* لم أجد عبارة أكثر صدقاً من بين العبارات التي يروِّج بها المؤتمر الوطني «لمؤتمره التنشيطي العام المنعقد».. عند ظهور هذه المادة.. من إعلانٍ يقول «نستطيع أن نفعل أكثر» وهو يُشابه في معناه شعار حملة أوباما الإنتخابية «Change.. yes we can» .. نعم نستطيع التغيير ..كذلك يستطيع حزب المؤتمر الوطني أن يفعل أكثر من مجرد مظاهر حشد عضويته في مؤتمر عام سبقته العديد من المؤتمرات الولائية والقطاعية شهدتها ولايات بلادنا من أقصاها إلى أقصاها وأَمَّها خلقٌ كثير ورعاها قادة الحزب الكبار من لدن رئيس الجمهوريه رئيس الحزب م?وراً بكل نوابه ومساعديه في الحزب والدولة إنتهاءً بشباب الحزب وكوادره.. ولا بضيوف المؤتمر العام الذين تأكدت مشاركتهم»22» حزباً عربياً و «17» حزباً أفريقياً و «9» أحزاب أوربية و «7» أحزاب آسيوية.. فالجملة «55» حزباً.. ولا بمشاركة الأحزاب والقوى السياسية السوادانية كافةً باستثناء «أحزاب تحالف جوبا» ما في داعي لحضورهم.. كما قال د. نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني لشئون الحزب. وكل هذه التظاهرة الإحتفالية الحاشدة مع أهميتها كضرورة تنظيمية وممارسة ديمقراطية داخل الحزب الكبير تُحْرِج بقية الأحزاب السودانية الكبيرة «ا?عاجزة» عن عقد مؤتمراتها.. ولها مبرراتها.. بغض النظر إن كانت مقتنعة لنا أو لعضويتها أم لا .. فإنَّ ذلك لا يدعو المؤتمر الوطني أن يمسح عارِضَيْه ويمشي الخُيلاء بين الأحزاب بأنه يستطيع أن يعقد مؤتمره العام وينشَّط عضويته.. ويُراكم خبراته.. ويُصعِّد كوادره.. ويدفع بشبابه للمراكز القيادية في الدولة والمجتمع.. وفي الحزب بالضرورة. لكنه يضع نفسه أمام التحديات الكبيرة والتي تتصدرها «الأزمة الاقتصادية الخانقة» وغلاء الأسعار التي تعصف أول ما تعصف بعضوية الحزب .. ومقدرته في إدارة الأزمة .. ومصداقيته في مصارحة جماهيره ?جميع الشعب السوداني بكل شفافية بحقيقة الأوضاع الاقتصادية والتي تلهب بسياطها «ظهر العالم أجمع» لكن ذلك ليس مبرراً كافياً لتفادي الحرج.. فالاقتصاد هو عالم البدائل.. والدولة متهمة بتضخيم إنفاقها العام وبيدها أن تخفض ذلك الإنفاق إلى أدنى حدٍ ممكن.. والدولة متهمة «حسب تقرير المراجع العام» بفساد بعض منسوبيها من شاغلي المناصب الدستورية ومديري المؤسسات والهيئات العامة. ولا يكون خفض الإنفاق العام بتقليص حجم الحكومة المركزية بتقليل عدد وزرائها ووزراء الدولة فحسب ولكن بتقليل عدد المؤسسات والهيئات والصناديق والمصالح ا?حكومية والمصارف شبه الحكومية.. وما تُكلِّفه القيادات العليا لهذه الجهات من رواتب وإمتيازات وحوافز ومكافآت تنزوي أمامها مخصصات الدستوريين خجلاً .. وما أشارة تقرير المراجع العام «لشهادات شهامة» إلا مثالاً واحداً.. ولا داعي لذكر هيئة الأوقاف.. ولا هيئة المخزون الإستراتيجي.. وحبذا إذا «أصطحب» المؤتمر التنشيطي للمؤتمر الوطني مخرجات تقرير المراجع العام «معه» عند «المناقشة المعْمَّقة» التي سيجريها على الأزمة الاقتصادية.. وإرتفاع الأسعار .. وبحث أسبابه الداخلية والخارجية.. لأن الفساد.. والإعتداء على المال العام.. ?