٭ وقف الدكتور معتصم عبد الرحيم وهو من القيادات الاسلامية الوسيطة ان صحَّ التصنيف امام المصلين يوم الجمعة في مسجد جامعة الخرطوم عام 8991 بعد ان أجاز البرلمان الذي كان يترأسه الدكتور حسن عبد الله الترابي للدستور والذي عرف باسم العام الذي اجيز فيه وهو دستور عام 8991، ولا أدري ما علاقة السنوات مع الدساتير فنجد دستور 6591- دستور عام 3791- ودستور 8991- ودستور 5002 المؤقت وغيرها. وقف الدكتور المعتصم عبد الرحيم والذي كان وقتاً مسؤولاً في المؤتمر الوطني في ولاية الخرطوم وقف امام جموع المصلين والذين كان معظمهم من المنتمين للحركة الاسلامية والشيوخ والكهول والشباب من الرجال والنساء والذين كانوا يتزاحمون على مسجد الجامعة في كل جمعة من أجل أداء صلاة الجمعة والتي غالباً ما تكون الخُطبة فيها موجهات عامة لمسيرة الحكم في السودان وتنويرات للمصلين على حقيقة الاوضاع وكان امام المسجد في ذلك الوقت الشهيد أحمد محجوب حاج نور كان بارعاً في التنقل وسرد الموضوعات الى ان يأمر باقامة الصلاة. وقف الدكتور المعتصم عبد الرحيم عقب احد صلاة الجمعة ليقول عقب اجازة دستور عام 8991 يجب ان نحتفل بالعام القادم بمرور عام على دستور 8991 ونترك الاحتفال باعياد ثورة الانقاذ الوطني لأن دستور 8991 تضمن كل الاهداف التي من أجلها قامت ثورة الانقاذ الوطني، ولكن الدكتور معتصم عبد الرحيم لو استقبل من امر ما استدبر لكان حديثه غير هذا فقط بعد اقل من عدة شهور من إجازة دستور عام 8991 حدثت مذكرة العشرة ثم المفاصلة بين الاسلاميين في عام 9991 والتي ترتبت عليها كثير من المجريات في تاريخ الحركة الاسلامية السودانية، ولم يشفع ل?ا دستور عام 8991 والذي زعم فيه الدكتور معتصم عبد الرحيم انه حقق اشواق الاسلاميين وتنفيذ أهداف ثورة الانقاذ الوطني في مجالاتها المختلفة مثل استقلال القرار السياسي ورفض التبعية والهيمنة وايجاد نظام سياسي عبر عن مكونات الشعب السوداني ويؤدي الى الاستقرار والسلام والتنمية والنهضة المرجوة في كل المجالات. تذكرت هذه الحالة ونحن نستقبل ذكرى استقلال السودان المجيد الذكرى السادسة والخمسين واليوم تحتفل البلاد بهذه الذكرى وهى تفقد جزءاً عزيزاً من اراضيها وهى ارض الجنوب التي استقلت هى ايضاً عن السودان نتيجة طبيعية لاتفاق السلام الذي وقع في نيفاشا عام 5002، يحتفل السودان اليوم وقد تغيرت خريطة السودان المعروفة، يحتفل السودان اليوم وفقد السودان جزءا كبيرا من مساحته وهو الذي عُرف بأنه بلد (المليون ميل)، تأتي ذكرى الاستقلال هذه المرة والسودان فقد الكثير من موارده الطبيعية ان كانت نفطية أو غابية أو زراعية او حيوانية أو ?مكية بسبب انفصال الجنوب عن الشمال. تأتي ذكرى الاستقلال هذا العام والبلد تشهد بعضاً من الضيق الاقتصادي وارتفاع الاسعار ومفارقة في سعر الصرف بين الاسعار الرسمية والاسعار في السوق الموازي. وكان البعض يتوقع ان السودان بعد 65 عاماً من الاستقلال سيكون سوداناً مختلفا من حيث البني التحتية والازدهار الاقتصادي والنهضة العمرانية، والسودان اول دولة افريقية تنال استقلالها جنوب الصحراء واذا نظرنا الى بقية الدول التي نالت استقلالها بعد السودان نجدها قد أسست لعوامل النهضة الاقتصادية والتنموية واهتمت بالكادر البشري الذي تقوم عليه أي نهضة في العالم ، فالكادر البشري في السودان لم تؤسس له المدارس ذات المواصفات التي تؤدي منتوجاً ولم تؤسس له المناهج التي تقود الى نتاج علمي تظهر على الواقع التنموي في البلاد وال?