جاءت التشكيلة الوزارية للسطة الاقليمية فى دارفور والتى أعلنت اخيرا مشتملة فى أغلبها على عناصر من (التكنوقراط) وهى تشكيلة غالبا لها مقتضياتها وما يبررها ،ففى معرض حديثة إبان توقيع وثيقة سلام دارفور قال د. التجانى سيسى محمد اتيم رئيس حركة التحرير والعدالة ورئيس السلطة الإقليمة بدارفور حاليا (إن ما تم إنجازه يسع الجميع ليس فيه تخصيص لأحد ، هدفه بناء دارفور جديدة ،تسخر لها كل القدرات والخبرات والهمم) هذه الجملة بمثابة خارطة طريق تلخص منهج وفكرة كبيرة شاملة وماعون يستوعب القدرات والخبرات والهمم ويحدد المعايير لصياغة دارفور جديدة ، ذلك الحلم الكبير الذى ظلت تحلم به القاعدة العريضة من اهل دارفور بتنوعهم وباختلافاتهم وانتماءاتهم . وحين تصبح الوثيقة كائنا يتنفس على ارض الواقع فإن أول ما تستند عليه هو الجهاز التنفيذى والذى أعلن عنه اخيراَ وفق المراسم الجمهورية التى شملت تعيين وزراء للسلطة الإقليمية ومفوضين لأربع مفوضيات ،وحين جاء التعيين شمل نفرا كريما من ابناء دارفور ذوى خبرات ومهنية ودراية علمية . بارك التشكيلة البعض وبعض نظر اليها بشئ من حتى ولم يرضَ عنها بعض آخر وكل له رؤيته ومسوغاته بالطبع وهذا امر متوقع طالما ان اهل دارفور تشكلهم قاعدة عريضة تتكون من اثنيات متعددة وثقافات متنوعة ومشارب مختلفة وولاءات عشائرية وحزبية عدة وانتماءات فئوية ونوعية ومهنية متعددة،ولأن المناصب محدودة والقاعدة عريضة والمشارب والتوجهات والإنتماءات كثيرة، فإن المحك محك ومرحلة التحديات تتطلب الموضوعية ولا تقبل المحاولة والخطأ والتجريب فالمهددات تحيط بسلام دارفور من كل جانب ويزيد الطين بل اذا ما أطلت إى بذرات خلاف الى السطح، وفى جانب آخر فإن الإلتزام التزام ينبغى أن تضع له قيادة السلطة الإقليمية اعتبارا، للأصلاء والشركاء من الحركة أو المجتمع المدنى أو النازحين والشرائح النوعية والفئوية وحتى الصامتين الذين لم يتكلموا وكان عطاؤهم سريا فى سبيل استقرار وسلام دارفور منذ امد بعيد، رغم كل ذلك فإن الأمر يفرض إعطاء الأولوية فى الإختيار للكفاءة والشرعية العلمية والخبرة المهنية والالمام الميدانى وهذا الإتجاه لمجابهة تحديات تعيينات المناصب فيصل قاطع وهو ما يوصف (بالتكنوقراطية) وبمعناها الآخر حكومة الفنيين او الكفاءة المهنية والتخصص والخبرة والدراية والالمام بمهام الوزارة، ومن بعد ذلك تأتى معايير أخرى للمشاركة لتوفى بالعهود والالتزام تجاه الشركاء والاصلاء فى رحلة البحث عن السلام والمهام التى تحقق دار فور الجديدة . وقد استمرتشاور طال مداه من خلال لجان كان ناتجها تلك التشكيلة التى مهرها رئيس الجمهورية بقرارات التعيين رغم ما اعتراها من قصور فى تمثيل نسبة المرأة حسبما كان متفقا عليه ، وضمت التشكيلة امرأة واحدة هى الأستاذة آمنه هارون محمد على وزيرة لوزارة المالية والتخطيط الوطنى ، ورغم الانزعاج من ضعف تمثيل المرأة الا أن نوع التمثيل يمكن أن