تطورت أزمة ميدان الفيحاء ليل اول من أمس ليشهد الميدان المتنازع عليه بين سكان حي الفيحاء مربع 6 وبين احدي الجهات الخاصة هتافات غاضبة من سكان وشباب الحي وملاسنات كادت تؤدي الى مواجهات دموية بعد ان حرض احد الأشخاص سائق شاحنة بدهس المحامية سناء حامد وقال له بالحرف الواحد «اطلع فوقها بالعربية» وكانت المحامية قد اعترضت - وقفت بنفسها لتحول بين الآليات ومواصلة العمل - ومنعت عمليات صب الخرسانة في الموقع المتنازع عليه خاصة وان العملية اريد لها ان تتم بعد صلاة المغرب مباشرة في لحظة الجميع مشغولون فيها بالصلاة والميدا? غير مضاء ما يخالف قوانين البناء وتصاريح مزاولة العمل وسط الأحياء السكنية. وتقول سناء ان عمال الشركة لم يبرزوا تصريح البناء ومن الواضح انهم دفعوا دفعاً للعمل بالليل في الوقت الذي اوقف فيه معتمد محلية شرق النيل د. ياسر الفادني عملية البناء وخاطب مسؤولي اللجنة الشعبية وسكان الحي بانهم اوقفوا عمليات البناء في الميدان. بيد ان مصادر بالحي اشارت الى انه ربما يكون المعتمد له صلة بالمسألة حيث رشحت معلومات تفيد بان الجهة الخاصة الضالعة في ازمة الميدان وجدت الضوء الاخضر لصب الخرصانة تمهيداً لمواصلة البناء الامر الذي يزيد الامور تعقيداً ويشير الى عدم وجود حل جذري للمشكلة من قبل المسؤولين رغم الوعود التي لمستها اللجنة الشعبية من مكتب والي ولاية الخرطوم ومن رئيس المجلس التشريعي بالولاية ومن المعتمد المذكور الذي صلى الظهر في مسجد الحي. ان ازمة ميدان الفيحاء تكشف الخلل الكبير في ادارة الدولة للاراضي وتشير باصابع الاتهام الى ضلوع مسؤولين كبار في دعم وتشجيع التغول على الميادين داخل الاحياء السكنية ضاربين عرض الحائط بقرارات رئاسة الجمهورية وقرارات ولاية الخرطوم ومجلسها التشريعي ومن المؤكد ان «ضرب عرض الحائط بالقرارات الرئاسية» لا تقوم به جهات استعمارية خارجية او احزاب معارضة ذات اجندة اجنبية وانما هم مسؤولون ينتمون الى الحزب الحاكم وبالتالي السؤال هو الى متى يستمر هذا التعارض الكبير؟ وهل تنتظر رئاسة الجمهورية الى ان تكتشف ان بعضهم تغول على ?ساحات تخص القصر الجمهوري مثلاً ؟. ان الجرائم المنظمة ضد الأراضي أصبحت جزءاً اصيلاً من ملف التجاوزات ومن المهم الاشارة الى ان منظمة الشفافية العالمية الناشطة في رصد انماط واساليب الفساد في دول العالم تستنبط معلوماتها وتقاريرها من القرارات اللامعقولة التي تصدرها جهات غامضة داخل الحكومات تقنن للفساد وتضرب بعرض الحائط معايير ضبط الجودة ومقاييس التنمية العمرانية والسكانية وقوانين البيئة وضرورات المحافظة على الهيئة الحضارية للمدن والاحياء السكانية وتنتهك حقوق الانسان الاساسية في التمتع بالهدوء والسكينة والطمأنينة الاسرية. ان مسؤولي حكومة السودان لو استدبروا من امرهم ما استقبلوا لما تورطوا في عمليات الأراضي وانشاء غابات الاسمنت وصنعوا الفوارق الطبقية التي تنذر بالسوء والشرور العظيمة ولسعوا الى تبني النهج المتحضر في التعامل مع المساحات ليكون الاصل في التنمية العمرانية وتوفير السكن هو التنمية الرأسية مع الحفاظ على البيئة من حولنا مثل الميادين والحدائق وان تكون هنالك مجانسة وعدم تعارض بين الانسان والبيئة الصالحة للسكن والتنفس، اما عمليات البيع العشوائي للاراضي وتشجيع شركات العقارات والسمسرة للإتجار عبر الأقساط في اعمار السكان ف?و نمط من انماط الفساد القبيح اللاانساني، لقد ادرك المراقبون منذ وقت طويل تمكن الفساد في مجال الاراضي حينما لاحظوا عمليات «رشا الكبار» عبر منحهم المساحات الواسعة في قلب العاصمة وقلب «السكان» ليسكتوا بدورهم عن التجاوزات التي تتم في هذا الخصوص.. وحول هذا الموضوع لدينا تحقيق مثير سننشره ريثما تكتمل بعض البيانات والأرقام.