من الواضح ان العلاقات الثنائية بين السودان ومصر في طريقها للتحسن علي خلفية حدثين احدهما حكومي رسمي والآخر طوعي عربي ، الرسمي يتمثل في مخرجات زيارة وزير الخارجية علي كرتي ونتائجها التي لخصها للسيد رئيس الجمهورية وتهدف الي تعزيز اتفاقات سابقة كانت قد وقعت مع نظام حسني مبارك « الحريات الاربع » واخري تتعلق بفتح ابواب الاستثمارات الزراعية امام رؤوس الاموال والمزارعين المصريين للاستفادة من برامج النهضة الزراعية المعلنة من قبل السودان ، اما الحدث الثاني الذي يصب لمصلحة تفعيل العمل الزراعي الانتاجي بما يفضي الي خلق مساحات من الأمن الغذائي بين البلدين فقد بادرت به مشكورة المنظمة العربية للتنمية الزراعية من خلال الرعاية والعمل علي عقد اجتماع عالي المستوي ضم الي جانب ممثلي وزارة الزراعة بالخرطوم خبراء من وزارة الزراعة المصرية لاعداد وثيقة مشروع مشترك بين السودان ومصر يهدف الي تعزيز الامن الغذائي للدولتين عبر الاستفادة من خبرات المزارعين المصريين وادخال واستخدام البذور المحسنة لانتاج محاصيل مطلوبة مثل القمح والذرة الشامي تمهيداً لتقديم وثيقة المشروع بعد الموافقة عليها من الطرفين الي الصندوق الدولي للسلع والي الجهات المانحة الاخري عوضاً عن ضمان تنفيذ المشروع في كلا البلدين وتشغيل اكبر عدد من المزارعين . ان الأمن الغذائي يبقي من الاولويات القصوي في زمن الأزمة الاقتصادية والمالية التي ضربت العالم وما تزال اثارها تتري وتنعكس علي حياة الناس خصوصاً فيمايلي اسعار المواد الغذائية وبما ان السودان هو سلة غذاء العالم افتراضاً فان تفعيل الدور العربي في جعل هذه المقولة واقعاً يمشي علي الارض يبقي اكبر التحديات وحول هذه الحيثية نعيد ونكرر القول ان المنظمة العربية للتنمية الزراعية تلعب دوراً مهماً في تدعيم السياسات الرامية الي تعزيز برامج النهضة الزراعية الوطنية من خلال المبادرات التي يقوم بها مشكوراً معالي د. طارق بن موسى الزدجالي مدير عام المنظمة، فقد علمنا انه قاد عملية المقاربة بين وزارتي الزراعة في البلدين بما يقود الي منفعة البلدين وتساهم منظمته في مكونات وتنفيذ مشروع الامن الغذائي وهو عمل ليس جديداً علي المنظمة فقد ساهمت علي المستوي المحلي وقبل اسابيع في تسريع خطوات تنفيذ مشروع تنمية النساء الريفيات في ولايات دارفور كجزء من برنامج تنفذه المنظمة علي المستوي الاقليمي يهدف الي تنمية المجتمعات الريفية التنمية المستدامة المتكاملة وهو كتاب عريض نحتاج الي مساحات اوسع لاستعراضه تفصيلياً بيد انا هنا نكتفي بما حققته الزيارة التي نفذها مؤخرا وفد رفيع من المنظمة العربية للتنمية الزراعية الي مناطق جبل مرة وكاس وقريبة ونيالا وما تم فيها من تثبيت للاراضي المخصصة لتشييد المدارس النسائية الريفية بنيالا ومتابعة الانشطة المشتركة مع وزارة الزراعة مثل زراعة الفواكه كالزيتون والعنب والتفاح، فهي قطعاً انشطة تساهم الي جانب التنمية الزراعية والريفية في الاستقرار المنشود والامن البشري في ولايات دارفور وهو دور كبير محمود يستحق الناشطون فيه اوسمة وانواط الانجاز الخيري من الدرجات الرفيعة . ان ما يهمنا هنا هو التركيز علي ضرورة تسريع وانجاز مشروع الامن الغذائي المشترك بين مصر والسودان ، فالقطران يعانيان من أزمة اقتصادية طاحنة خصوصاً مصر التي خرجت من « الثورة » لتكتشف ان خزائنها خاوية بعد ان قضي نظام مبارك علي الاخضر واليابس وخلف اقتصادها وراءه جثة هامدة ، ان القائمين علي برنامج النهضة الزراعية يجب ان يستفيدوا من المشروعات التي تبتكرها وتنفذها بروح عالية وجودة معروفة للمنظمة العربية للتنمية الزراعية فها هنا يسير ويمضي قطار من العمل الصادق الذي يستحق التشجيع والدعم والمؤازرة .