واطن لم يجد من الخدمات الصحية التي تجعله معافى يؤدي واجبه صحيحاً خالياً من العلات والمرض، والحكومات في السودان لا تزال تدشن الحملات من اجل ( دحر الملاريا) والشعب السوداني دحر المستعمر الانجليزي والمصري، والشعب السوداني قدم نموذجاً في هزيمة الاعداء والانتصار عليهم بأبسط الوسائل والمعدات (انتصارات الامام المهدي في قدير وشيكان نموذجاً) فهل فشل الحكومات المتعاقبة حتى الآن في (دحر الملاريا)، ان الحكومات المتعاقبة لم تؤسس لنهضة علمية ثقافية اجتماعية ترفع من قدر المواطن السوداني الذي لا ينقصه ذكاء فقط كان يحتاج ا?ى بيئة تعليمية وصحية تؤهله الى ان يكون ناجحاً في أداء مهامه. والسؤال لماذا فشلت الحكومات المتعاقبة في توفير مثل هذه الاشياء رغم ان المستعمر الانجليزي قيل انه تركة مؤسسته في الخدمة المدنية وارث في القضاء والقوانين. والبعض يستدل على ذلك بالنظام المتبع في الخدمة المدنية قبل ان يستبدل بالقوانين الوطنية التي زادت من تدهور الخدمة المدنية واوصلتها الى هذا الدرك من التدني، ولم تنفع معه كل الاصلاحات التي يقودها اهل الاختصاص من أجل العودة الى مستواها الاول ما بعد الاستقلال. أما في المجال القضائي ومجال القوانين فلا زال البعض يتحدث عن سريان قانون الشركات لسنة (5291م) والذي ما زال سارياً ولم يجد فيه المشرع السوداني عيباً واحداً حتى يستبدله بقانون آخر رغم انه مضى عليه ما يقارب ال (58) عاماً. ولا زال البعض يتحدث عن التأسيس الجيد لمشروع الجزيرة والقوانين التي تحكمه وكان اخر قانون انجليزي في 0591 والبعض يقارن بينه وما بين القوانين التي تلت واخرها قانون مشروع الجزيرة عام 2005م، وحالة التدهور العام الذي أصاب المشروع قد تكون واحدة من الاسباب هى علاقة الانتاج التي تحكم الاطراف المنتجة وايضاً من الاهمال الذي اصاب البنية التحتية خلال سنوات الحكم الوطني وتدخل العامل السياسي في العامل الاقتصادي وهذا ايضاً غير بعيد من مرفق سكك حديد السودان التي اصابها التدهور ووصلت مرحلة متأخرة تتطلب دخولها غرفة العناية ?لمكثفة وهى تحتاج فقط الى (008) مليون دولار لاعادة (الروح) لها حسب حديث مدير السكة الحديد المهندس مكاوي محمد عوض ورئيس مجلس ادارتها الاستاذ الزبير محمد الحسن في اخر تصريحات لهما امس الاربعاء. وسكك حديد السودان واحدة من المؤسسات التي تركها المستعمر وهي في افضل حالاتها وكانت تلك الحالة الجيدة ان تكون اساسا لانطلاقة السكة الحديد في السودان، وكانت ستكون عامل ربط بين السودان وجيرانه ولكن الحقيقة فشلت ان تكون رابطا بين ولايات السودان ، فيما زالت سكك حديد مصر حتى الآن تحافظ على الإرث الانجليزي في دقة المواعيد وانتظام الرحلات وغيرها رغم خروج المستعمر الانجليزي من مصر قبل السودان. ونحن نحتفل بهذه الذكرى المجيدة هل نحن في حاجة الى مراجعة الذات والنفس والاجابة على السؤال لماذا التدهور دون التطور؟ وما هى الاسباب التي ادت الى هذا التخلف؟ وهل العلة في الظروف الاقتصادية ام الظروف السياسية العملية والاقليمية والدولية لعبت دوراً في هذا التخلف الذي نعيشه الآن ام ان الممارسة السياسية هى سبب هذه المعضلة التي نعيشها الآن وقد تكون الاجابة في هذا الربط في المقدمة التي ذكرناها أول المقال ارادت الحركة لاسلامية ان تحتفل بانجاز دستور 8991 فحدثت المفاصلة عام 9991 واحتفلت الحكومة باتفاق السلام حتى عام ?102 فجاء انفصال الجنوب في عام 1102 ولا زلنا في انتظار الاجابة ربما تكون في عهد الجمهورية الثانية.