من جديد انطلقت تحذيرات المتأثرين من قيام سد أعالي نهر عطبرة وسيتيت بشرق البلاد، من تجاهل منحهم التعويضات الواجبة والعادلة من قبل الدولة، وربما يكونون قد فعلوا خيرا لان القضية برمتها حتى الآن في بر الامان، فالمشروع مازال فى مراحله الاولية، وهو ما سيساعد حتما على معالجتها قبل ان تدخل نفق الازمة. السد المعني سيغمر مساحات واسعة من اراضي ولايتي كسلاوالقضارف مخلفا آثاراً على حياة اكثر من (100) الف من الاهالي فى تلك المناطق، حسبما اعلنت قيادات محلية، تصدت للدفاع عن حقوقهم فور الشروع في تنفيذه، فى منتصف العام(2010)، مطالبة وحدة السدود قبل اشهر طويلة بالجلوس مع اصحاب المصلحة. وكان ناظر عموم قبيلة الهدندوه قد قاد عبر « الصحافة» في « مارس « من العام الماضي هجوما هو الاعنف من نوعه على السلطات، بسبب ما عده تجاهلا منها للاهالي واصحاب الحيازات المتأثرة فى الولايتين، مطالبا الحكومة باجبار الوحدة على الجلوس معهم، حتى لا يخرج المشروع التنموي الهام عن اطاره القومي، وينتهي بمواجهات مع المتضررين من ابناء الولايتين. وهذه المواجهة التي تمت بين القيادات المحلية والسدود خلقت استفهامات متعددة، لدى الرأى العام، وقلق من مسار المشروع وتداعياته المحتملة، على ضوء استمرارها فى مسابقة الخطى لتنفيذ المشروع فى الفترة المحددة ب(65) شهراً إعتباراً من 15 مايو (2010). بخاصة وان التكلفة الكلية التقديرية للمشروع حوالي (1990) مليون دولار، حصلت وحدة السدود على (100) مليون دولار منها من اموال مانحي مشاريع اعمار الشرق. ولكن وحدة تنفيذ السدود واكبت الخطوات الأولى لبداية العمل في سد أعالي نهر عطبرة، بانطلاقة عمليات الحصر واحصاء السكان والاراضي والمزروعات بالمنطقة المتأثرة، والتي جاءت كما اعلنت الوحدة استجابة لمطالب حكومتي كسلاوالقضارف. وقالت الوحدة فى موقعها الالكتروني ان مفوضيتها للشئون الاجتماعية والبيئية عقدت اجتماعاً موسعاً مع المسؤولين ضمن عدة خطوات للتنفيذ بالتنسيق مع الولايتين، تمخضت عن اعلان الاحصاء الذي يقوم به الجهاز المركزي للاحصاء وبمشاركة عدة جهات على رأسها وزارة التخطيط العمراني والزراعة بولايتي كسلاوالقضارف والجهاز القضائي ووزارة العدل. ويتمثل دور المفوضية حيال هذه العملية الاحصائية في الاشراف على الترتيبات الادارية وتنسيق عمل المجموعات. ورغم ان الوحدة ادرجت ضمن فوائد المشروع المرتقبة رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي للمستفيدين من المشروع بإعادة توطينهم وذلك بتوفير السكن الملائم, بالإضافة للخدمات الأساسية من تعليم وصحة وكهرباء ومياه نقية ومشروعات إعاشية بجانب توفير فرص عمل إضافية لمواطني المنطقة المستهدفة بالمشروع. فإن كل المؤشرات بحسب المراقبين تتجه الى ان السدود ربما تخوض تجربة فى سيتيت مشابهة لتجاربها المثيرة للجدل فى الولايات الشمالية. والشاهد ان عمليات المسح الاجتماعي والحصر للمتضررين من بناء السد ووجهت بعدم رضا من الاهالي، ففي ولاية القضارف على سبيل المثال لا الحصر احتج مواطنو منطقة « الصوفي البشير» من تجاوزهم فى كشوف المتضررين. وقال احدهم بالامس ل» الصحافة» ان لجان الحصر اسقطت من حساباتها اكثر من ( 600 ) اسرة تملك منازل وحيازات