ازدياد في حالة التعقيد للمسرح السياسي السوداني سيلقي بظلاله على المشهد الانتخابي بأكمله في ظل التداعيات التي اعقبت حالة الانسحابات من السباق الرئاسي الذي ابتدره مرشح الحركة الشعبية ياسر عرمان في خطوة بدت مفاجئة للكثير من المتابعين، بل حتى لبعض منسوبي الحركة الشعبية انفسهم خطوة عرمان كانت مدخلا لخطوات قادمة في نفس الطريق جاءت هذه المرة عبر كل من الصادق المهدي مرشح حزب الامة القومي ومحمد ابراهيم نقد مرشح الحزب الشيوعي ومبارك الفاضل مرشح الاصلاح والتجديد وحاتم السر مرشح الحزب الاتحادي الديموقراطي الاصل مبررين خطوتهم بعدم توافر الظروف الموضوعية لخوض غمار التنافس الانتخابي الذي يتطلب وجود النزاهة والشفافية واستقلالية المفوضية ، مؤكدين في الوقت نفسه استعدادهم لمراجعة الموقف في حال تغير الواقع وتوافرالشروط المطلوبة والمحققة للنزاهة معلنين رفضهم التام للمشاركة في انتخابات مشوهة وجزئية في المقابل لم يحسم المجتمعون موضوع المقاطعة من عدمها فيما يتعلق بمستويات العملية الانتخابية الاخرى. واحدث الموقف من المقاطعة شرخا داخل قوى جوبا حيث أعلن كل من المؤتمر الشعبي والتحالف السوداني وحزب المؤتمر السوداني استمرارهم في التنافس بالرغم من تأكيدهم على عدم نزاهة العملية موضحين هدف مشاركتهم من اجل تعبئة الجماهير وتسجيل الخروقات التي تواجه العملية الانتخابية .ومن جانبهم اعلن بقية المرشحين للمنصب خوضهم للتنافس من اجل المساهمة في عملية التحول الديمقراطي ومن اتجاهه اعلن الموتمر الوطني استمرار العملية دون تأجيل اوتعطيل وهو الرأي الذي تتخذه المفوضية من خلال تأكيدها على قيام الانتخابات وبمن حضر واستمرار الاستعدادات الفنية واللوجستية المتعلقة بها. في ظل الواقع السياسي السائد بالسودان والتي تمثل الانتخابات احدى استحقاقاته وتتداخل مع استحقاق الاستفتاء لجنوب السودان والمناطق الثلاث ويتداخل ذلك مع خطوات السعي لايجاد تسوية لازمة دارفور وقبل كل هذا عملية انجاز آلية جديدة لتداول السلطة كمدخل لعملية التراضي الوطني وطموحات الاطراف وآمالها من العملية الانتخابية وتحديدا الحزب الحاكم في محاولته المستميتة لخلق شرعية دستورية تمكنه من الامساك بمقاليد الامور واستمراره في السلطة لمواجهة الخارج وفق مكونات جديدة تؤكد التزامه بالديمقراطية كمنهج جديد والتزامه بتنفيذ تعهداته، الا ان تلك الامور قد تتقاطع مع مايحدث الآن من مواقف متباينة من قبل القوى السياسية حول الانتخابات ستساهم في عملية رسم سيناريوهات جديدة للمشهد باأكمله وستلقي بآثارها على العملية برمتها. والصحافة ستحاول قراءة المشهد ومستقبل العملية السياسية في اعقاب الانسحاب. مرشح الحزب القومي الديمقراطي الجديد لمنصب رئاسة الجمهورية والمستمر في سباق التنافس اكد للصحافة في اتصال هاتفي من الدلنج حيث يقوم بعملية التبشير ببرنامجه الانتخابي استمراره في الترشح من اجل المساهمة في عملية التغيير التي لن تتم مابين ليلة وضحاها بل تحتاج لجهد متتابع وهذا مانفعله نحن وفيما يتعلق بتاثيرات الانسحاب يقول شيخ الدين انها ستحدث ارباكاً في العملية ككل وبالرغم من تأكيدنا على غياب النزاهة في تعاطي المفوضية مع العملية الاان هذا ليس مبرراً للانسحاب من العملية الانتخابية الا ان هذا الارباك يمكن تلافيه وخصوصا ان الوقت غير مناسب لاتخاذ مثل هذه الخطوة، فالذين قاموا بتقديمك للمنصب لهم حق المشاورة