يكون فيه عدل لقدرات المرأة فى دارفور ، المرأة التى كانت عبر العهود الطويلة رائدة فى تأسيس قواعد المجتمع الدارفورى ومقوماته الاقتصادية والاجتماعية ومساهمتها التاريخية فى إرساء دعائم الحكم فى سلطنات دارفور وممالكها، وتشكيل ملامحها، وقد جسدت هذا الدور ميارم دار فورونساؤها فى تلك الحقب ومن ثم انداح المصطلح فى الوقت اللاحق واصبح يرمزللنساء فى دارفور ذوات القدرات العالية او(الفالحات) ويقصد بهن المبدعات المدبرات صاحبات المبادرات و(النجيضات) والنجاضة هناك تعنى الفراسة والنباهة ،والرائدات والقائدات واللائي يجدن فنون طهى الطعام وحتى النازحات بتضحياتهن ودورهن اثبتن ان المرأة فى دارفور هى دائما فى المقدمة .وفقا لمعايير الكفاءة والمهنية والتخصص (التكنوقراطية) مع توفر بعض الأسس الاخرى اللازمة للوزارة كالقدرة على حل المشكلات وقوة الشخصية واتخاذ القرارات، فقد جاء تعيين الاستاذه آمنه هارون ووجد بناءً على ذلك رضا وقبولا فى او ساط عديدة خاصة من بنات دارفور، ذلك لان فى تعيينها فى موقع بحجم وخطورة مهام وزارة المالية والتخطيط إعتراف بقدرات المرأة الدارفورية( الميرم التكنوقراطية) . في كلمات موجزة، فإن الأستاذة آمنه هارون هى أول ضابطة إدارية من دارفور،من مواليد مدينة الفاشر، بدأت حياتها العملية فى مطلع الثمانينيات بولاية شمال دارفور ،تلقت تعليمها الأولى والأوسط بمدينة الفاشر، والثانوى بالجنينة ،درست الإقتصاد بجامعة الخرطوم، ونالت درجة الماجستير من اكاديمية السودان للعلوم الإدارية بالخرطوم. تلقت دورات تدريبية متقدمة فى الإدارة والتخطيط والتنمية خارج السودان بكل من امريكا والمانيا ودول عربية وافريقية ،حضرت مؤتمرات فى المجال بالداخل والخارج ،شاركت فى وضع الخطط الإستراتيجية ومشروعات التنمية بالسودان بولاية شمال دارفور وولاية الخرطوم .شاركت فى معظم منابر سلام دارفور بالداخل والخارج آخرها ضمن مجموعة المجتمع المدنى بالدوحة . كان لطبيعة مهنتها وخبرتها الطويلة فى العمل فى الجهاز الادارى التنفيذى فى السودان بولاية شمال دارفور وولاية الخرطوم دور اساسى جعل منها كادرا قياديا اداريا اقتصاديا متخصصا، الى جانب مؤهلاتها العلمية والتدريبية وهو الأمر الذى مكنها أن تدخل فى مضمارالترشيحات للمناصب الاستراتيجية لسلطة دارفور. مايهم ان المرحلة القادمة مرحلة تحدٍ حقيقى، ولابد ان تجد الوزيرة كامل السند والدعم من نساء وبنات دارفور ذوات الخبرات والمهنية المستنيرات، وان يقفن خلفها ويدعمنها بآرائهن وجهودهن ،فالتحدى هو تحدٍ للمرأة فى دارفور يجب ان تجتازه، وكل نجاح يعزز دورها التاريخى فى الريادة ويشكل مدخلا جديدا حيويا للمزيد من الحصول على مواقع قرار ترفع قدرها وتكون به قادرة لتسهم فى خلق فرص حقيقية لتطوير انسان دارفور وتنميته واستقراره،وان يكون فى تعيينها دافعا للمطالبة بما تبقى لهن من حقوق وفق صيغ موضوعية تسمو بهن فوق الاختلافات والخلافات الضيقة .