فى سابقة هى الاولى من نوعها ، اصدرت المحكمة العليا فى كينيا مذكرة اعتقال بحق رئيس الجمهورية عمر البشير على خلفية اتهامه من قبل محكمة الجنايات الدولية بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية فى دارفور. وطبقا للمذكرة التى اصدرها القاضى نيكولاس اومبيجا، فإنه على السلطات فى وزارة الداخلية والنائب العام إلقاء القبض على الرئيس البشير فورا حال وصوله الى الاراضى الكينية. واضاف قائلا خلال تصريحات نشرتها صحيفة «ستاندر» الكينية « اخشى الا تقوم السلطات الكينية بتنفيذ المذكرة وهو ما اعتبره الانتهاك الكامل للدستور الكينى?. وقد وصف وزير الشؤون الخارجية الكينى موسى ويتانجولا الحكم القضائى بالخطأ. وقال خلال تصريحات صحافية يوم امس ان الامر ينطوى على كثير من الخطورة بين البلدين. وفى وقت متأخر من مساء امس الاول ، جاء رد الحكومة السودانية عنيفا على هذه المذكرة عبر وزارة الخارجية عندما امهلت الخرطوم سفير كينيا على اراضيها روبرت موتوتا نيقسو 72 ساعة للمغادرة، بينما استدعت سفيرها فى نيروبى بدرالدين عبد الله محمد على الفور. وهذا الموقف لاينسجم مع تصريحات المتحدث باسم الخارجية العبيد احمد مروح فى نفس اليوم ( قبل بضع ساعات لا اك?ر) عندما قال ان قرار المحكمة لن يؤثر على العلاقات بين البلدين ، وان الحكومة السودانية يمكن ان تستأنف قرار المحكمة لو ارادت. ثم عاد مروح نفسه بعد مرور 24 ساعة ، وخفف من رد الفعل حينما قال للصحافيين يوم امس الثلاثاء ان الهدف من هذا القرار هو «ارسال رسالة احتجاجية لكينيا وقد وصلت». ويرى الكاتب الصحافى الكينى بيلو كيررو ان قرار قاضى المحكمة العليا القاضى باعتقال الرئيس السودانى ينسجم مع الاوضاع السائدة فى كينيا التى يوجد فيها فصل كامل بين السلطات القضائية والتنفيذية. وقال خلال رسالة عبر البريد الالكترونى (للصحافة) يوم امس «القرار من حيث المبدأ لاغبار عليه ، ولكن اعتقد ان التوقيت غير مناسب وانه قد يفسد العلاقات بين البلدين. نائب رئيس البرلمان الكينى المتواجد فى الخرطوم فى الوقت الحالى للمشاركة فى اعمال مؤتمر البرلمانات الافريقية ، ربما يصاب ببعض الحرج والرشاش». ويضيف كيررو الذى كان ع?وا فى البرلمان الكينى قائلا : « هنالك انقسام فى كينيا فى الوقت الحالى بين المؤيدين للمحكمة الجنائية الدولية وبين رافضيها ، واعتقد ان اودينقا وفريقه المؤيد للمحكمة كسب ارضية كبيرة فى معركتهم ضد الرافضين لها وهاهم ينجحون فى اصدار مثل هذا القرار». وعن تعليقه على خطوة الحكومة السودانية القاضية بطرد السفير الكينى بالخرطوم واستدعاء سفيرها فى نيروبى يقول بيلو: «اعتقد ان القرار به نوع من العجلة ، وانه غير مدروس لأن قرار المحكمة الكينية يتعلق بالاوضاع داخل كينيا ولاتعنى الرئيس السودانى فى نفسه، وهو ماذهب اليه وزي? الخارجية عندما قال ان قرار المحكمة خاطئ». ويتفق المحلل السياسى الدكتور عبد الرحيم محمد على مع ماذهب اليه المحلل الكينى بيلو كيررو عندما قال ان الحكومة السودانية تسرعت فى موقفها وان علاقتها مع كينيا لا يمكن ان يتم التعامل معها بهذه الطريقة. وقال خلال اتصال هاتفى مع (الصحافة) يوم امس يبدو ان هنالك ارتباكا واضحا من قبل الحكومة فى التعامل مع هذه المسألة ، بوجود موقفين فى ذات الوقت. واضاف قائلا: « مثل هذه المواقف تتطلب العقلانية والهدوء ، واعتقد ان القرار لن ينفذ حتى لو ذهب الرئيس البشير الى كينيا ، لأنه ل? يذهب الا وفق ضمانات كافية من قبل حكومتها وبالتالى لاتستطيع السلطات اعتقاله». ووصل الرئيس البشير الى كينيا فى اغسطس من العام 2010 فى زيارة درامية، عندما شارك الكينيين احتفالاتهم بمناسبة إقرار دستورهم الجديد بعد تلقيه دعوة رسمية من الرئيس مواى كيباكى الذى صادقت بلاده على ميثاق روما المؤسس لمحكمة الجنايات الدولية ،وعلى الرغم من وجود عدد كبير من المعارضين لزيارته والدبلوماسيين الاجانب والضيوف الذين تفاجأوا بوجود البشير يجلس وسطهم فى ساحة الاحتفال ، وهو ما اعتبرته الحكومة السودانية نصرا لها باختراق الحصار الذى يحاول فرضه مدعى محكمة الجنايات لويس مورينو اوكامبو على تحركات الرئيس البشير? وتعتبر خطوة المحكمة العليا الكينية مخالفة لموقف الاتحاد الافريقى الواضح والمؤيد لموقف الرئيس البشير والرافض لمذكرة الجنائية. ويرى الافارقة ان مدعى المحكمة الجنائية يهتم بالجرائم التى تحدث فى افريقيا فقط ولا يفتح ملفات فى اماكن اخرى من العالم ، وقالوا ان مذكرة المحكمة بحق الرئيس السودانى من شأنها ان تقوض عملية السلام فى السودان. ولعبت كينيا دورا بارزا فى التوفيق بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان فى استضافة مباحثاتهما الطويلة التى افضت الى اتفاقية السلام الشامل. كما لعب الرئيس السابق ل?ا دانيال اروب موى والجنرال لازارس سمبويا دور الوسيط فى هذه المفاوضات التى انتجت دولتين واحدة فى الشمال واخرى فى الجنوب فى نهاية المطاف.