ويرفض منير الدعاوي التي تنعتهم بمانحي الشرعية لمرشح الوطني مؤكدا علي استقلاليتهم التامة وقدرتهم علي المنافسة الكبيرة مقللا في الوقت نفسه من حجم التاثيرات علي استمرارية الانتخابات والتي تم التاكيد علي قيامها وفق الجدول الزمني مشيرا لمايحدث بانه مواقف سياسية تخص الذين اتخذوها فقط في ظل سيادة حالة الصراع القديم الذي يؤخر ولايقدم وهو مانسعي لتجاوزه من خلال المشاركة من اجل التأطير لمنهج سياسي فكري جديد وفق خطوات علمية وموضوعية تجعل من الوطن والحفاظ على وحدته على قمة هرم الاولويات بعيدا عن المكاسب الحزبية الضيقة ،مشيرا في خاتمة حديثه لان السيناريو القادم هو الذي سترسمه رغبة الشعب السوداني من خلال المشاركة في عملية الاقتراع التي بموجبها سيتم تحديد من الذي يحكم ومن الذي يعارض في المرحلة القادمة مضيفا لاخيار سوى قيام الانتخابات وبمن حضر وهو الامر الذي يفرضه الواقع السياسي بالسودان يحكمه دستور نيفاشا الذي لاتراجع عنه بشهادة المنسحبين انفسهم. من جانبه ينطلق استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين الدكتور محمد حمدنا الله في تحليل تأثيرات الانسحابات على التحول الديمقراطي باعتباره هدفا يسعى الجميع لانجازه من خلال تحليل مكونات التفاعل داخل المسرح السياسي الذي يتحرك الفاعلون فيه وفق مؤشر نيفاشا وما افرزته من تداعيات وهو الامر الذي يستوجب تناول طبيعةالعلاقة مابين شريكي نيفاشا المؤتمر الوطني والحركة الشعبية وبقية القوى الاخرى. ويرى حمدنا الله ان الخطوة التي تم اتخاذها من قبل الحركة الشعبية هي تأكيد لتلك العلاقة وتعبير عن حالة التناسق مابينهم ويرى ان الانسحاب من العملية الانتخابية ومن سباق الرئاسة امر سيكون له تأثيره على مستوى التنافس الذي انتفى بغياب القوى التي يمكن وصفها بالمؤثرة سياسيا الامر الذي يفتح الباب واسعا امام مرشح الوطني بالفوز وربما من الدورة الاولى وهو الامر الذي يعيد التساؤلات حول مستقبل الواقع السياسي في اعقاب انتهاء العملية الانتخابية والتي لن يؤثر الانسحاب عليى جوانبها الفنية والتي وصلت لمراحل متقدمة من قبل المفوضية الا ان الامر ستكون له تأثيراته على المشاركة نفسها والتي ربما تتأثر في اعقاب القرارات والتي فاجأت الكثيرين وتوضح بجلاء انتصار التيار الانفصالي للحركة الشعبية وتأثيره وخضوع قياداتها لضغوط المؤتمر الوطني وربطه للانتخابات بالاستفتاء وفيما يبدو ان المسألة تجد مباركة من الولاياتالمتحدة في عملية ربط لماحدث بتحركات المبعوث الامريكي غرايشون. ويرى حمدنا الله ان رسم سيناريوهات المستقبل يمكن قراءتها بشكل واضح في اعقاب استجلاء موقف القوى المعارضة من المشاركة في المستويات الاخرى وفيما يتعلق بعودة المنسحبين للسباق من جديد يرى انها لن تكون ذات جدوى بعد حالة القطيعة مع الجماهير وستجد نفسها تعود لمرحلة الصفر في ظل ضيق الزمن المتبقي على الاستحقاق الانتخابي وفي ظل الرفض القاطع للتأجيل. سيناريو جديد رسمته قرارات المقاطعة من قبل بعض قوى جوبا في آخر محطات العملية الانتخابية فتح الباب واسعا للتكهنات بوجود صفقات سياسية ومعه تناثر حبيبات نظرية تشتيت الاصوات والتي اصبحت في طريقها نحو كنانة الوطني في اعقاب تصريحات سلفاكيربالبحيرات ومطالبة انصار الحركة بالتصويت للبشير رئيسا للجمهورية من اجل استمرار تنفيذ اتفاقية السلام وتدشين الشراكة في نسخة مابعد الانتخابات.