زراعية. وابان عبدالمعز العجب ان عمليات المسح لم تغطِ كامل المنطقة، وان الاهالي الذين تم احصائها وتضمينهم واعطائهم ارقام من قبل لجنة تهجير السد» سقطت اسماء اكثر من (186) اسرة منهم» عند اعلانها. واوضح ان لجان الاستئناف التي شكلت برئاسة وكيل نيابة رفضت ان تنظر فى مطالبهم بالانصاف، وافادت انها مخوله بمعالجة الحالات التي سقطت من الكشوفات فقط، وان عددها لا يزيد عن ( 186) . ولا يبدي عبدالمعز ،الذي عمل مديرا لتلفزيون الولاية فى السابق، تفاؤلا محسوساً بان تقوم اللجان المعنية بالتحرك لمعالجة هذه القضية، رغم تأكيداته بانه وبقية المتضررين قدموا شكوى لرئيس لجنة الاستئناف، محذرا من خطورة تجاهل مطالبهم بالتعويض اسوة بالآخرين، وملمحا الى ان قضية المتضررين ربما تسلك مستقبلا» مساراً يشابه مسار قضية المناصير»، وزاد : لن نخرج من اراضينا ان لم نضمن حقنا. وبحسب عبد المعز العجب فان بنود اتفاق التعويضات بين الجهة المنفذة للمشروع والاهالي، ينص على ان كلا من اصحاب الحيازات داخل المساحة المتأثرة، سيحصل على منزل بديل، ومبلغ (3) الف جنيه مقابل كل «قطية»، و(500) جنيه لكل شجرة مثمرة، علاوة على تعويض عيني لم يحدد تفاصيله للصحافة . وفضلا عن شكاوى اهالي منطقة « الصوفي البشير»، التي ربما تكون محل بحث لدى الجهات المعنية، فان المراقبين لمسار عمل لجان المعالجات الاجتماعية والحصر لمشروع السد الجديد، يرجحون ان تبرز فى الايام القادمة مطالبات جماعية جديدة للاهالي في ولايتي كسلاوالقضارف. فالتسريبات تشير ان الجهات المعنية تذهب الى ان العدد الكلي للمتضررين فى ولاية القضارف يبلغ (29) الف اسرة يتوزعون على (66) قرية. في حين تقول قيادات محلية انه يتجاوز ذلك بكثير، مشيرين ان لجان الحصر اكتفت باحصاء الموجودين فقط من اصحاب الحيازات الزراعية والمنازل، وتجاهلت ان الاكثرية من السكان لا يقيمون بصفة دائمة فيها. فيما يرسم ل» الصحافة» رئيس لجنة التهجير العمومية الشعبية عبدالله سليمان صورة مغايرة لما تقدم، ويقول ان ابناء الولاية من المتأثرين من المشروع» لن يظلموا ابدا»، فالحكومة تهدف الى احداث تنمية مستدامة لكل السودان، وتنمية لمناطقهم على وجه الخصوص، مبديا ترحيب الاهالي بالمشروع وموافقتهم عليه منذ البداية. واوضح عبدالله الذي يشغل ايضا موقع رئيس اللجنة الاجتماعية ببرلمان القضارف، ان عمليات احصاء المتأثرين تتم بصورة مرضية، وان الكشوف الابتدائية المعلنة كانت تضم (15) الف و(800)، تم اضافة (100) متأثر اليها من قريى « الهشابة»، لافتا ان المسح الاولي للجان كشف ان حوالي (7) قرى ، يبلغ عدد الاسر التي تقطنها (6788) اسرة، لن تهجر لعدم تأثرها باعمال السد، الا ان الحصر الاخير اسثنى منها عدد( 511) اسرة علاوة على (63) اسرة شملها الحصر الاول فى قرية» الدبكرة». والتوضيح الذي قدمه رئيس لجنة التهجير العمومية الشعبية يقارب عدد المتأثرين حتى الآن فى الولاية باكثر من (17) الف اسرة. لكن ما مصير من سقطت اسماؤهم من الكشوفات بعد حصرهم، وكذا من لم يتم حصرهم منذ البداية مثل « الصوفي البشير». يقول عبدالله سليمان ان هناك لجنة للاسئناف تعمل الآن لمعالجة اوضاعهم، ثم ستشرع بعدها مجموعة من مستشاري وزارة العدل بمقابلة المستأنفين