادارية بالولايات والزام الشركات بتقديم تقارير سنوية للوزارة. ويقول المحلل الاقتصادي عادل عبدالعزيز ل» الصحافة» ان ايرادات قطاع التعدين غير كافية لسد فجوة النفط ،بيد انه اشار الى ان عائدات الذهب الذي بلغت مليار دولار هذا العام ستسهم الى حد ما في خفض الفجوة الناجمة عن خروج عائدات البترول وغيرها والتي تقدر باربعة مليار دولار ولفت عبدالعزيز الى ان حركة التعدين الاهلي اظهرت نشاطا واسعا للتعدين السطحي جراء استخدام اجهزة متطورة للكشف عن الذهب . وتابع قائلا « الشركات العاملة في قطاع التعدين قادرة على استجلاب التقانات الحديثة واستدل على ذلك بشركة ارياب الفرنسية التي تنقب عن الذهب بولاية البحرالاحمر «. لكنَّ خبيراً جيولوجياً «فضل حجب هويته» قال ان عمليات الاستكشاف ومراحل الانتاج بحاجة الى وقت يقدر بنحو (5) سنوات لان الاتفاقات المبرمة بين الحكومة والشركات العاملة فى التنقيب يشترط امهال الشركات فترة ثلاث سنوات للشروع في عملية تحديد الخرطة الجيولوجية والاستكشاف والتنقيب وصولا الى مرحلة الانتاج. وقال الخبير ل»الصحافة» ان الحكومة تعاقدت مع شركات تستخدم تقانات غربية كالشركات الكندية والتركية والعربية والوطنية المتقدمة واشار: ربما يتميز الحديد والكروم بسرعة الانتاج لكن الشركات دائما ماتفضل التنقيب في الذهب وال?عادن المصاحبة، وقال: اهم مايميز الشركات العاملة في السودان استخدامها للتقانات الغربية. الا ان بعض الخبراء حذروا من فقدان البلاد لعائدات الذهب جراء التحايل وتهريب كميات تقدر بنحو (70) طنا تم انتاجها بواسطة التعدين الاهلي العام الماضي،ونصحوا الجهات المختصة باغلاق المنافذ وردع المتورطين في عمليات التهريب منعا لتركيز العملات الصعبة بالخارج وحرمان البلاد من الاستفادة من حصيلة الصادر . غير ان وزير المعادن عبدالباقي الجيلاني اعلن عن انشاء مصفاة للذهب في مدينة الخرطوم بحري منعا للتهريب ،وقال ل»الصحافة» ان وزارته لا تعول على التعدين الاهلي ولكنها تتابع نشاط اكثر من ( 200 ) شركة حازت ترخيص تعدين، ومن المتوقع دخول غالبيتها مرحلة الانتاج في العام 2012م وزاد « الشركات تستخرج الذهب بتركيز من (1 ) ونصف جرام الى (3) او (4) جرام بتكنولوجيا عالية»، ومضى ليشير ان الانتاج وفق المعدل لا يتعدى (3) طن في العام، كما هو الحال في شركة ارياب للتعدين. وتابع وزير المعادن «ولكن بلوغ 200 شركة مرحلة الانت?ج في ظل وجود (3) شركات دخلت حاليا مرحلة الانتاج،و(3) شركات تنتج بالفعل ومن المتوقع ان تنتج الشركات الست بنهاية هذا العام (12) طن من الذهب. ونوه الجيلاني فى حديثه مع « الصحافة» الى ان الشركات التي لا زالت في مرحلة الاستكشاف ستقوم وفقا لنصوص الاتفاق المبرم مع الوزارة بتعويض كل ما صرفته على عمليات الاستكشاف، من انتاج مناطق امتيازها حسب النسب المقررة، مؤكدا ان الكميات المتوقعة من الذهب كفيلة بان تضمن مستقبلاً لاستمرارية نشاط مصفاة للذهب تقوم الآن بتركيبها شركة ايطالية متخصصة في صنع المصافي، مشيرا ان الشركة المنفذة ستتيح عملية التدريب لكفاءات سودانية، توطئة لسودنتها بالكامل بعد ثلاث سنوات من انطلاقها، لافتا الى ان العمل في المصفاة سيبدأ في 20?2م . على أن الاتجاه الحكومي الى استثمار ثروات السودان المعدنية قد جاء متأخرا للغاية بحسب ما ذهب رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان بابكر محمد التوم، قال ان الاهتمام بقطاع المعادن قد تأخر كثيرا واتجهت الدولة اليه بعد فقدان عائدات النفط. بالرغم من ان الامر كان يتطلب توازنا بين النفط والمعادن، مشيرا لوجود احتياطي ضخم من الحديد والنحاس والذهب كانت كفيلة حال استغلالها باكرا بتغطية الفجوة التي نعايشها . وقال التوم ل»الصحافة» ان ما انجز في قطاع التعدين يعتبر مؤشرا جيدا وطبقا لاحصاءات وزارة المعادن فان المتوقع انتاجه كبير ربما يجني السودان ملايين الدولارات وتابع «يجب على الحكومة ان تطرق كل الابواب وان كانت تأخرت لكن البلاد تذخر بالمعادن «. ووصف رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان انشاء الحكومة لوزارة مختصة بالمعادن بالخطوة الجيدة تجاه عملية تطوير قطاع التعدين ومقابلة التحديات الاقتصادية ورفد الموازنة بحصيلة الصادر من جهة ودعم الصناعة الوطنية من جهة أخرى .