«حتى متى نرضى بالدنيَّة في أموالنا وخدماتنا» تساؤل عريض كان مقال ولسان حال كل من ساقه القدر لتطأ قدماه أرضية الميناء البري صبيحة أمس الأول الجمعة، لاسيما أولئك القاصدين مدينة الحصاحيصا، فمع شروق الشمس وعند الساعة السابعة والنصف، تكالبت زمرة من المسافرين إلى الحصاحيصا مع اختلاف بقاع مجيئهم إلى صحن صالة البصات السفرية بالميناء البري، وتدافعوا زرافات ووحدانا إلى نافذة البص السياحي الموسوم «فواصل» واقتطع كل مسافر تذكرته ليلحق الشخص بائع التذاكر بسؤال عن موقع البص، لتجيء الإجابة بأن البص قادم وعليهم الانتظار، و?مر اللحظات ويعاود المسافرون السؤال عن البص حامل الرقم «165» بحسب ما هو مبين بالتذكرة، فيكون الرد من المسؤول بمكتب فواصل «البص على أعتاب بوابة الميناء» «البص والج» وإجابات من شاكلة هكذا مفردات، ومع تزايد التساؤل عنه يوضح لهم أن موعد السفرية الساعة الثامنة صباحاً ويدنو الموعد الذي حدده دون ظهور للبص المعني، وعند الساعة الثامنة تماماً تقريباً خرج المسؤول بالمكتب خارج الصالة ليفاجئ جمع الركاب بإحضار بص آخر يحمل الرقم «33» الذي بحسب وجهة نظر المسافرين أقل درجة من البص الذي يرغبون، وفوق ذلك كله اعتبر المسافرون م?لك المسؤول بمكتب فواصل نوعاً من الغش والخداع الصريح، وتعالت أصواتهم في وجهه ولم يأبه لأمرهم ووضعهم أمام سياسة الأمر الواقع، من أراد الركوب فدونه البص ومن يرى غير ذلك فعليه استرجاع التذكرة ليأخذ نقوده. وأبان المسافرون أن ما أقدم عليه مسؤول مكتب فواصل لا يعدو عن كونه خداعاً واستهتاراً واستسهالاً لأمر المواطن الذي يجب أن يحصل على خدمة ممتازة نظير ما يدفعه من نقود. وتساءلوا عن إدارة الميناء وأين هي من مثل هكذا مسلك؟ وشددوا على ضرورة إعادة النظر في أمر الميناء البري الذي انتشر في بقاعه وخارجه ما يعرف «الركيبة» ?لذين أفرغوا فكرة الميناء من محتواها. وعلى متن الرحلة إلى الحصاحيصا يقول الطيب علي من أهالي الدبيبة الدباسين، إن أقل ما يمكن به وصف مسلك مكتب فواصل مع المسافرين هو الاستهتار بحقوق المواطنين، كما أنه دليل على ضعف الرقابة والمتابعة من قبل الإدارة المختصة بالميناء التي تناط بها مراقبة ومتابعة سير الرحلات، وزاد أن الطريقة التي تعامل لها مسؤول مكتب فواصل تجسد استعلاءً وقدرة فائقة على استغلال حاجة المسافرين. وتساءل الطيب عن السند الذي اعتمد عليه مسؤول مكتب فواصل في بيع تذاكر لبص غير موجود بالميناء. وانتقد أسلوبه الذي وصفه بالفظ الذي لا يحوي أي قدر ?ن اللباقة والكياسة وحسن الاعتذار عن خطأ وقع منه، وختم باندهاشه عن الغلظة التي اتسم بها مسؤول المكتب في مواجهة الركاب. وغير بعيد عن إفادات الطيب يقول قريب الله نور الجليل المنحدر من قرية الكريمت المغاربة، إن ما بدر من مكتب فواصل كذب صريح على المواطنين، بجانب أن تأخر البص عن موعد حضوره كلف المسافرين عناءً كثيراً، وأضاف أن الركاب كانوا موعودين بالسفر عبر البص رقم «165»، بيد أنهم تفاجأوا ببص آخر يحمل الرقم «33». ويواصل قريب الله أنهم كلما سألوا مسؤول المكتب عن البص أبان أنه بالقرب من بوابة الميناء، إلى أن تفاجأوا ببص آخر أقل درجةً، وأضاف أنه كان يرى أن يتمسك المسافرون بحقوقهم الشرعية، وأن يطالبوا بإحضار البص «165»، غير أن تس?رع عجلة الزمن قاد إلى سوق المسافرين للانقسام حول مقترحه. ولفت قريب الله إلى كثرة ما يعرفون ب «الركيبة» بالميناء البري الذين يتنافسون على اصطياد المسافرين خارج الميناء بغية الحصول على نسبة متفق عليها مع مكاتب السفريات، الأمر الذي يعد إفراغاً حقيقياً وهزيمة نكراء لفكرة إنشاء الميناء البري المبتغى منه تسلق جدر الحضارة والمدنية والقضاء على الهمجية والبربرية التي يمارسها الركيبة. وختم قريب الله إفاداته بأن صنيع مسؤول فواصل حتما سيخصم من رصيدها في مخيلة المسافرين، وعلى إداراتها العمل على بتره حتى لا يؤثر على ال?ورة الذهنية الزاهية عنها. ويضيف عبد الفتاح عبد القادر من أهالي التكلة جبارة، أحد المتذمرين من صنيع مسؤول مكتب فواصل، أن ما حدث دليل على الافتقار إلى الضبط بالميناء، وأنه استغلال لظروف المسافرين، بجانب أنه كذب صريح عليهم دون أن يطرف لمقترفه جفن، بل من عجب أنه لما تكاثر عليه احتجاج المسافرين ووصفوا صنيعه بالكذب، رد عليهم في صلف «كذاب كذاب».