ودراسة طلباتهم، وزاد» العنده حق سيعطوه له»، ونحن لسنا منزعجين، لان منهج ادارة العمل يعطي الناس حقوقهم، ويقدم ايضا عائدات مجزية في الخدمات. واشار رئيس لجنة التهجير العمومية الشعبية الى ان ولاية القضارف «تعمل على معالجة قضية المتأثرين بمسئولية وجد»، مضيفا : لا احد يريد ان يصبح الامر «مناصير تو»، وزاد: حجم التعويضات تعمل على تقريره لجنة عليا برئاسة والي الولاية، ومقررها وزير المياه والسدود ا، وحال الاتفاق عليها سيتم اقرارها بقانون وتصدر بقرار من رئيس الجمهورية. ولفت عبدالله الى ان مشروع ستيت ليس له قانون خاص بهذا الامر حتى الآن، يماثل القانون الذي اصدر لينظم اعمال رصيفه سد مروي. اي ان رئيس اللجنة الشعبية يدحض الارقام التي قدمها مدير تلفزيون القضارف السابق واحد المتأثرين بمنطقة «الصوفي البشير» ل» الصحافة»، حول مبالغ التعويضات. وهو ما يشي بانها تعبر عن اماني الاهالي، اكثر من كونها اتفاقاً ضمنياً بين الاطراف ذات الصلة حول قضية التعويضات. وعندما حاولت الصحيفة استقصاء مخرجات النقاش الدائر بالقضارف حولها، وصلت الى طريق مسدود، لان الجميع لا يريد استباق عمل اللجنة المعنية. لكن ما حرك الانتقادات حينها واثار حفيظة اصحاب المصلحة اكمال الوحدة لذلك الاستحقاق في فترة وجيزة امتدت من الثاني عشر من يناير 2010 وانتهت بنهاية ذات الشهر. وهو ما قوبل بالغضب من الاهالي بحسبان ان الفترة المحددة لانجاز عمليات الاحصاء غير كافية بحسب ما نقلت مصادر شعبية بالولاية، وقالت المصادر ان بعض الاهالي، قد تخطتهم اعمال الحصر، وهو ما يتفق مع ما نقله عن اهالي «الصوفي البشير» للصحافة عبد المعز العجب. غير ان نائب الوالي ووزير التنمية العمرانية الاسبق مبارك منير يقدم شهادة عن تلك الاعمال، تتنافى مع ما يقول العجب. ومبارك بحكم موقعه الحكومي السابق، عاصر بداية عمل السدود ل»حفظ وحصر حقوق الناس» كما يشير. ويؤكد نائب والي القضارف الاسبق ان العمل فى الحصر بدأ بطريقة صحيحة، لان ذلك كان كل ما يهمهم كحكومة ولاية كمواطنين فيها، وان وحدة السدود تعاونت معهم بصورة كبيرة حتى سار بتناغم وسلاسة، اخرست الكثير من الالسن، واسكتت المزايدات السياسية. واشار مبارك ان عمليات الحصر تمت بايدي ابناء الولاية، فيما اشرفت السدود عليها فقط، وان هذا التعاون كانت اهم مخرجاته رضا كبيرا بعمليات الحصر، وان احدا حينها فى الولاية لم يخرج ليحتج على عدم حفظ حقوقه او تجاهلها. وقطع نائب والي القضارف الاسبق مبارك منير بان اعمال الحصر شملت كل المنازل والاراضي الزراعية وتسجيلها، وان غاب ملاكها ساعتها، وان على المطالبين الآن فقط اثبات ملكياتهم لها. وذهب منير الى تأكيد اهمية المشروع المعني بقوله ان ستيت من ابرز المشاريع التنموية بشرق السودان،لانه يستهدف مناطق حرمت من التنمية خلال فترات طويلة، مشيرا ان اهل المنطقة ظلوا ينتظرون انجاز هذا المشروع منذ الخمسينيات، ولم ير النور الا الآن، وان علم اهل الاقليم بتلك الاهمية جعلهم يخصصون (100) مليون دولار من اموال التنمية له.ولفت نائب الوالي الاسبق الى ان التجاوب الذي يقدمه الاهالي يدلل على معرفتهم بفوائده واثره على المنطقة، لانهم يتوقون ، بحسب مبارك منير، لعائداته التنموية الكبرى