تضخم الصرف على الدستوريين.. وإجراء المعاملات المالية بعيداً عن وزارة المالية من صميم العوامل الداخلية في زيادة الوتيرة المتصاعدة للأزمة الاقتصادية. * ومثلما يقوم البرلمان «عادةً» بتحويل خطاب الرئيس أمام الهيئة التشريعية. أو تقرير المراجع العام.. أو غيرهما إلى لجنة مختصة وأعتبار بعض ما يقدَّم أمامها «وثائق» تدخل الأضابير وتحفظ في الأرشيف.. أتمنى على القطاع الاقتصادي بالمؤتمر الوطني إتخاذ تقرير المراجع العام «مرجعية» تُحَاسَب به القيادات من منسوبي المؤتمر الوطني الذين طالتهم الشبهات بذلك «التقرير المهني الرفيع الدقيق» وهنا تكفي «مجرد الشبهة» في التقصير أو الممارسة المخلّة بالضوابط.. أو السكوت أو الغفلة أو حتى حُسن النية . فالطريق إلى جهنم مفروش بالن?ايا الحسنة.. وتصدُر القرارات التنظيمية بالجُرح والتعديل بما لا يقدح في ذمة شخص بلا بيِّنة لكنه بالتأكيد يوجب على المسؤول أن يخلي موقعه أيَّاً كان الشخص أو المنصب. فما كان «ابن اللُّتيبه» إلَّا صحابياً والرسول الكريم حيَّاً والوحي متنزلاً عندما عاد من تحصيل وجمع الزكاة وقال «بكل براءة» هذا لكم وهذا أُهدي لي .. فتمعَّر وجه رسول الله صلي عليه وسلم غضباً وخطب خطبته الشهيرة حتى قال «فهلَّا جلس في بيت أبيه وأمِّه لينظر أَيُهدي له أم لا؟.. ولم يفعل عامل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب سوى إنه لبس حُلة جديدة.. فقال له?الخليفة الراشد الزاهد. «أبت الدراهم إلَّا أن تطِل بأعناقها» وعزله. «والعمارات والشركات مَلتْ البلد عندنا» * التحية للمؤتمر الوطني الحزب الرائد الذي كسب ثقة الجماهير في آخر انتخابات حرة ونزيهة.. وعليه إظهار فاعليته في معالجة الأزمة الاقتصادية «وأخذ المفسدين أخذةً رابية» وتبنِّي سياسات وبرامج فاعلة «تقتل الفقر لو كان رجلاً» وتتقاسم «كما الأشعريين» قليل الزاد بالسَّوية.. فالجوع كافر.. والظلم ظلمات.. وتعديل النظام الأساسي للحزب لا يُسمن من جوع.. ولكن معالجة الوضع الاقتصادي .. وإرتفاع الأسعار.. وغلاء المعيشة.. والازمة الاقتصادية العالمية هي جوهر ما تنتظر الجماهير مُخْرجاته التي تنعكس إيجاباً على حياة الناس وأمنه? ومعاشهم . أمَّا الهموم الأخرى الأمنية.. والسياسية.. والدستورية.. فالشعب السوداني يساند قواته المسلحه بلا تكلًُف وبلا تحفُّظ.. ولا تَعْنِية مشاركة حزب في الحكومة أو مقاطعة آخر.. ولا هو مستعجل لصياغة دستور جديد يحدد كيف يُحكم السودان لامن يحكم السودان؟.. فقد عشنا منذ الاستقلال تحت دساتير مؤقتة أو دائمة!! والدائم الله. نعم يستطيع المؤتمر الوطني أن يفعل أكثر مِمَّا فعل . وهذا هو المفروض.