أخيرا اقر المجلس الوطني بضرورة سن قانون لمكافحة الجاسوسية بعد أن استمع في جلسة مغلقة الى تقرير امني شاركت فيه المؤسسات المعنية بقضية الامن وهي وزارة الدفاع وجهاز الامن و المخابرات ووزارة الداخلية ، وجاء هذا الاجتماع بعد اعلان مقتل خليل ابراهيم في شمال كردفان ولاندري اذا كان الامر مرتبا ام لا ، بحيث ان عملية كبيرة مثل هذه انتهت بمقتل قائد الحركة هي في حدذاتها انجاز للقوات الامنية وانتصار له مابعده في التخطيط الامني لهذه المؤسسات المعنية بالامن الوطني وقد كشفت المعلومات التي رشحت بعد الاجتماع ان?كانت تصريحات من رئيس البرلمان او وزير الدفاع ان جهدا كبيرا بذل في العملية العسكرية التي انتهت بمقتل قائد حركة العدل والمساواة ، وان دقة الاصابة للهدف اكدت المقدرة العالية لهذه القوات التي نفذت العملية الامر الذي جعل حركة العدل تتهم جهات اجنبية في تنفيذ العملية، وهذه شهادة نجاح للقوات الامنية من العدو نفسه بلغة المؤسسات العسكرية . ان التقرير الامني الذي استمع اليه البرلمان من قادة الاجهزة الامنية كشف بجلاء الحاجة الماسة لسن قانون مكافحة الجاسوسية ، والجاسوسية ليست عملا جديدا وهي من الوسائل المستخدمة في البلدان التي بينها حرب او بينها عداوة او حتى بينها تنافس ،و الجاسوسية هي في الاصل علم لها اصول ولها فنون ووسائل حتى تتحقق اهدافه ان كانت مباشرة او غير مباشرة للدولة التي تتبنى الامر. والجاسوسية هي ايضا في الاصل درجات قد تحتاج ميزانيات ووقتاً طويلاً واحيانا لاتحتاج لكل هذا حسب الهدف من العملية ،وقد حسمت الجاسوسية الكث?ر من الحروب لصالح جهة دون الاخرى كما حسمت كثيراً من الملفات التي كانت تشكل الكثير من الهواجس بين الدول المتصارعة ان كان فيما بينها او مناطق النفوذ التي تتصارع عليها القوى العظمى ان كانت ذات ابعاد استراتيجية كما في الحالة المصرية وقناة السويس او كما في الحالة الافغانية التي تصارعت عليها روسيا والولايات المتحدة لتأمين مناطق النفط في بحر قزوين والمناطق المجاورة او كما يحدث في السودان نفسه باعتبار انه من اكبر الموارد الطبيعية في العالم ، وليس ادل على ذلك من ان السلطات في شمال دارفور قد ضبطت احد ال?جانب وهو يحمل كميات من التربة وهو يهم بمغادرة الولاية الى خارجها عبر الخرطوم والجاسوسية مثل المايكروبات تحتاج الى شيء تتخفى وراءه ولا تسير وحدها ظاهرة للعيان حتى لايتم اصطيادها بسهولة . ومن العسير جدا ان تحقق الاجهزة الامنية في اي دولة الكشف عن شبكة جواسيس بسهولة مهما كانت براعة تلك الاجهزة لان الجاسوسية تبنى خططها على مدى قدرة الاجهزة الامنية محل الهدف مثل ما تفعل اليوم الشركات المنتجة (للانتي فايروس ) لحماية اجهزة الحاسوب حيث تتحدى تلك الشركات الهاكرز باختراقها ان استطاعوا وهذا نوع من التحدي والتسويق في نفس الوقت واعتقد ان هذه الفكرة نتجت من مكافحة الجاسوسية والعل?قة قد تكون واضحة بين الجاسوسية و الهاكرز وهدفهما اما الاختراق او التدمير . ولاادري لماذا تأخر اصدار مثل هذا القانون والسودان عرضة لمثل هذا العمل منذ وقت بعيد وخاصة في السنوات الاخيرة التي شهدت دخول العديد من المنظمات الدولية والاقليمية بحجة تقديم المساعدات الانسانية لمتضرري الحرب في جنوب السودان سابقا ، خاصة بعد توقيع اتفاقية السلام في عام 2005م وبعدها في اقليم دارفور ، والجاسوسية وجدت من خلال تلك المنظمات مكانا طيبا تدخل فيه من اجل ممارسة عملها خاصة وان المنظمات تحظى ببعض الحماية الدولية حسب القانون الدولي الذي ينظم عملها ، وهذا الامر يسهل من عمل الجاسوسية التي تتدث? في ثياب العمل الانساني والذي يشكل لها غطاءا جيدا لممارسة عملها دون ان تكترث للوجود الامني حولها . وقد تكون توجيهات رئيس الجمهورية بسودنة العمل الطوعي والانساني هي واحدة من الاسباب التي دعت اليه هي قفل الباب امام اي اختراق امني تسبب فيه هذه المنظمات وبالتالي فان سودنة العمل الطوعي والانساني قد يسد كثيراً من الثغرات التي يمكن ان توظف لاختراق الامن او تحقيق بعض الاشياء التي تضر المصالح الوطنية في البلاد . وان واحداً من اسباب مكافحة الجاسوسية والحد من خطورتها هي قفل مثل هذه الابواب التي دائما ماتكون هي الوسيلة لتنفيذ الاعمال الجاسوسية ويمكن للسلطات الامنية ان تتحسب لبقية المداخل التي تلج منها الجاسوسية ان كانت تقليدية او افتراضية في ظل تطور ثورة الاتصالات والمعلومات. .